أوروبا تكسر «محرمات الطاقة» وحرب بوتين ماراثونية.. جولة في مراكز بحثية

رنا أسامة

متى قد تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية؟ هل يُحاكم بوتين وحاشيته على الانتهاكات الروسية المزعومة في أوكرانيا؟


تستمر الحرب الروسية الأوكرانية لليوم الـ51 على التوالي، وسط مخاوف من هجوم وشيك على إقليم دونباس، خاصة بعد غرق السفينة الحربية الروسية “موسكوفا” في البحر الأسود.

وفي جولة بين أبرز ما تناولته مراكز بحثية، تستعرض “شبكة رؤية الإخبارية” متى يُمكن أن تنتهي الحرب، وإمكانية محاكمة زعيم الدب الروسي، على الانتهاكات التي يُزعم أنها “جرائم حرب” في أوكرانيا، فضلًا عن جدوى التحركات الأوروبية لضرب الاقتصاد الروسي.

الحرب الروسية الأوكرانية.. سباق سريع أم ماراثوني؟

الحرب الروسية الأوكرانية

توقع المفكر الأمريكي المتخصص في قضايا الشرق الأوسط، جون ألترمان، في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، أن تُطيل روسيا أمد حربها المستمرة منذ 24 فبراير الماضي في أوكرانيا، بالنظر إلى تكتيكاتها في حروب “ماراثونية” سابقة كما الحرب في سوريا والشيشان، وذلك بخلاف الولايات المتحدة الأمريكية التي تُفضّل إنهاء حروبها كما لو كانت سباقًا سريعًا.

ويعتقد الجيش الأمريكي، بحسب تقرير ألترمان، المنشور في 13 إبريل الحالي، أن المشكلات تنجم من الحروب الماراثونية لا السباقات السريعة. وبعد أكثر من عقد من الزمان على الوجود الأمريكي في كابول انسحبت أمريكا فجأة، ما أحدث فوضى أعادت ظهور “داعش”. وعلى النقيض من ذلك، يميل الجيش الروسي إلى الحروب الماراثونية، كما في الحرب السورية التي دامت 8 أعوام.

النصر يعني هزيمة العدو

بدت روسيا دائمًا مرتاحة لخوض حروب طويلة تجني من خلالها مكاسب تدريجيًّا. وأشار ألترمان، في هذا الصدد، إلى أن الحكومة الروسية استقرت عندما قاتلت إلى جانب حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، ونُسب إلى روسيا الفضل في دحر الجماعات الجهادية بسوريا. لكن الأهم من ذلك، وفق ألترمان، أن موسكو “حافظت على حليف وقوضت ما عدّته جهودًا أمريكية لتوسيع هيمنتها في الشرق الأوسط”.

وبالنسبة إلى موسكو، فإن النصر يعني مجرد هزيمة العدو، دون النظر إلى تبعات ذلك. ولذلك يكمن الخطر بالنسبة إلى الغرب في فهم المدة التي يرغب فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في استمرار الحرب بأوكرانيا، كما يقول ألترمان. وأضاف: “إذا كانت سوريا تمثل دليلًا، فقد تسعى روسيا لشن هذه الحرب لسنوات”.

هل توجد جرائم حرب في أوكرانيا؟

جرائم حرب في أوكرانيا

في غضون ذلك، قال أنتوني دوركين، الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، إنه توجد أدلة دامغة على ارتكاب قوات روسية جرائم حرب متعددة في أوكرانيا. وأضاف، في تقرير بتاريخ 12 أبريل: “مع استعادة الجيش الأوكراني السيطرة على أراض قُرب كييف، وظهرت مشاهد مروعة لمدنيين أُعدموا ومقابر جماعية. ويقول مدعون أوكرانيون إنهم يحققون في أكثر من 4 آلاف جريمة حرب فردية”.

