أنانية إثيوبية.. إجراءات مصر في حال تفاقم أزمة سد النهضة

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تصريحات قوية، أطلقها وزير خارجية مصر، سامح شكري، اليوم، تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، وبعد لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي، طالبت مصر مجلس الأمن الدولي القيام بمسؤولياته، ومنع إثيوبيا من البدء في ملء خزان سد النهضة دون اتفاق يراعي مصالح دولتي المصب.

التحركات المصرية في أزمة سد النهضة الإثيوبي، اتسمت طوال سنوات ماضية، وإلى الآن بالعقلانية والقرار المنضبط دون الركون إلى الانفلات في التصريحات الإثيوبية التي لجأت إلى العنترية والتخبط والاستفزاز للجانب المصري في مراحل المفاوضات والتهرب في أحايين أخرى من الالتزامات.
 
واعتبر شكري، في مقابلة مع “أسوشيتد برس”، أن “مسؤولية مجلس الأمن تتمثل في معالجة تهديد وثيق الصلة بالسلم والأمن الدوليين”، مشيرا إلى أن “الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في هذا الصدد ستخلق مثل هذا التهديد”.

وحذر وزير الخارجية المصري من أن “ملء خزان السد دون اتفاق من شأنه أن ينتهك إعلان المبادئ لعام 2015، والذي يحكم محادثات الدول الثلاث، ويستبعد العودة إلى المفاوضات”.

يأتي هذا في ظل إصرار إثيوبيا على ملء السد في شهر يوليو المقبل منفردة دون اتفاق على شروط وتوقيت الملء بما يهدد مصالح وحياة شعوب دول المصب مصر والسودان.

خيار عسكري

وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في تصريحات لوكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، اليوم الإثنين، إن حكومة بلاده لم تهدد بعمل عسكري، وسعت إلى حل سياسي، وعملت على إقناع الشعب المصري بأن إثيوبيا لها الحق في بناء السد لتحقيق أهدافها التنموية، مشددًا على أن مصر “لم تقم مطلقًا خلال السنوات الست الماضية بالإشارة بشكل غير مباشر إلى مثل هذه الاحتمالات”.

لكن سامح شكري قال إنه إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات وبدأ ملء السد، “فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه”. وتابع قائلًا: “عندما يحين الوقت، سنكون صريحين وواضحين للغاية في الإجراء الذي سنتخذه”.

ودعا الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين، إلى جانب الدول الأفريقية، للمساعدة في التوصل إلى اتفاق “يأخذ في الاعتبار مصالح الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا”.

تحركات أنانية

وردًا على تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارغاشيو التي قال فيها: إن ملء السد سوف يبدأ مع موسم الأمطار في يوليو، متهمًا مصر بمحاولة “فرض إملاءات والسيطرة حتى على التطورات المستقبلية على نهرنا”، أوضح شكري أن إثيوبيا تتراجع عن النقاط المتفق عليها من قبل.

واسترسل قائلًا: “كنا في كثير من الأحيان مرنين ومتساهلين، لكن لا يمكنني القول إن هناك إرادة سياسية مماثلة من جانب إثيوبيا”.

ووصف تصريحات أندارغاشيو بأنها “مخيبة للآمال”، مشيرًا إلى أن البدء في ملء الخزان الآن سوف يثبت أن هناك “رغبة في التحكم في تدفق المياه وأن يكون هناك متحكم وحيد مؤثر في المياه التي تصل إلى مصر والسودان”.

وأعلن وزير خارجية إثيوبيا، غيدو أندارغاشيو، يوم الجمعة الماضي، أن بلاده ماضية قدمًا في ملء سد النهضة الشهر المقبل، سواءً بالاتفاق مع مصر أو دونه، فيما ردت مصر وقررت رسميًا تقديم طلب إلى مجلس الأمن للتدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية تنفيذا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي.

ملف المفاوضات

فيما قال وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس: إن “السودان ما زال يتمسك بموقفه الثابت من أن المفاوضات هي أنجح السبل للتوصل إلى تفاهمات بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي”.

وأكد ياسر عباس أن “الجانب السوداني بذل مجهودًا بإخلاص ولم ييأس في التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث”، مشيًرا إلى أن “السودان لجأ إلى أن يرفع الأمر لرؤساء الدول بعد أن شعر بعدم وجود تقدم في النواحي القانونية على مستوى وزراء المياه، والتي قال إنها تحتاج لقرار سياسي”.

تحذير

حذر ويليام دافيسون، الخبير في مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، من الآثار الجانبية لسد النهضة الإثيوبي على أديس أبابا نفسها، مشيرًا إلى أن مواصفات السد بوضعها الحالي تهدد بانهياره عند ملء الخزانات.

وقال دافيسون -بحسب ما نشرته وكالة آفي الإسبانية- إن إثيوبيا عليها أولاً ملء الخزانات بشكل احترازي واختبار قدرات السد عملياً، مشيراً إلى أن كفاءة التوربينات لم يتم اختبارها ما يهدد بانهيار السد والتسبب في كارثة كبرى تطول إثيوبيا قبل أي بلد آخر مطل على النهر.

وأكد دافيسون لوكالة “إيفي” الإسبانية أن على إثيوبيا الحذر في الفترات الأولى من ملء السد، وذلك لاختبار التوربينات، مشيرًا إلى محاولات إثيوبيا لطمأنة شركائها في هذا الشأن”.

وأشارت الوكالة الإسبانية إلى أن إثيوبيا بدأت بناء السد عام 2011 في منطقة جوبا، الواقعة في القرن الأفريقي، وتبلغ تكلفته 70% ويقدر بحوالي 5 مليار دولار.

وأشارت الوكالة إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية أصدرت بيانًا في فبراير الماضي، أكدت فيه أن الاختبارات النهائية وملء السد لا يجب أن تتم بدون اتفاق بين الدول المجاورة.

خطر التصحر

وحذرت صحيفة “إنتر إيطاليا” من مخاطر جسيمة لسد النهضة الإثيوبي، بمقدمتها موجة تصحر ستتزايد بمرور الوقت حال البدء في ملء خزانات السد، مؤكدة في تقرير لها أن أول المتضررين من تلك الموجة ستكون إثيوبيا نفسها.

وأضافت الصحيفة أن سد النهضة سيترك النظام البيئى مجالا لنظام إيكولوجى مائى، وسيتم حرمان السكان المحليين من الغابات كمصدر للغذاء والنباتات ومواد البناء، وهى عناصر أساسية فى أثويبيا مهددة من قبل سد النهضة.

وأشارت إلى أن تنفيذ مشروع سد النهضة أثر أيضا على 20 ألف شخص، الذين تم إجلاؤهم من المكان لبنائه، بالإضافة إلى أن السد أيضا سيتسبب في كارثة حقيقة لأثيوبيا وهي اختفاء النباتات الطبية التي يتم استخدمها للعلاج وصناعة الأدوية.

وتابعت الصحيفة أن إثيوبيا ستملأ السد على مدار 7 سنوات، وهي مسلطة الأضواء على الكهرباء وتتجاهل الآثار الجانبية الخطيرة التي ستؤثر على البلد الأفريقي بشكل سريع، ومن أهمها اختفاء النباتات والغابات.

وتخشى مصر التي تعتمد على النيل في أكثر من 90% من إمداداتها المائية، “التأثير المدمر” لتشغيل السد دون مراعاة احتياجاتها، وخصوصا بعد أن قالت إثيوبيا إنها تريد البدء في ملء خزان السد مع بداية موسم الأمطار، مشيرة إلى أن الكهرباء التي سيولدها السد الذي بلغت تكلفة تشييده 4.6 مليون دولار، “شريان حياة حاسم” لانتشال ملايين من سكانها من الفقر.

وتتمثل النقاط الشائكة في المحادثات في كمية المياه التي ستطلقها إثيوبيا في اتجاه مجرى النهر من السد في حالة حدوث جفاف ممتد لعدة سنوات.

وفي الأسبوع الماضي، غرد مجلس الأمن القومي الأمريكي على تويتر قائلا: إن “257 مليون شخص في شرق أفريقيا يعتمدون على إثيوبيا لإظهار قيادة قوية، وهو ما يعني إبرام صفقة عادلة”.

ربما يعجبك أيضا