أوكرانيا تُغرق أوروبا باللاجئين.. ما ملامح الكارثة؟

رنا أسامة

الحرب الروسية الأوكرانية قد تؤدي إلى أسوأ أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية وسط موجة نزوح جماعية إلى أوروبا.. هل استعدت القارة العجوز؟


بعد ساعات قليلة من بدء الحرب الروسية الأوكرانية، فر الأوكرانيون إلى شرق البلاد، في حين تدفق آخرون عبر الحدود الدولية إلى بولندا ودول أخرى وسط أوروبا.

سكان أوكرانيا البالغ عددهم 44 مليون نسمة، تُنذر التقديرات بنزوج جماعي هائل منهم يُغرِق القارة العجوز، قد يفضي إلى أسوأ أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية، مع تكاليف إنسانية وسياسية واجتماعية ضخمة، بحسب شبكة سي إن بي سي الأمريكية.

الأزمة الكبرى

السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، حذّرت من أن الحرب الروسية الأوكرانية قد تؤدي لنزوح 5 ملايين لاجئ أوكراني، في إحدى كُبريات الأزمات بالعالم، كما وصفتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

في عام 2020، أحصت المفوضية الأممية 6.8 مليون لاجئ وطالب لجوء نازح دوليًا من سوريا، إلى جانب 5 ملايين لاجئ فلسطيني وفنزويليي بسبب الأوضاع المُزرية، وبلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء الأفغان 2.8 مليون لاجئ في العام نفسه، بحسب مجلة فوربس الأمريكية.

عدد اللاجئين المُحتملين

تستعد حكومات ومنظمات إغاثة مجاورة منذ أسابيع لنزوج جماعي مُحتمل لأوكرانيين، فوفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فرّ نحو 100 ألف شخص من أوكرانيا بعد الغزو الروسي، وفي ديسمبر، قدّر وزير الدفاع الأوكراني بأن الغزو قد يجبر من 3 إلى 5 ملايين شخص على النزوح.

بحسب مجلة تايم الأمريكية، يتفوق عدد لاجئي الحرب الروسية الأوكرانية على أولئك الذين نزحوا خلال أزمة اللاجئين الأوروبية عام 2015، التي نزح خلالها قُرابة مليون لاجئ، معظمهم من سوريا والعراق وأفغانستان، لأوروبا، والـ1.5 مليون الذين نزحوا من داخل أوكرانيا بعد الضمّ الروسي لشبه جزيرة القرم في 2014.

من المعني برعاية النازحين؟

يرى خبراء أن عبء رعاية النازحين الأوكرانيين يقع في المقام الأول على عاتق منظمات المعونة الداخلية والدول الأوروبية المجاورة، إلى جانب الولايات المتحدة المعنية بتوفير الدعم اللوجستي والمالي والعمالي.

ويتواجد موظّفون أمميون حاليًا في أوكرانيا لمساعدة المدنيين، وقال متحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة لمجلة تايم: “نحن ملتزمون، جنبًا إلى جنب مع الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، بالبقاء وتقديم المساعدة بطريقة محايدة وغير متحيز، مع إعطاء الأولوية للضرورات الإنسانية”.

الوجهات الأولى للنازحين

يُتوقع أن تحصد الـ5 دول الحدودية مع أوكرانيا، “بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا ومولدوفا”، نصيب الأسد من اللاجئين، واستقبلت وارسو، المُشتركة في حدود برية طولها 530 كيلومترًا مع كييف، مئات اللاجئين برًا اليوم (الجمعة).

بحسب بيانات موقع شنجن فيزا إنفو في ديسمبر الماضي، أصدرت بولندا حوالي 300 ألف تأشيرة إقامة مؤقتة لأوكرانيين في السنوات الأخيرة، وتشير تقديرات إلى نزوح مليوني أوكراني إلى بولندا منذ ضم شبه جزيرة القرم، وأعلنت مولدوفا استقبال 4 آلاف لاجئ أوكراني بعد ساعات من بدء الحرب، وتتوقع كلًا من رومانيا المجاورة مئات آلاف اللاجئين، وسلوفاكيا والتشيك عشرات الآلاف، وتستعد المجر لاستقبال 600 ألف شخص.

