أوروبا تستعد لولاية ترامب الثانية.. ماذا يعني للناتو؟

«أوروبا في ظل إدارة ترامب».. إعادة هيكلة الأمن وتحديات المستقبل

شروق صبري
دونالد ترامب

أوروبا بحاجة للتحضير لمرحلة ما بعد ترامب، التي قد تتضمن انسحاب أمريكا من الناتو وإعادة هيكلة الأمن الأوروبي.


مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر 2024، قد تواجه أوروبا تحديات كبيرة إذا فاز  المرشح الجمهوري دونالد ترامب بولاية ثانية.

ترامب، الذي سبق انتقد بشدة حلفاء الولايات المتحدة في حلف الشمال الأطلسي (الناتو) ودعاهم لزيادة نفقاتهم الدفاعية، قد يأتي بسياسات أكثر تصادمية تجاه القارة الأوروبية، وحذر من أنه قد يشجع روسيا على اتخاذ إجراءات غير مقبولة ضد الدول الأوروبية التي لا تلتزم بزيادة إنفاقها الدفاعي، مما يضع أوروبا في موقف صعب ويهدد استقرار التحالفات الأمنية عبر الأطلسي.

العلاقات عبر الأطلسي

تحت إدارة ترامب الأولى، شهدت العلاقات عبر الأطلسي توترًا ملحوظًا، حيث كانت إدارته تدفع حلفاء الناتو لزيادة إنفاقهم العسكري وتخفيض الاعتماد على الدعم الأمريكي. في حال فوز ترامب بولاية ثانية، من المحتمل أن تزداد هذه الضغوط بشكل أكبر، حسب ما نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، اليوم الجمعة  6 سبتمبر 2024

ترامب لم يتردد في تهديد بقطع المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، وقد يطالب بإنهاء سريع للحرب، مما قد يتطلب من أوكرانيا تقديم تنازلات كبيرة لروسيا. كما أن ترامب لطالما تساءل عن قيمة الناتو، وقد يتخذ خطوات لتقليص الالتزام الأمريكي بالدفاع عن أوروبا، مثل تقليص المشاركة العسكرية الأمريكية أو حتى تقديم مقترحات مثل “الناتو النائم” التي تتضمن دعمًا لوجستيًا فقط.

سيناريوهات محتملة

إذا انسحبت الولايات المتحدة من قيادة الناتو، قد تواجه أوروبا أزمة أمنية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. بدون القيادة العسكرية الأمريكية، قد تنشأ خلافات بين الدول الأوروبية حول كيفية التعامل مع الأزمات مثل النزاع في أوكرانيا.

قد تشدد دول وسط وشرق أوروبا على دعم أوكرانيا للحفاظ على توازن القوى مع روسيا، بينما قد تفضل بعض الدول الغربية التوصل إلى تسوية مع روسيا لتجنب تصعيد الصراع.

استعدادات أوروبا لمواجهة الأزمة

لتحقيق أفضل استعداد، يجب على الدول الأوروبية والمؤسسات البدء في التخطيط الآن لمواجهة احتمالية انسحاب الولايات المتحدة.

من الضروري أن تكون أوروبا مستعدة لمواجهة هذه التحديات، التي قد تشمل إعادة هيكلة نظام الدفاع الأوروبي وتنسيق الجهود لمواجهة أي تهديدات قد تنشأ. يجب أن تركز الاستعدادات على عدة جوانب أساسية: كيفية هيكلة الأمن الأوروبي؟ من يجب أن يقود هذه الجهود؟ وما هي القدرات التي تحتاج أوروبا لتطويرها؟

تغيير الهيكل الأمني الأوروبي

إذا انسحبت الولايات المتحدة فعليًا من قيادة الناتو، يمكن لأوروبا الحفاظ على تحالفاتها الأمنية من خلال المؤسسات المتبقية، مثل مجلس الأطلسي الشمالي. (NAC) وهو الهيئة التي تتخذ القرارات داخل الناتو ويمكن أن تكون بمثابة أساس لإعادة تنظيم القيادة العسكرية الأوروبية.

ورغم أن NAC لا يمكنه التخطيط لانسحاب الولايات المتحدة أثناء وجودها في الناتو، فإن الهيكل الحالي يوفر قاعدة معروفة ويملك أمانة قائمة يمكن الاستفادة منها. إضافة إلى ذلك، يمكن لدول مثل النرويج والمملكة المتحدة، التي تتمتع بقدرات عسكرية قوية ودعم كبير لأوكرانيا، أن تلعب دورًا رئيسيًا في الدفاع عن الناتو.

الاستفادة من المؤسسات الأوروبية الأخرى

يمكن لأوروبا أيضًا الاستفادة من منشآت الناتو الموجودة عبر القارة، مثل كلية الدفاع التابعة للناتو. قد تكون المؤسسات الأوروبية الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي ذات فائدة كبيرة في تنسيق التعديلات التشريعية والمالية اللازمة للتحضير لأية صراعات محتملة.

كما أن دول مثل فنلندا والسويد، التي كانت محايدة لفترة طويلة، تمتلك خططًا متقدمة للتعبئة في زمن الحرب وتستطيع تقديم مساهمات مهمة في هذا المجال.

دور المجتمع السياسي الأوروبي

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمجتمع السياسي الأوروبي، الذي أُسس بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022 ويضم دولًا غير أعضاء في الناتو، أن يلعب دورًا مهمًا كمنتدى لمناقشة القضايا الأمنية التي تؤثر على المنطقة.

هذا المجتمع يمكن أن يسهم في تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية وتنسيق استجاباتها للأزمات المحتملة، مما يساعد في بناء استراتيجيات أكثر فاعلية للتعامل مع التهديدات الأمنية.

الخطوات القادمة

أمام القارة الأوروبية مهمة حيوية تتمثل في التحضير لسيناريوهات محتملة تتعلق بإدارة ترامب الثانية. يجب على الدول الأوروبية أن تبدأ الآن في تقييم خياراتها وبناء استراتيجيات للتعامل مع التحديات التي قد تنشأ نتيجة لأي تغييرات في الالتزام الأمريكي تجاه الناتو.

وذلك من خلال العمل المشترك، والتخطيط الاستراتيجي، والاستفادة من الدروس المستفادة من الأزمات السابقة، يمكن لأوروبا أن تعزز قدرتها على مواجهة أي تهديدات مستقبلية وضمان استقرارها الأمني في ظل الظروف المتغيرة.

ربما يعجبك أيضا