أول خطوة خارجية.. ماذا تحمل زيارة الرئيس الإيراني للعراق؟

إسراء عبدالمطلب

تتمتع إيران بنفوذ سياسي كبير في العراق، حيث يهيمن حلفاء طهران على البرلمان ولعبوا دورًا أساسيًّا في اختيار رئيس الحكومة الحالي.


بدأ الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، زيارة رسمية إلى العراق، اليوم الأربعاء 11 سبتمبر 2024، كأول زيارة خارجية له منذ انتخابه في يوليو الماضي.

وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود بزشكيان لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، واستقبل رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الرئيس الإيراني، وتعهد بزشكيان خلال الزيارة بإعطاء الأولوية لتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة، وذلك في إطار سعيه لتخفيف عزلة إيران الدولية وتقليل تأثير العقوبات الغربية على اقتصاد البلاد، وفقًا لوكالة أنباء العراق.

تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة

صرح بزشكيان في أغسطس الماضي، بأن تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة يمكن أن يخفف من الضغوط الناتجة عن العقوبات، متعهدًا خلال حملته الانتخابية بالسعي لإحياء الاتفاق الدولي لعام 2015، الذي كان رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران مقابل تقييد أنشطتها النووية، وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة انسحبت أحادياً من هذا الاتفاق في 2018، وأعادت فرض عقوبات قاسية على صادرات النفط.

وحسب موقع الرئاسة الإيرانية الإلكتروني، من المقرر أن تستمر زيارة بزشكيان إلى العراق لمدة ثلاثة أيام، وخلال هذه الزيارة سيعقد الرئيس الإيراني سلسلة من الاجتماعات الرسمية، بالإضافة إلى لقاءات مع إيرانيين في العراق ورجال أعمال، كما سيقوم بزيارة مدن النجف وكربلاء والبصرة.

الأوضاع الأمنية

قبل ساعات من وصول الرئيس الإيراني، سُمع دوي انفجار في مطار بغداد الدولي، وأفادت القوات الأمنية العراقية بوقوع انفجار في قاعدة يشغلها مستشارون للتحالف الدولي، مع تقارير عن سقوط “صاروخين”، ورغم ذلك أكدت القوات الأمنية أن حركة الطيران المدني تسير بشكل طبيعي.

وتتمتع إيران بنفوذ سياسي كبير في العراق، حيث يهيمن حلفاء طهران على البرلمان ولعبوا دوراً أساسياً في اختيار رئيس الحكومة الحالي، وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حجم التجارة غير النفطية بين البلدين بلغ حوالي خمسة مليارات دولار بين مارس ويوليو 2024، كما تصدر إيران ملايين الأمتار المكعبة من الغاز يومياً إلى العراق لتشغيل محطات الطاقة، إذ تغطي هذه الكميات 30% من احتياجات العراق من الكهرباء، وتوجد متأخرات في الدفع تقدر بمليارات الدولارات على العراق مقابل هذه الواردات.

وفي سبتمبر 2023، أطلق العراق وإيران مشروع “ربط البصرة-الشلامجة” للسكك الحديدية، الذي سيربط مدينة البصرة بالمعبر الحدودي الشلامجة على مسافة تزيد عن 32 كيلومتراً.

الاضطرابات الإقليمية والوجود العسكري

تأتي زيارة بزشكيان في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط اضطرابات كبيرة نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اندلعت في السابع من أكتوبر، وهذه الحرب دفعت المجموعات المسلحة المدعومة من إيران في المنطقة لدعم الفلسطينيين، مما أثر على علاقات بغداد مع واشنطن.

وتنشر الولايات المتحدة حوالي 2500 جندي في العراق وحوالي 900 في سوريا المجاورة في إطار التحالف الدولي الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش، ويضم التحالف كذلك قوات من دول أخرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة، وتطالب الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران بانسحاب هذه القوات، بينما تجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن تقليص عدد قوات التحالف في العراق.

وأعلن وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، عن تفاهم بين بغداد وواشنطن حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق “على مرحلتين”، مع احتمال توقيع اتفاق بهذا الشأن “في الأيام القليلة القادمة”، مشيرًا إلى أن تأجيل توقيع الاتفاق يرجع إلى الظروف الإقليمية والأحداث الأخيرة مثل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في إيران، وربما الانتخابات الأمريكية أيضاً.

زيارة إلى إقليم كردستان

سيقوم بزشكيان ضمن زيارته بزيارة إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان الذي يحظى بحكم ذاتي، حيث سيلتقي مسؤولين أكراد، وتأتي هذه الزيارة بعد توقيع العراق وإيران في مارس 2023 اتفاقاً أمنياً بعد تنفيذ طهران ضربات ضد مجموعات كردية معارضة في شمال العراق، ومنذ ذلك الحين، اتفق البلدان على نزع سلاح المجموعات الكردية الإيرانية المتمردة وإبعادها عن الحدود المشتركة.

وتتهم إيران هذه المجموعات بالحصول على أسلحة من العراق وتورطها في تأجيج التظاهرات التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في سبتمبر 2022، بعد أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس في البلاد، وتسعى زيارة بزشكيان إلى تعزيز التعاون بين العراق وإيران، بينما تعكس أيضاً التحديات الأمنية والسياسية المعقدة التي تواجه المنطقة.

ربما يعجبك أيضا