أوراسيا ريفيو | الحد من التوترات في الشرق الأوسط قد يقلل الطائفية ويفتح الأبواب أمام النساء

آية سيد

ترجمة: آية سيد

يوضح تطوران منفصلان يشملان تحسن العلاقات بين المسلمين السُنة والشيعة والحقوق الرياضية للمرأة، حدوث تحولات كبرى في كيفية سير المنافسة على قيادة العالم الإسلامي والمنافسة لتعريف الإسلام في القرن الحادي والعشرين، في عالمٍ لم يعد بوسع الدول الشرق أوسطية الاعتماد على قدوم الولايات المتحدة للدفاع عنها.  

تندرج التطورات في جهد إقليمي لدول محافظة تُبقي على الوضع الراهن وهي السعودية والإمارات ومصر، وأنصار الأشكال المختلفة من الإسلام السياسي، وهم إيران وتركيا وقطر لإدارة وليس حل خلافاتهم في محاولة لضمان ألا تخرج عن السيطرة. حققت الجهود أكبر نجاح بإنهاء المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية التي استمرت لثلاث سنوات ونصف بقيادة السعودية والإمارات ومصر لقطر.

تدل تحركات المصالحة أيضًا على وجود ضغط على اللاعبين الشرق أوسطيين فيما يرقى إلى معركة على روح الإسلام لتغيير التصورات عن المنطقة بأنها تمزقها الحروب الأهلية، والتوترات الطائفية، والتطرف، والجهادية، والاستبداد. إن تغيير هذا التصور مهم من أجل التطبيق الناجح لخطط تنويع الاقتصادات المعتمدة على صادرات النفط والغاز في الخليج، وتنمية الدول فقيرة الموارد في المنطقة، ومعالجة الأزمة الاقتصادية في تركيا، وتمكين إيران من التغلب على العقوبات الأمريكية التعجيزية.

وأخيرًا، هذه التطورات نذير بالمرحلة التالية من المنافسة على القوة الناعمة الدينية وقيادة العالم الإسلامي. في انفصال عن العقد الماضي، التصريحات النبيلة التي تُمجّد تبني الإسلام للتسامح، والتعددية واحترام حقوق الآخرين التي لا تُتبع بأفعال لم تعد تحظى بأي تأثير. وعلى نحو مماثل، يحتاج أنصار التعبيرات المحافظة اجتماعيًّا للإسلام السياسي لأن يتبنوا درجات من الاعتدال والتي كانت حتى الآن سبب الحفاظ على خصومهم الذين يفضّلون الوضع الجيوسياسي السابق.

إن تلك المرحلة التالية من المعركة تتشكل ليس فقط بالشكوك بين حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط حول مصداقية الولايات المتحدة كضامن للأمن، والتي يعززها انسحاب أمريكا من أفغانستان. إنها تسترشد أيضًا بإدراك أن لا الصين ولا روسيا تستطيعان محاولة (أو ستحاولان) حل محل مظلة الدفاع الأمريكية في الخليج.

إن ملعب المعارك المتغير تحدده أيضًا الانتكاسات التي تكبدها الإسلام السياسي بداية من 2013 الذي شهد الإطاحة بمحمد مرسي، العضو في جماعة الإخوان المسلمين، وأهلك جماعة الإخوان المسلمين. ومؤخرًا، عانى الإسلاميون السياسيون من هزيمة انتخابية ساحقة في المغرب وشهدوا السيطرة على السلطة في تونس على يد الرئيس قيس سعيد.

كشف استطلاع للرأي العام التونسي والذي نُشر للتو أن 45% ممن شاركوا في الاستطلاع يُحمّلون راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإسلاموي، مسئولية الأزمة التي تعاني منها البلاد وقال 66% إنهم لا يثقون في الحزب.

أضافت خصومات الشرق الأوسط والأوضاع المتغيرة أهمية كبرى إلى الزيارة المخططة في الأسابيع القادمة إلى النجف، مركز الحوزة العلمية الشيعية في العراق وموطن المرجع الشيعي ذا الـ91 عامًا، آية الله العظمى علي السيستاني، من طرف أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أكبر مؤسسة تعليمية تاريخية للإسلام السُني.

تأتي الزيارة على خلفية المحادثات التي تتوسط فيها العراق بين السعودية وإيران، المركزين الرئيسيين لفرعي الإسلام الأساسيين، والتي تهدف إلى تهدئة التوترات بينهما التي تتردد أصداؤها في جميع أنحاء العالم الإسلامي. من المرجح أن تساعد المحادثات القوتين الإقليميتين على إدارة خلافاتهما وليس حلها.

