إقالات مفاجئة.. «إقليم تيجراي» يُشعل فتيل «حرب أهلية» في إثيوبيا

محمود طلعت

توترات متصاعدة يشهدها إقليم تيجراي المضطرب في إثيوبيا، عقب غارات جوية نفذتها حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مؤخرًا ضد قوات انفصالية في الإقليم الذي يشكل 6%من سكان إثيوبيا.

إقـالة مســؤولين كبــــار

وبالتزامن مع تصاعد التوتر بين الحكومة وإقليم تيجراي الذي أعلنت فيه حالة الطوارئ قبل أيام قليلة، أقدم آبي أحمد، اليوم الأحد، على إقالة كل من وزير الخارجية وقائد الجيش ورئيس المخابرات في البلاد.

وذكر بيان صدر عن مكتب رئيس وزراء إثيوبيا أن برهان جولا، نائب قائد الجيش، تمّت ترقيته إلى منصب قائد، دون ذكر أسباب تنحية سلفه.

وفي آخر التطورات الجارية في الإقليم، وافق برلمان إثيوبيا، أمس السبت، على تشكيل حكومة مؤقتة لتيجراي، في وقت واصلت فيه الطائرات الإثيوبية عملية القصف.

وتعهد آبي بمزيد من الضربات الجوية في الصراع الآخذ في التصاعد، ووردت تقارير عن سيطرة قوات الإقليم على مواقع عسكرية اتحادية مهمة وأسلحة.

وكتب أبي على تويتر اليوم الأحد أنه على الإثيوبيين ضمان عدم تعرض أبناء تيجراي لمعاملة جائرة «بسبب هويتهم»، ووصف قادة الإقليم بأنهم «عصبة جشعة».

حملة عســــكرية موسعة

وفي كلمة متلفزة أكد رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أمس السبت أن حملته العسكرية تهدف إلى «وضع حد للحصانة السائدة منذ وقت طويل» في إشارة إلى هيمنة أبناء تيجراي على السياسة في البلاد قبل توليه السلطة.

وقال إن على المدنيين في المنطقة الشمالية تفادي الأضرار التي يمكن أن تلحق بهم وذلك بتجنب التجمع في أماكن مفتوحة لأن الضربات ستستمر، في تحد لمناشدات دولية للجانبين بضبط النفس.

واتهم آبي أحمد، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام العام الماضي، حلفاءه السابقين في الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بمهاجمة قاعدة عسكرية للجيش الاتحادي ومحاولة سرقة عتاد، وقال إن «الخط الأحمر الأخير» تم تجاوزه.

تصريحات آبي تأتي في الوقت الذي يشكو فيه أبناء تيجراي من تعرضهم للاضطهاد في ظل حكم آبي الذي ينتمي لعرق الأورومو والذي أمر باعتقال العشرات من كبار المسؤولين السابقين بالجيش والسياسة من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في إطار حملة على الفساد.

جدير بالذكر أن الجبهة الشعبية كانت قد هيمنت على الحياة السياسية في إثيوبيا لعشرات السنين إلى أن تولي آبي السلطة عام 2018، وهي تتصدى الآن لجهوده الرامية لإزاحة قبضتها عن السلطة.

مخاوف من حرب أهلية

ووسط مخاوف من وقوع حرب في البلاد، يواصل آبي أحمد حملة عسكرية أعلن عنها يوم الأربعاء الماضي ضد الإقليم رغم كافة المناشدات الدولية للحوار مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بدلا من المخاطرة باندلاع حرب أهلية.

تقول الأمم المتحدة إن هناك 9 ملايين شخص معرضون للنزوح بسبب الصراع المحتدم في إقليم تيجراي، محذرة من أن إعلان الحكومة الاتحادية حالة الطوارئ يحول دون تقديم الغذاء ومساعدات أخرى.

وقالت وكالة «الأسوشيتيد برس» الأمريكية إن إثيوبيا تبدو على شفا حرب أهلية، مما يهدد استقرار واحدة من أكثر المناطق استراتيجية في العالم، وهي القرن الأفريقي، ويؤدي إلى تصدع إحدى أكبر الدول الأفريقية من حيث عدد السكان.

تحذيرات من الانهيــــار

ونقل معهد الولايات المتحدة للسلام، عن دبلوماسيين أمريكيين سابقين قولهم، إن من شأن انقسام إثيوبيا أن يكون أكبر انهيار لدولة في التاريخ الحديث والتي يقطنها 110 ملايين نسمة.

من جهته أوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير أن الاشتباكات بين القوات الاتحادية وقوات تيجراي اندلعت في 8 مواقع بالمنطقة.

وأشار مكتب الأمم المتحدة إلى أن نحو 600 ألف شخص في تيجراي يعتمدون على المساعدات الغذائية في حين يحصل مليون آخرون على أشكال أخرى من الدعم وجميعها توقفت.

وتحشد الحكومة القوات من مختلف أنحاء البلاد وترسلها إلى تيجراي مما يخاطر بحدوث فراغ أمني في أجزاء أخرى من إثيوبيا يستعر فيها العنف العرقي.

مخاوف من انقسام الجيش

من بين أكبر المخاطر التي يثيرها الصراع انقسام الجيش الإثيوبي على أسس عرقية وانشقاق أبناء تيجراي وانضمامهم لقوات الإقليم، حيث يؤكد خبراء على أن قوات تيجراي لها خبرة في القتال ولديها مخزونات كبيرة من العتاد العسكري.

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قد قادت الائتلاف الحاكم متعدد الأعراق في البلاد منذ الإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي عام 1991 وحتى تولي آبي السلطة عام 2018. وهيمن أبناء الإقليم على الجيش طيلة هذه العقود.

وذكر تقرير للأمن الداخلي أصدرته الأمم المتحدة أن قوات تيجراي تسيطر على مقر القيادة الشمالية للجيش الاتحادي في مدينة ميكلي.

والقيادة الشمالية واحدة من أربع قيادات عسكرية في إثيوبيا وتسيطر على الحدود مع السودان وجيبوتي وإريتريا.