وفيما لا تزال تحقيقات جارية حول انتهاكات تنفيها روسيا في أوكرانيا، أشار دوركين إلى وجود أدلة ينبغي على المحققين جمعها، بما في ذلك “شهادات شهود عيان، وصور فوتوغرافية، وأدلة مُصورة بأقمار صناعية، واتصالات للجيش الروسي جرى اعتراضها”، وقد تشمل لاحقًا تصريحات لجنود روس أيضًا، بحسب قوله.

هل المحاكمة ممكنة؟

رجّح دوركين أن يُحاكم مقاتلون أسرى إلى جانب قادة روس كبار، بتهمة انتهاك قوانين الحرب في أوكرانيا، “إذا تغيّر النظام في موسكو”. ومع ذلك أوضح أن “المشتبه بهم لن يتمكّنوا من السفر إلى الدول التي قد تحاكمهم أو تحيلهم إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب”.

وتوقّع أن تؤثر ما يُعتقد أنها “جرائم حرب” روسية في أوكرانيا على الطريقة التي ستنتهي بها حرب بوتين وعلى علاقات روسيا مع الغرب مُستقبلًا، فضلًا على احتمالية استمرار المقاومة الأوكرانية في المناطق التي تسيطر عليها روسيا، وعدم تقديم كييف تنازلات في أي اتفاق سلام مُحتمل مع موسكو.

بوتين ورجاله منبوذون غربيًّا

التحقيق في جرائم الحرب وأوامر الاعتقال المُحتملة ستظل سارية حتى بعد انتهاء الحرب. ويُرجح دوركين أن تطال كبار المسؤولين في الجيش الروسي، وربما القيادة السياسية. حتى لو لم يكن بوتين متهمًا بارتكاب جرائم حرب، قد يواجه تهمة العدوان، في حال تشكّلت محكمة خاصة ذات اختصاص قضائي في تلك الجريمة. وأضاف: “سيُحمّل الغرب بوتين المسؤولية الأخلاقية عما رتكبته قواته بأوكرانيا”.

والأمر الذي يُرجح، بحسب دوركين، أن “يعامل القادة الغربيون بوتين وبعض رجاله على أنهم منبوذون، حتى بعد توقيع اتفاقية سلام. يميل القادة الأوروبيون والأمريكيون إلى النظر إلى بوتين بطريقة مماثلة للرئيسين السوري الحالي بشار الأسد أو السوداني السابق عمر البشير. لكنه يقود دولة عضوة دائمة في مجلس الأمن. ومن ثمّ سيكون لحرب بوتين تأثير تحولي على النظامين الأوروبي والدولي”.

كسر أوروبي لـ”محرمات الطاقة”

واردات النفط الروسي 1

في مقال بموقع وورلد بوليتيكس ريفيو، 15 إبريل الحالي، قال أستاذ مساعد للسياسة الدولية بمعهد جينت للدراسات الدولية، إتش آي جيه إس فان ديجراف، إن الاتحاد الأوروبي لديه كثير من الخيارات عليه استخدامها لاستهداف النفط الروسي. وكتب: “من خلال حظر واردات الفحم الروسي، بدءًا من أغسطس المقبل فصاعدًا، يكسر الاتحاد الأوروبي مُحرمات الطاقة التي كانت تكتنف مناقشاته حول معاقبة روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا”.

ويعتقد فان ديجراف أن حظر الفحم لن يدمر اقتصاد روسيا، موصيًا أوروبا بـ”التحرك سريعًا لاستهداف واردات النفط الروسية”. وأضاف: “العقوبات الغربية ضد روسيا منذ بداية الحرب كانت غير مسبوقة، لكنها كانت غير كافية. ولم ينهر الاقتصاد الروسي، بل انتعش الروبل إلى مستوى ما قبل الحرب”، مُشيرًا إلى أن السبب الرئيس وراء ذلك يكمن في عدم استهداف صادرات الطاقة الروسية إلى أوروبا.

ربما يعجبك أيضا