كانت الخصومة تتميز بالخطاب المناهض للشيعة، المتستر وراء الدين ومستلهم من السعودية، والعنف في عدد محدود من الحالات والمخاوف الإيرانية المتعلقة بالأقلية السُنية في البلاد واختيارها لاستراتيجية ترتكز على الوكلاء الشيعة في دول ثالثة ودعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

كانت الطائفية السعودية والإيرانية تنطوي على تصور الأقليات الشيعية في السعودية والدول الأخرى ذات الأغلبية السُنية، والسُنة في إيران والعراق بعد الإطاحة بصدام حسين في 2003، كأشخاص غير مرغوب بهم.

تهدف زيارة الإمام الطيب، وهي علامة على تحسن العلاقات المصرية – العراقية التي كانت متوترة لفترة طويلة، وكذلك أيضًا الاجتماع اللاحق المحتمل بين الشيخ السُني، وشيخ شيعي آخر بخلاف آية الله السيستاني، الذي أصبح مُسنًّا ولا يستطيع السفر، والبابا فرانسيس، إلى وضع الطائفية جانبًا. التقى آية الله السيستاني بالبابا فرانسيس أثناء زيارته للعراق في شهر مارس.

تحظى الزيارة بأهمية إضافية في أعقاب التفجير الانتحاري الذي وقع هذا الأسبوع في مسجد للهزارة الشيعة بمدينة قندوز شمال أفغانستان والذي أسفر عن مقتل 50 شخصًا على الأقل وإصابة 100 آخرين. أعلن الفرع الجنوب آسيوي لداعش، داعش-خراسان، مسئوليته عن الهجوم، وهو الأسوأ منذ وصول طالبان إلى السلطة في أغسطس. من المرجح أنه كان مُصممًا لإشعال التوتر بين الجماعة السُنية والهزارة الذين يمثلون 20% من الشعب الأفغاني.

من المرجح أن تتبع زيارة الإمام الطيب إلى النجف زيارة من محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي ذات الهيمنة السعودية. كانت الرابطة وسيلة رئيسية لنشر النزعة المحافظة – المتطرفة السعودية المناهضة للشيعة. ومنذ وصول ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة، أعاد تشكيل الرابطة لتصبح أداة لعرض مفهومه الغامض عن الإسلام “المعتدل” الذي تسيطر عليه الدولة والذي يتسم بالتسامح والتعددية.

في سياق مماثل، فاجأ الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي الكثيرين بالسماح للنساء بدخول ملعب آزادي لحضور تصفيات كأس العالم بين إيران وكوريا الجنوبية. إيران هي الدولة الوحيدة التي تمنع النساء من حضور الأحداث الرياضية الخاصة بالرجال، وليس من الواضح إذا ما كانت الخطوة إجراء لمرة واحدة أم إنها تشير إلى تخفيف أو رفع الحظر.

يُعتقد أن رئيسي يراها طريقة لحشد الدعم المحلي وتحسين صورة الجمهورية الإسلامية في الصين وروسيا وفي الغرب، ولا شك أنه لاحظ أن الصين وروسيا انضمتا إلى الولايات المتحدة، وأوروبا، وغيرهم في الضغط على طالبان في أفغانستان للاعتراف بحقوق المرأة.

من المؤكد أن النساء في إيران يتمتعن بحقوق التعليم والالتحاق بالجامعات، ويمكنهن شغل مناصب رفيعة في الشركات والحكومة حتى لو ظلت إيران مجتمعًّا أبويًّا، غير أن الحظر المفروض على النساء في الملاعب، مصحوبًا بالتشادُر، الثوب الذي يغطي الرأس إلى القدمين، أصبح يهيمن على تصور سياسات إيران المتعلقة بنوع الجنس.

إن السماح للنساء بحضور تصفيات كأس العالم يشير إلى درجة من المرونة من جانب رئيسي. خلال حملته الرئاسية، جادل رئيسي بأن السماح للنساء بالدخول إلى الملاعب لن يحل مشكلاتهن، وهذا يُظهر أيضًا أن الحكومة، في ظل سيطرة المتشددين على كل الفروع، يمكنها إزالة الجوانب الصارمة من حكمها الإسلامي أسهل بكثير مما استطاع الإصلاحيون، أمثال سلف رئيسي “حسن روحاني” فعله.

السؤال الآن هو: إذا ما كانت هذه هي نية رئيسي؟ ربما يختبر ردة الفعل من خلال مباراة كرة القدم هذا الشهر، الزمن وحده كفيل بالإجابة!

ربما تكون قفزة كبيرة إلى المستقبل القريب لكن، مثل زيارة الإمام الطيب إلى النجف، فإنها تشير إلى أن تهدئة التوترات الإقليمية تضع قدرًا أكبر من الأهمية على القوة الناعمة والتي تفرض بدورها ضغطًا من أجل التعبير الأقل حدة عن الدين.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا