إثيوبيا توسّع نفوذها البحري بصفقة تُشعل التوترات بالصومال

«إثيوبيا وأرض الصومال».. صفقة تثير الجدل في منطقة مضطربة

شروق صبري
أرض الصومال

الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال أغضب الصومال، لكنه قد يوفر لإثيوبيا الوصول إلى قاعدة بحرية في الإقليم المنفصل.


تشهد منطقة القرن الإفريقي توترات متزايدة نتيجة صفقة مفاجئة قد تمنح إثيوبيا فرصة لإنشاء قواعد بحرية في أرض الصومال، الإقليم الذي أعلن استقلاله بشكل أحادي، ويفتقر  إلى الاعتراف الدولي، بينما يعكس الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال تحوّلات سياسية مُعقدة في المنطقة.

يتضمن الاتفاق منح إثيوبيا حقوق استخدام الموانئ البحرية، بينما تعترف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة مستقلة، مما يثير قلق الحكومة الصومالية التي تعارض استقلال الإقليم، رغم الأبعاد الاقتصادية المحتملة، فإن الصفقة تعيد إشعال التوترات بين الصومال وإثيوبيا، مما يهدد الجهود المستمرة لمكافحة الجماعات المسلحة في المنطقة.

خطابات عدائية

أثار هذا الاتفاق الذي أُعلن عنه في بداية العام قلق المنطقة، حيث تصاعدت الخطابات العدائية بين الصومال وإثيوبيا، إذ تعترض السلطات الصومالية بشدة على استقلال أرض الصومال، وردًا على صفقة الميناء، هددت الصومال بطرد القوات الإثيوبية التي تدعمها في القتال ضد حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة.

ووفقًا لما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، الأحد 13 أكتوبر 2024، قال وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، أمام مجلس الأمن الدولي هذا الشهر: “لا يحق لإثيوبيا، كونها دولة بلا سواحل، المطالبة بأراضينا لإقامة قاعدة بحرية عسكرية”.

القتال ضد الحركات المتمردة

تشعر الولايات المتحدة، التي لديها 450 من الكوماندوز العسكريين في الصومال لتقديم المشورة للقوات المحلية في قتالها ضد حركة الشباب وداعش، بالقلق من أن هذه الخلافات قد تشتت انتباه مقديشو عن حربها المستمرة منذ 18 عامًا ضد التمرد.

قبل عام، بدت حملة الصومال ضد حركة الشباب وكأنها حالة نادرة تحقق فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها تفوقًا في الحرب العالمية ضد المتطرفين. لكن المسؤولين الأمريكيين وحلفاءهم الغربيين يشعرون بالقلق من أن انشغال مقديشو بخلافها مع إثيوبيا سمح لحركة الشباب باستعادة الأراضي والزخم الذي فقدته.

إثارة الفوضى

قال مسؤول غربي رفيع المستوى: “كان يبدو أن الصومال في مسار إيجابي نحو التعافي، لكن اتفاقية أرض الصومال وإثيوبيا أعطت حركة الشباب فرصة متجددة لإثارة الفوضى والعنف”.

ووفقًا للأمم المتحدة، شن المتشددون، في أغسطس الماضي، هجومًا انتحاريًا على شاطئ ليدو في مقديشو، مما أسفر عن مقتل 37 مدنيًا وإصابة أكثر من 210 آخرين، بالإضافة إلى أن مجموعة صغيرة من مقاتلي داعش في شمال شرق الصومال تحقق مكاسب، وفقًا لتقرير صدر الشهر الماضي عن مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت الأمريكية.

المواقع الأمريكية في الصومال

يعتقد المسؤولون الغربيون أن المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين يشنون صواريخ على السفن في البحر الأحمر لدعم الفلسطينيين في غزة، قد تواصلوا مع حركة الشباب.

ويخشى المسؤولون أن يكون هذا مقدمة لتزويد المتمردين الصوماليين بأسلحة متطورة مثل الطائرات المسيّرة، التي قد تمكن حركة الشباب من شن هجمات أكثر دموية على المواقع الأمريكية في الصومال.

