أوروبا تعلن استراتيجية جديدة للأمن الاقتصادي.. ما أبرز بنودها؟

محمد النحاس

تعبر الاستراتيجية الأوروبية الجديدة عن مخاوف مدفوعة بالتوتر الجيوسياسي، والاهتمام المتزايد بالاعتبارات الأمنية على حساب المصلحة الاقتصادية.


أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي عن استراتيجية جديدة للأمن الاقتصادي، في وقت تحتدم فيه التوترات الجيوسياسية مع روسيا.

وتعد الاستراتيجية تجلٍ لتشابك وتداخل الاقتصاد السياسي والمخاطر الأمنية، خاصةً أن القارة الأوروبية كانت أحد أكثر مناطق العالم تأثرًا بالحرب الروسية الأوكرانية، على صعيد سلاسل التوريد، وإمدادات الغاز، والاستقرار الاقتصادي.

استراتيجية جديدة

حسب الوثيقة الجديدة، ترغب المفوضية الأوروبية في معالجة المخاطر الأمنية، التي يشكلها الاستثمار الخارجي، إلى جانب تعزيز ضوابط التصدير على السلع ذات الاستخدامات المدنية والعسكرية، وفق ما ذكره موقع يورونيوز، في تقرير نشره يوم أمس الثلاثاء 20 يونيو 2023.

ورجح التقرير أن تمنع الاستراتيجية الجديدة الشركات الأوروبية من إنتاج بعض التقنيات في بلدان معينة، كروسيا والصين. وتشدد على أهمية تحليل المخاطر الرئيسة، وتحديد الثغرات المحتملة في السياسات الاقتصادية للاتحاد.

وأما التقنيات، التي ترى وثيقة الاتحاد، أن لها مخاطر أمنية، فهي الذكاء الاصطناعي بتطبيقاته المختلفة، وتقنيات الحوسبة، والجيل السادس من تقنيات الاتصال، والرقائق الإلكترونية، ومختلف التكنولوجيات الحيوية.

لماذا أصدر الاتحاد الاستراتيجية؟

إلى جانب التوترات الجيوسياسية مثل الحرب الروسية الأوكرانية، يوجد مخاوف أخرى، فمع تنامي المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، يكافح الاتحاد الأوروبي على ما به من تباينات في الآراء بين أعضاءه، حتى لا يكرر أخطاءه في علاقته بموسكو، مع بكين، حين اعتمد على روسيا بنحو مفرط، خاصةً في ما يتعلق بإمدادات الطاقة.

ولدى بعض دول الاتحاد مخاوف جمة من إثارة عداء مع بكين، أو الانجرار إلى حرب تجارية بين الكتلة الأوربية والصين، في حين تعتقد دول أخرى بأن الوقت حان لتعزيز استقلالية القارة، وحماية أمن الاتحاد اقتصاديًّا، وعدم تكرار ما تراه أخطاء الماضي.

ما أبرز ما تركز عليه الاستراتيجية؟

وفق تصريح لرئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، “من المهم للغاية تعزيز التشارك في المشروع الاقتصادي الأوروبي”، مشيرةً إلى أن الاتحاد سيتطلب 66 مليار يورو إضافية لمراجعة الموازنة، التي تغطي حتى عام 2027.

وتركز الاستراتيجية على تحديد الكيفية التي تعمل بها على تخفيف المخاطر، من خلال مجموعة من المرتكزات، من بينها تعزيز القدرة التنافسية للكتلة، وتقوية سوق الاتحاد الموحدة، والاتجاه نحو اقتصاد قوي ومرن، والاستثمار في المهارات، وتعزيز القاعدة البحثية والتكنولوجية والصناعية لدول الاتحاد.

وتطرقت أيضًا إلى حماية الأمن الاقتصادي للاتحاد، من خلال جملة من الأدوات والسياسات، والبحث دائمًا عن سُبل وأدوات جديدة لمعالجة نقاط الضعف المحتملة، ولتجنب السلبيات غير المقصودة.

ضوابط التصدير وتعزيز النظام الدولي

شددت استراتيجية الاتحاد الأوروبي على أهمية التعاون مع أكبر مجموعة ممكنة من الشركاء لتعزيز الأمن الاقتصادي، عن طريق الاتفاقات التجارية، وتقوية النظام الاقتصادي الدولي القائم على القواعد والمؤسسات متعددة الأطراف، مثل منظمة التجارة العالمية.

وقالت فون دير لاين، يوم الثلاثاء، إنها ستعمل رفقة حكومات الاتحاد للضغط من أجل نظام للتدقيق في اتجاهات الاستثمارات الخارجية، إلى جانب تحسين نظام ضوابط التصدير في ما يتعلق بالتكنولوجيا شديدة الحساسية. وبالرغم مما يثيره الأمر من مخاوف بشان حرية التجارة، غيّر أن الاستراتيجية تعبّر بالفعل عن تزايد المخاوف الأمنية، وعدم اقتصار إدراة العلاقات على المصالح الاقتصادية البحتة.

مستجدات على الساحة الدولية

لفتت المسؤولة الأوروبية، في حديثها للصحفيين في بروكسل، إلى أن الأحداث الأخيرة، كالحرب الروسية الأوكرانية، كشفت عن “نقاط ضعف متأصلة في اقتصاداتنا، وفتحت أعيننا على المخاطر المتزايدة والمعقدة في مجالي الأمن القومي والمرونة الاقتصادية”.

وتابعت أورسولا فون دير لاين: “بينما يميل الاتحاد الأوروبي إلى حرية التجارة والأسواق المفتوحة، أصبح العالم أكثر استقطابًا ومحفوفًا بالنزاعات الجيوسياسية”، مضيفةً يوجد جملة من الوسائل والأدوات، التي يمكن استخدامها بطريقة جريئة ومختلفة.

أولويات إضافية

حسب فون دير لاين، إلى جانب الأولويات السابقة، يوجد مجموعة من الأولويات الأخرى، وهي أوكرانيا، وأزمة المهاجرين، والمنافسة الاستراتيجية في القطاع التكنولوجي.

وبخصوص أوكرانيا، طلبت المفوضية الأوروبية من دول الاتحاد تقديم مبلغ إضافي قدره 50 مليار يورو، يضاف إلى الميزانية الموجهة لدعم أوكرانيا بين الأعوام 2021-2027. لكن الطلب بانتظار الموافقة بالإجماع في البرلمان الأوروبي، حتى يصبح ملزمًا لدول الاتحاد.

أما قضية الهجرة، خصصت بروكسل 15 مليار يورور خلال 4 سنوات. في حين حددت 10 مليارات يورو للمنافسة الاستراتيجية في قطاع التكنولوجيا.

اقرأ أيضًا| مقترح أوروبي بمليار يورو إضافي لشراء ذخيرة لصالح أوكرانيا

اقرأ أيضًا|قادة أوروبا يفشلون في الاتفاق على عقوبات جديدة ضد روسيا

ربما يعجبك أيضا