موقف الاتحاد الأوروبي

بخلاف مواقفه المناهضة للجوء في أزمات سابقة، رحّب الاتحاد الأوروبي باللاجئين الأوكرانيين، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بيان أمس (الخميس): “نأمل أن نشهد أقل عدد ممكن من اللاجئين، لكننا مستعدون تمامًا لاستقبالهم وهم موضع ترحيب”.

وأضافت أن الاتحاد سيزيد الدعم المالي لأوكرانيا، بالإضافة إلى 1.2 مليار يورو من المساعدات التي أعلنت عنها في 21 فبراير الجاري للمساعدة في استقرار البلاد، مبينةً أنه يحق للأوكرانيين البقاء في دول الاتحاد الأوروبي لمدة 90 يومًا بموجب تأشيرة محددة متاحة لهم منذ عام 2017.

هل تكفي استعدادت أوروبا؟

في حين رحّب مراقبون حقوقيون باستعدادت القارة العجوز لموجة النزوح الأوكرانية، يعتقد آخرون أنها ليست كافية في ضوء ازدواجية معايير دول أوروبا الوسطى بشأن اللاجئين، بحسب سي إن بي سي.

وأشارت الشبكة الأمريكية إلى تردد بولندا في عرض اللجوء خلال أزمة المهاجرين الأوروبية عام 2015، وفي الآونة الأخيرة، تحديدًا في عام 2021، صدّ حرس الحدود البولنديون بعنف موجة مهاجرين من كردستان العراق على الحدود البيلاروسية.

تحديات مماثلة

علاوة على ذلك، يُعتقد على نطاق واسع أن أزمة لاجئين عام 2015 عززت الحركة اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة في جميع أنحاء أوروبا خلال السنوات التي تلت ذلك.

ويمكن أن يشكل تدفق مماثل للمهاجرين، خلال الحرب الروسية الأوكرانية، تحديات مماثلة في بيئة محفوفة بالمخاطر بالفعل في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد، بحسب شبكة سي إن بي سي.

استعداد محدود

في حين لا يزال الوضع ضبابيًا مع رؤية غير واضحة لتداعيات موجة النزوح الأوكرانية المُحتملة، يُتوقع أن تأتي استعدادات دول الاتحاد الأوروبي محدودة في هذه المرحلة.

وقال نائب الرئيس الأول للتحليل الاستراتيجي بمركز الدراسات الأمريكي “ستراتفور”، روجر بيكر، لـ”سي إن بي سي”، إن الحكومات الأوروبية “تركز حاليًا على تدابير قصيرة المدى”.

هل تحدث أزمات اللاجئين فجأة؟

تُظهر الإحصائيات الرسمية أن أزمات اللاجئين لا تحدث فجأة، لكنها تنمو مع الوقت، في عام 2013، نزح 2.5 مليون من سوريا، و800 ألف من السودان وجنوب السودان، وشهدت الصراعات طويلة الأمد، كتلك التي يعيشها الفلسطينيون والأفغان، ركودًا بأعداد اللاجئين في العقد الماضي.

وإلى جانب 48 مليون نازح داخليًا، أحصت مفوضية اللاجئين الأممية ما مجموعه 82.4 مليون نازح قسريًا في العالم في عام 2020، وهو رقم قياسي ومضاعف عما كان عليه في عام 2010، في المقابل، بلغ معدل إعادة التوطين أدنى مستوى له  قياسي منخفض في عام 2020 بسبب جائحة كوفيد، ووجد قُرابة 35 ألف لاجئ وطالب لجوء سكنًا دائمًا في ذلك العام مقارنة بأكثر من 100 ألف في عام 2019، وفق فوربس.

ربما يعجبك أيضا