الحصول على منفذ بحري

في عام 1991، انفصلت إريتريا عن إثيوبيا بعد حرب استمرت 30 عامًا، مما أدى إلى فقدان إثيوبيا لساحلها الوحيد، وذكر مايكل وولديماريام، أستاذ مشارك في جامعة ميريلاند، أن “إثيوبيا تسعى منذ فترة للوصول إلى منفذ بحري”.

كما كانت أرض الصومال مستعمرة بريطانية واستقلت عام 1960، قبل 5 أيام من استقلال الصومال عن الحكم الإيطالي، وبعد فترة قصيرة من استقلالهما، اتحدت الصومال وأرض الصومال، ولكنهما انفصلتا بعد أن أدار الديكتاتور الصومالي محمد سياد بري مذبحة ضد أبناء أرض الصومال في أواخر الثمانينات.

أعلنت أرض الصومال استقلالها عن الصومال في عام 1991، لكنها فشلت في الحصول على اعتراف دولي، وتوفر صفقة الميناء مع إثيوبيا الفرصة الأولى لها لهذا الاعتراف، ولم يُصدر أي من الجانبين نص مذكرة التفاهم، لكن يبدو أن أرض الصومال تعرض على إثيوبيا استخدام ميناء بربرة.

قوة عسكرية تابعة للاتحاد الأفريقي تقاتل إلى جانب الجيش الصومالي ضد حركة الشباب

قوة عسكرية تابعة للاتحاد الأفريقي تقاتل إلى جانب الجيش الصومالي ضد حركة الشباب

استفزاز مقديشو

كانت سلطات أرض الصومال قد عرضت في السابق استخدام الميناء والمدرج المجاور للقوات الأمريكية، مقابل تحسين العلاقات مع واشنطن. ورغم زيارة مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى للموقع، كانت الولايات المتحدة مترددة في قبول العرض خوفًا من استفزاز مقديشو.

أدى النزاع بشأن اتفاقية أرض الصومال وإثيوبيا إلى تأخير استبدال قوة عسكرية تابعة للاتحاد الإفريقي قوامها 20 ألف جندي، كانت تقاتل جنبًا إلى جنب مع الجيش الصومالي ضد حركة الشباب.

العلاقات بين إثيوبيا والصومال

كان من المقرر أن تحل قوة جديدة قوامها 12 ألف جندي محل هذه القوة بحلول نهاية العام، وتشمل القوة المنتهية ولايتها آلاف الجنود الإثيوبيين المنتشرين عندما كانت العلاقات بين إثيوبيا والصومال أفضل، ويقول المسؤولون الغربيون إن القوات الإثيوبية ضرورية لمواجهة حركة الشباب في بعض المناطق.

والآن تقول الصومال إن الإثيوبيين غير مرحب بهم في القوة الجديدة، مما يترك مصير وجود ما يكفي من القوات في الاتحاد الإفريقي غير واضح. وقال السفير الأمريكي روبرت وود أمام مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي: “لا يمكننا المخاطرة بخلق فجوات أمنية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني”، وتقول الأمم المتحدة إن 6.9 مليون صومالي يحتاجون إلى الغذاء والرعاية الطبية والمساعدات الأخرى بسبب الصدمات المناخية والحرب.

دولة موحدة

تريد إدارة بايدن أن تظل الصومال دولة موحدة، وتحث إثيوبيا بهدوء على عدم الاعتراف بأرض الصومال، في الوقت الذي تحاول فيه إيجاد طريقة لإرضاء رغبة إثيوبيا في الوصول إلى البحر.

اقترحت جيبوتي السماح لجارتها الأكبر إثيوبيا باستخدام مينائها التجاري في تاجورة، بينما تعمل كينيا ببطء على بناء ممر تجاري بين ميناء الحاويات الصيني الجديد في لامو والحدود الإثيوبية.

وقال وزير الخارجية الإثيوبي تاي أتسك سلاسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي: “هدفنا هو تحقيق النمو والازدهار المشترك في المنطقة، مضيفًا: “لقد أبرمت دول أخرى اتفاقيات مماثلة، وليس هناك سبب يدعو الحكومة الصومالية إلى تأجيج العداء الذي يهدف بوضوح إلى تغطية التوترات السياسية الداخلية”.

ربما يعجبك أيضا