إعادة إعمار العراق.. بين “الفساد المستشري” و”عدم الوفاء بالوعود”

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

بعد انتهاء المعارك في العراق ولو بشكل مؤقت، عاد إلى الواجهة الحديث من جديد عن جهود إعادة بناء البنية التحتية للعراق التي عاني من الدمار منذ عام 2003، وبعدها عانى العراق من تدمير المدن السنية (حزام بغداد – الفلوجة – الرمادي – تكريت – الموصل – تلعفر – بيجي  إلخ.. ) منذ عام 2014م بعدما تم قصفها بلا هوادة بحجة قتال تنظيم “داعش”، والأكيد أن المعارك مع ذلك التنظيم كان يمكن حسمها بأساليب أخرى غير سياسة التدمير المنهجي، وسياسة الأرض المحروقة التي أهلكت الأخضر واليابس والشجر والحجر والحرث والنسل.

بالمناسبة بعد احتلال العراق، عقدت عدة مؤتمرات دولية لإعادة الإعمار في العراق، وقدمت بلدان عدة وعود بتقديم مليارات الدولارات ، لكن الوعود لم تكن تتحقق، والذي تحقق منها ذهب الفتات منه إلى إعادة الإعمار، حيث أن الفساد المالي المستشري تورط فيه عراقيون وأمريكيون على السواء، الأمر الذي جعل صحيفة واشنطن بوست تؤكد أن جهود إعادة الإعمار التي بدأت بآمال واسعة انتهت الآن في مستنقع الفساد وسوء الإدارة.

يأتي هذا الحديث في وقت تحدث فيه مفتي الديار العراقية، الشيخ رافع الرفاعي بمرارة من أن: “أهل السنة يذبحون ويهجرون من بيوتهم.. ويوجد 32 ميليشيا مدعومة من إيران تحرق المساجد وتضع عليها صورة علي خامنئي”.

أهداف الدول الغربية

الدول الغربية تبحث عن نصيبها في إعادة إعمار العراق للاستحواذ على ثروات العراق ، كما الحال منذ عام 2003م، تلك البلدان ترحب فقط بأن تساهم شركاتها في إعادة الإعمار بشرط أن تحصل على الثمن من النفط أو أموال النفط.

وعلى سبيل المثال رفضت الإدارة الأمريكية في عهد جورج بوش الابن مرات عدة الوفاء بتعهدها تقديم 20 مليار دولار للعراق، ثم جاءت إدارة الرئيس الحالي دونالد ترمب لتعلن أنها لا تعتزم المساهمة بأي أموال لهذا الغرض !!.

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في فبراير/شباط 2009 نقلا عن مسؤولين أمريكيين عن تحقيقات بشأن شبهات فساد شابت عمليات إعمار العراق، وقالت إنها توسعت لتشمل ضباطا أمريكيين كبارا كانوا مسؤولين عن هذا البرنامج.

الحكومة العراقية

الحكومة العراقية قالت إنها بحاجة لـ 100 مليار دولار لإعادة إعمار المناطق المحررة، وأكد وزير التخطيط سلمان الجميلي، أن “خطة إعادة الاستقرار والإعمار للمناطق المحررة ستكون على مدى 10 سنوات وفي إطار خطتين تنمويتين الأولى للمدة 2018-2022 والثانية للمدة 2023-2028″، مبينا إن “حجم المبالغ المقدرة لإعادة الإعمار تقدر بنحو 100 مليار دولار ستسعى الحكومة لتوفيرها من خلال المنح والقروض الدولية وما يتم تخصيصه من الموازنة العامة للدولة على مدى سنين الخطة”.

ودعا الجميلي البنك والمجتمع الدوليين، إلى “دعم العراق في توفير جانب من تلك الأموال لتمكينه من تنفيذ الخطة التي ستسير في ثلاث محاور أساسية على وفق أولويات المشاريع”، مبينا أن “هذه المحاور تركز على التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية  والبشرية وإعادة تأهيل البنى التحتية في إطار حوكمة عملية إعادة الإعمار من خلال القيام بالتنسيق بين الجهات الوطنية المعنية والجهات الدولية المانحة”.
مهدي العلاق أمين عام مجلس الوزراء العراقي، قال إن: “الخيار متروك للدول بخصوص أين تود أن تضع أموالها سواء عن طريق البنك الدولي أو الأمم المتحدة. وسيكون هناك برنامج خاص بإدارة المشروعات ليس من خلال الخطة التقليددية السابقة ولكن من خلال خطة جديدة”.

