أوكرانيا وروسيا.. كيف تدهورت العلاقات منذ سقوط الاتحاد السوفييتي؟

أحمد ليثي

روسيا هددت بنقل أسلحة نووية إلى الحدود الأوكرانية حال انضمام جارتها إلى حلف النيتو


يحتشد 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية الروسية استعدادًا لغزو روسي للأراضي الأوكرانية، فيما يتلقى الآلاف من الأوكرانيين تدريبات عسكرية لصد الهجوم الروسي المحتمل.

لكن تدهور العلاقات بين البلدين لم يكن وليد اليوم، فبين محاولة روسيا لتوطيد نفوذها على حدودها ورغبة أوكرانيا في الانفكاك من العلاقة مع روسيا تاريخ طويل، يرجع إلى عام 1991 حين كانت أوكرانيا وروسيا جزءًا من الاتحاد السوفييتي الذي شكل انحلاله تدهورًا في العلاقات بين البلدين.

هكذا مات 4 ملايين أوكراني

أدت سياسات الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين إلى مجاعة جماعية في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي أفضت إلى قتل 4 ملايين أوكراني في غضون عامين، بسبب تطبيقه لأسلوب التجويع استهدافًا لإحباط النزعة الوطنية الأوكرانية عندما حول جميع الأراضي الزراعية من أراضي تعاونية إلى أراضي تشرف عليها الدولة.

وفقًا لجريدة فاينانشيال تايمز، فإن أوكرانيا موطن الإنتاج الزراعي والصناعات العسكرية في الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي وضع نهاية الاتحاد السوفييتي في وقت كان لا يزال يعتمد فيه على أوكرانيا في غذائه وسلاحه، وهو ما وضع نهاية الاتحاد السوفيتي، عندما طالبت كييف باستقلالها عن الاتحاد السوفييتي عام 1991 في استفتاء وافق فيه 90% من المصوتين على قرار الانفصال.

أوكرانيا تفكك السلاح النووي

أدى تفكك الاتحاد السوفييتي إلى انتشار الأسلحة في غالبية الدول حديثة الاستقلال، بما في ذلك 1900 رأس نووي مصمم لضرب الولايات المتحدة، الأمر الذي مثّل مشكلة كبيرة لأمريكا جعلها تتفاوض مع أوكرانيا حول طريقة نزع سلاحها النووي.

في عام 1994، وقعت كل من أوكرانيا وبريطانيا والولايات المتحدة مذكرة بودابست للضمانات الأمنية، التي تقضي بتخلي أوكرانيا عن الأسلحة النووية وتدميرها، في حين تتعهد الولايات المتحدة في المقابل باحترام سيادة أوكرانيا وحدودها الحالية، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو العبث بوحدة أراضيها.

2004: الثورة البرتقالية

في عام 2004، خرج مئات الآلاف من الأوكرانيين إلى الشوارع للاحتجاج على نتيجة الانتخابات التي زُورت لصالح مرشح تدعمه موسكو، فيما كان المحتجين يتمنون فوز فيكتور يوشتشينكو الموالي للغرب لمحاولة القضاء على النظام الاقتصادي الذي فرضته موسكو بالقبض على كل المؤسسات الاقتصادية.

على الرغم من استطلاعات الرأي التي أظهرت فوز مرشح موسكو المفضل، أدى شتاء من الاحتجاجات في ساحة كييف المركزية إلى إعادة التصويت مرة أخرى وانتصار يوشتشينكو، فيما صرحت القيادة الروسية أن الثورة البرتقالية جزءًا من مؤامرة دبرتها أجهزة استخبارات أجنبية لتغيير النظام في روسيا نفسها.

2008: أوكرانيا تتقدم لعضوية الناتو

في عام 2008، سعى يوشتشينكو لوضع خطة عمل للحصول على عضوية النيتو، في خطوة دعمتها الولايات المتحدة، لكن موسكو نظرت إلى هذه الخطوة في إطار محاولات الولايات المتحدة لتحجيم الدور الروسي في المنطقة وهددت بتوجيه الأسلحة النووية إلى أوكرنيا في حال حصلت على عضوية النيتو.

من جهتها، لم تهتم الدول أعضاء النيتو بتهديدات روسيا واعتمدت في قمة بوخارست 2008 دولتي أوكرانيا وجورجيا عضوين في النيتو، لكن روسيا دخلت في حالة حرب مع جورجيا في غزو استمر 4 أيام استولت موسكو فيه على منطقتين انفصاليتين لتعزيز صراع في جورجيا سيجعل من الصعب عليها الانضمام للحلف.

2013-14: احتجاجات الميدان الأوروبي

على الرغم من العلاقات الوثيقة بين الحكومتين الأوكرانية والروسية، لكن العديد من الأوكرانيين كانوا يرون مستقبلهم في الانضمام للغرب، وهذا ما أظهره استطلاع للرأي في عام 2013 للانضمام إلى برنامج الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي لتقريب أوكرانيا من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.

لكن الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش تراجع عن اتفاق الاتحاد الأوروبي في اللحظة الأخيرة لصالح صفقة سرية مع بوتين، وهو ما أشعل تظاهرات انضم إليها مئات الآلاف من المتظاهرين في الساحة المركزية في كييف، الأمر الذي أدى إلى الإطاحة بيانكوفيتش فيما يُعرف بثورة الكرامة في فبراير 2014.

الاستيلاء على شبه جزيرة القرم

استولى رجال مسلحون يرتدون زيًا عسكريًا أخضر بدون شارة على برلمان القرم، وقطعوا شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا، وأوقفوا وصولها إلى وسائل الإعلام الأوكرانية، ووسط حملة دعائية مكثفة، نظموا استفتاء على إعادة توحيد شبه الجزيرة مع روسيا.

حصل استفتاء انفصال شبه جزيرة القرم على دعم 97% من الناخبين، لكن التصويت لم يُعترف به دوليًا لعدم حضور أي مراقبين من الخارج، وفي ربيع العام نفسه، بدأ الانفصاليون المدعومون من روسيا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا المطالبة بالاستقلال، مما أدى إلى حرب أسفرت حتى الآن عن مقتل 14 ألف شخص.

2021: انهيار مفاوضات دونباس

بعد هدوء القتال في منطقة الدونباس، وُقع على اتفاقيتين بوساطة ألمانيا وفرنسا عبر مجموعة من المحادثات المعروفة باسم صيغة نورماندي في مينسك عاصمة بيلاروسيا حاول فيها الطرفان إرساء السلام لكن باءت المفاوضات بالفشل.

في أعقاب انتخاب فولوديمير زيلينسكي رئيسًا لأوكرانيا في عام 2019 تمت عدة عمليات تبادل لسجناء، لكن تدهور الأوضاع بين الدولتين جعل روسيا تنقل 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية في إشارة لفشل مفاوضات مينسك، الأمر الذي أدى إلى تصريح من الولايات المتحدة بأن روسيا ربما تخطط لغزو آخر لاوكرانيا، وهو ما ردت عليه روسيا بطلب عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف النيتو مطلقًا.

ربما يعجبك أيضا