إسرائيل على حافة الانهيار.. من الحلم الإنساني للاستبداد والعزلة الدولية

إسرائيل مهددة بالانهيار.. ومستقبل مظلم ينتظرها بعد حرب غزة

شروق صبري
بنيامين نتنياهو وبتسليئل سومتريش وبن غفير

تواجه إسرائيل مستقبلًا مظلمًا بسبب التوترات الداخلية المتصاعدة، والابتعاد عن القيم الديمقراطية، والعزلة الدولية المتزايدة، ما يهدد بانهيار داخلي شامل.


منذ إعلان تأسيس “إسرائيل” في مايو 1948، كان الحلم ببناء دولة ترتكز على القيم الإنسانية وتحترم القانون الدولي حاضرًا بقوة في رؤية مؤسسيها.

نص إعلان الاستقلال على ضمان المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع سكان “الدولة“، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، كما أكد التزام الدولة بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

تناقض القيم التأسيسية

لكن هذه الرؤية لم تتحقق أبدًا بشكل كامل. فمنذ البداية، عاش الفلسطينيون داخل إسرائيل المحتلة تحت الحكم العسكري، ما يعكس تناقضًا عميقًا بين القيم العالمية التي أعلنتها “الدولة” وبين ضرورة تأسيس إسرائيل كدولة يهودية لحماية الشعب اليهودي.

هذا التناقض، الذي طفا على السطح مرارًا وتكرارًا على مر العقود، أدى إلى اضطرابات سياسية أعادت تشكيل “المجتمع الإسرائيلي” دون أن تحل هذا الصراع الداخلي. حسب ما نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية اليوم 12 أغسطس 2024.

الطريق إلى التمزق السياسي

تتزايد التحديات التي تواجه إسرائيل اليوم، حيث تعمقت الأزمة بين المبادئ الدستورية التي تأسست عليها “الدولة” والتوجهات السياسية الحالية. والحرب في غزة والأزمة القضائية التي سبقتها أظهرت مدى انقسام المجتمع الإسرائيلي، حيث يبدو أن البلاد تتجه نحو انهيار داخلي.

الحكومة الحالية، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتحالفه مع القوى اليمينية المتطرفة، قد دفعت بالدولة نحو مسار يتسم بالعنف وعدم التسامح. إذا استمرت إسرائيل في هذا المسار دون تغيير، فإن القيم الإنسانية التي قامت عليها “الدولة” ستتلاشى، مما يهدد بتحويل إسرائيل إلى دولة استبدادية تعتمد على العنف في تسيير شؤونها.

التحول نحو الاستبداد

على مدى السنوات الأخيرة، شهدت إسرائيل تزايدًا في نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تسعى لتغيير وجه الدولة. هذه الأحزاب، التي تتبنى أيديولوجيات إثنوطنية ودينية متشددة، قد تمكنت من تشكيل الحكومة الحالية وفرض أجندتها على المجتمع.

من بين هؤلاء السياسيين البارزين، هناك شخصيات مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش و وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذان يسعيان لتطبيق رؤيتهما لدولة يهودية متطرفة. هذا التوجه نحو الاستبداد يعكس تراجعًا خطيرًا في القيم الديمقراطية التي بنيت عليها الدولة، ويهدد بتقويض نظام الحكم الديمقراطي في إسرائيل.

العزلة الدولية المتزايدة

مع تزايد التحول نحو الاستبداد، تواجه إسرائيل خطر العزلة الدولية. العديد من الدول والمنظمات الدولية بدأت في اتخاذ خطوات ضد إسرائيل، بما في ذلك تقديم قضايا ضدها في المحكمة الجنائية الدولية وفرض عقوبات دبلوماسية.

حتى مع الدعم المستمر من بعض الحلفاء الرئيسيين، مثل الولايات المتحدة، فإن العزلة الدولية ستؤدي إلى تدهور موقف إسرائيل على الساحة العالمية، مما يجعلها دولة منبوذة تواجه تحديات قانونية وسياسية متزايدة.

بنيامين نتنياهو وبتسليئل سومتريش وبن غفير

بنيامين نتنياهو وبتسليئل سومتريش وبن غفير

انهيار الداخلي ومستقبل مظلم

إذا استمرت إسرائيل في هذا المسار، فإنها قد تواجه انهيارًا داخليًا. التوترات المتزايدة بين مختلف فئات المجتمع، بما في ذلك الانقسام بين اليهود العلمانيين والمتدينين، يمكن أن تؤدي إلى تصاعد العنف الداخلي وربما حتى اندلاع حرب أهلية.

بالإضافة إلى أن سيادة القانون في البلاد قد تتعرض للخطر، مما يفتح الباب أمام ظهور جماعات مسلحة تعمل خارج نطاق الدولة، مما يهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي للدولة. في هذا السيناريو الكارثي، قد تصبح إسرائيل دولة فاشلة، غير قادرة على الحفاظ على أمنها الداخلي أو الاستقرار السياسي.

الخروج من الأزمة

رغم كل هذه التحديات، لا يزال هناك وقت لإنقاذ إسرائيل من هذا المصير المظلم. على إسرائيل أن تبدأ في تعزيز الاستقرار السياسي من خلال تقوية أسسها الدستورية وضمان سيادة القانون. يجب أن تنهي الاحتلال العسكري للفلسطينيين وتسعى إلى تحقيق تسوية سلمية دائمة.

على المستوى الدولي، تحتاج إسرائيل إلى تحسين علاقاتها مع دول المنطقة والتزامها بالقانون الدولي. وإذا لم تتخذ إسرائيل هذه الخطوات الحاسمة، فإنها ستجد نفسها في مسار نحو الانهيار، مما قد يؤدي إلى تدمير الرؤية الإنسانية التي ألهمت مؤسسيها وداعميها حول العالم.

ربما يعجبك أيضا