مؤتمر الكويت الدولي

وقد ناقش مشاركون في فعاليات مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق الذي بدأت أعماله بالعاصمة الكويتية، أهمية البعد الإنساني في دعم عمليات إعادة إعمار العراق.

واستعرض مختصون أوروبيون في مجال العمل الإنساني، عددا من جوانب المساعدات الإنسانية للشعب العراقي.. مشددين على أن التحديات التي تواجه العراق ليست مقتصرة على إعادة البناء وإعمار المناطق المتضررة من الحرب على الإرهاب، وإنما تمتد إلى مساعدة النازحين وإيجاد حلول جذرية لهم أهمها توفير التعليم والصحة والسكن الملائم لهم.

وقال المتحدثون إن حجم الدمار الذي وقع في الأراضي العراقية وانعدام الخدمات الأساسية جعل الحياة في تلك المناطق شبه مستحيلة، مؤكدين ضرورة مساعدة النازحين وتسهيل حياتهم والعمل على إعادتهم إلى مناطقهم بعد تأهيلها.

ودعوا إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب والتركيز على الجوانب الصحية والتعليمية وإعادة الكهرباء وتأهيل المنازل للسكن من أجل عودة النازحين، انطلاقا من أن البعد الإنساني أحد أهم الاعتبارات التي يجب أن تؤخذ في عملية إعادة إعمار العراق وذلك لمساعدة ما يقارب سبعة ملايين شخص للحصول على حياة أفضل، إضافة إلى مساعدات غذائية وطبية طارئة.

ورأوا أن عملية عودة اللاجئين مهمة في المرحلة الحالية وانه يجب مساعدة من تعرض إلى إعاقة نتيجة الحرب حتى لا تتحول الأوضاع إلى مأساة أخرى.. منبهين إلى أهمية إقامة علاقة بين الجانب الإنساني والتنموي لإيجاد مبادرات بين القروض والمنح لوضع مشروعات تنموية سريعة النتائج.

اعتراضات

الناطق باسم الحراك السني في العراق الشيخ فاروق الظفيري، “حكومة بغداد تستجدي من العالم 100 مليار دولار لاعمار المناطق التي دمرتها هي وأمريكا ومليشياتها وداعش، وخاطب الحكومة العراقية قائلا: “أنتم سرقتم ثمانية اضعاف هذا المبلغ منذ الاحتلال ولحد الان ولم تخافوا الله في مساكين العراق”.

ودعا الظفيري المشاركين في مؤتمر إعمار العراق في الكويت: “إذا كنتم فعلا تريدون إعمار المناطق التي دمرتها داعش والمليشيات فلا تعطوا الحكومة العراقية دولارا واحدا، وإنما باشروا المشاريع بأنفسكم، وفلن يصل إلى المناطق المتضررة أكثر من  5 % من المبالغ التي ستتبرعون بها والباقي سيذهب إلى رؤوس الفساد والإجرام”.

من جانبه قال الكاتب العراقي الموصلي أحمد الملاح إن قيمة المبالغ المالية التي ستجمع في مؤتمر الكويت  لا تساوي شيء مقارنة بما خسره العراق نتيجة الحروب والفساد لكن مجرد شعورك أن لك إخوة وأشقاء يحاولون مساعدتك فهذا دافع معنوي كبير جدًا، أكبر بكثير من المنح والاستثمارات المطروحة.

أما الكاتب والمحلل البحريني موفق الخطاب فقال: “عندما تم تدمير البنى التحتية للعراق بعد حربي الخليج تم إعادة إعماره بأموال وسواعد عراقية دون منح وهبات ولا صدقات، فالعراق من أغنى دول العالم أموالا وكفاءآت، وتابع “فقط أزيحوا عنه الفاسدين ونجوه من براثن إيران وعملائها فسيعود كما كان وسيذهلكم دون الحاجة للمانحين وإغراقه بالدائنين!”.
   

ربما يعجبك أيضا