إسرائيل وحزب الله.. لعبة الشطرنج بقطع الاغتيالات

اغتيالات إسرائيل وحزب الله.. استراتيجية كسر الأعناق

أحمد عبد الحفيظ

منذ تأسيس حزب الله في أوائل الثمانينيات، اعتمدت إسرائيل استراتيجية الاغتيالات الموجهة ضد قيادات الحزب كجزء من جهودها للحد من قوته وإضعاف نفوذه في لبنان والمنطقة.

هذا النهج الذي يعتبر جزءًا من السياسة الإسرائيلية تجاه خصومها ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من عقيدة عسكرية إسرائيلية أوسع تهدف إلى ضرب القيادات لتقليل قدرة التنظيمات المعادية على التخطيط وتنفيذ الهجمات ضدها، ومع حزب الله تحديدًا، يبدو أن إسرائيل ترى في هذه السياسة أداة أساسية لتقويض قدراته العسكرية والسياسية. لكن لماذا تركز إسرائيل على هذا الأسلوب مع حزب الله؟

خلفية تاريخية

بدأ حزب الله كقوة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، وتطور ليصبح أحد أقوى التنظيمات العسكرية والسياسية في المنطقة، بفضل الدعم الإيراني والسوري، دخل الحزب وإسرائيل في عدة مواجهات عسكرية، كان أبرزها حرب 2006 التي أظهرت فيها قدرات حزب الله العسكرية تطوراً كبيراً، ما شكّل تحدياً كبيراً لإسرائيل.

منذ ذلك الحين، أدركت إسرائيل أن المواجهة التقليدية مع حزب الله ستكون مكلفة جدًا، نظراً لتعقيد البيئة الجغرافية والسياسية في لبنان، وكذلك بسبب دعم الحزب المتواصل من إيران. في هذا السياق، برزت سياسة الاغتيالات كأداة فعّالة لتقليص قدرات الحزب والحد من تأثيره العسكري.

شل القيادة والسيطرة

وبحسب تقرير صادر عن صحيفة “يديعوت أحرونوت” الجمعة 27 سبتمبر 2024، فأن هذا النهج يهدف إلى إضعاف بنية القيادة والسيطرة داخل حزب الله. فاغتيال الشخصيات الرئيسية مثل القادة العسكريين أو السياسيين قد يؤدي إلى خلل في اتخاذ القرارات والتخطيط العملياتي.

على سبيل المثال، اغتيال قائد عسكري كبير مثل عماد مغنية في 2008 كان هدفه تقويض البنية العسكرية للحزب التي تعتمد على الخبرة والقيادة المتمرسة.

إضعاف الروح المعنوية

يعتبر حزب الله منظمة متماسكة ذات ولاء شديد لقيادتها. اغتيال القادة الرئيسيين يمكن أن يؤثر على الروح المعنوية للمقاتلين والأنصار، ويخلق حالة من الشك وعدم الاستقرار داخل التنظيم. القادة، كرموز معنوية واستراتيجية، يمثلون جزءاً مهماً من هوية الحزب، وغيابهم يمكن أن يُضعف الدعم الشعبي له.

التأثير على القرارات السياسية

حزب الله ليس مجرد تنظيم عسكري، بل هو لاعب سياسي رئيسي في لبنان. بالتالي، فإن اغتيال قادة الحزب يمكن أن يهدف أيضًا إلى التأثير على حسابات الحزب السياسية والحد من نفوذه في الساحة اللبنانية.

كما أن اغتيال القادة السياسيين يمكن أن يضعف قدرة الحزب على التحرك في المشهد السياسي المحلي والدولي.

الردع ومنع التصعيد

تعتبر إسرائيل أن سياسة الاغتيالات تمثل رسالة ردع قوية، فعندما تقوم باغتيال قائد رئيسي في حزب الله، فإنها تبعث برسالة مفادها أنها قادرة على الوصول إلى أي شخصية مهما كانت محصنة.

هذا الأمر يهدف إلى منع الحزب من تنفيذ هجمات أو اتخاذ خطوات تصعيدية ضد إسرائيل، تحت التهديد المستمر بأن قادته يمكن أن يُستهدفوا في أي لحظة.

التحديات والمخاطر

رغم فعالية نهج الاغتيالات، إلا أن له تحديات ومخاطر كبيرة. فاغتيال القادة يمكن أن يؤدي إلى رد فعل عنيف من قبل حزب الله، قد يصل إلى تصعيد عسكري واسع. كما أن هذا النهج قد لا يكون دائمًا فعالًا، إذ يمكن أن يتم استبدال القادة المقتولين بشخصيات أخرى قد تكون أكثر شراسة أو كفاءة.

يمكن القول إن اعتماد إسرائيل على نهج الاغتيالات مع حزب الله يأتي في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تقليص نفوذ الحزب وضرب قدراته القيادية. رغم التحديات والمخاطر، فإن إسرائيل ترى في هذه السياسة وسيلة فعالة لإضعاف خصم قوي يتمتع بدعم إقليمي كبير. إلا أن فعالية هذه السياسة تعتمد على قدرتها في تحقيق الأهداف المرجوة دون التسبب في تصعيد غير محسوب.

ربما يعجبك أيضا