«إيران على أعتاب النووي».. تهديد حقيقي أم مناورة؟

«إيران والمقامرة النووية» استغلال الوقت أم تهديد وشيك؟

شروق صبري
إيران على عتبة انتاج قنبلة نووية

تُشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك مواداً انشطارية ومعرفة تقنية كافية لبناء قنبلة نووية، مما يثير شكوك الخبراء حول استمرار تطويرها للسلاح النووي ببطء.


في ظل التطورات الأخيرة في طموحات إيران النووية، يبدو أن إيران على أعتاب تحقيق هدفها النووي.

ويقدّر العديد من الخبراء أن النظام الإيراني يمتلك بالفعل ما يكفي من المواد النووية الانشطارية لبناء عدد من القنابل إذا قرر القادة.

تسارع التقدم النووي الإيراني

قالت نائبة مدير برنامج منع الانتشار والأمن البيولوجي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أندريا ستريكر، إن إيران يمكنها الآن إنتاج اليورانيوم المخصب بدرجة الأسلحة النووية لما لا يقل عن 13 قنبلة نووية في أقل من أربعة أشهر، بحسب “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، اليوم 23 أغسطس 2024.

وذكرت ستريكر، أن إيران تعمل على تقليص الوقت اللازم لإنتاج أسلحة نووية متعددة بينما تقوم بتعزيز منشآتها النووية تحت الأرض وتقليل الرقابة الدولية، مشيرة إلى أن المعلومات الاستخباراتية الأخيرة تكشف عن انخراط العلماء الإيرانيين في أنشطة تسليح ذري.

ووصف مدير مكتب إيران في فريق الدراسات الأمنية في فيرونا، شاهين مدرس، التباين بين برنامج إيران النووي وبياناتها العامة.

وقال إن إيران تدعي علنًا أن أنشطتها النووية مخصصة فقط للطاقة السلمية، ولكن التخصيب إلى مستويات تتجاوز 60% يشير إلى نية تطوير الأسلحة النووية. وأضاف أن هذا المستوى من التخصيب يتجاوز ما هو ضروري للأغراض المدنية ويشير بقوة إلى هدف تطوير الأسلحة.

“الرد الغربي” تردد واحتواء

قيّمت ستريكر رد الغرب على هذه التطورات بأنه فاتر في أحسن الأحوال. وأشارت إلى أن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين وقعوا في فخ استراتيجي أوجدته إيران، حيث تهدد الأخيرة بالانتقال إلى تخصيب بنسبة 90% (درجة الأسلحة النووية) إذا تصدى الغرب بجدية.

وأضافت ستريكر أن الولايات المتحدة لم تفرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية، مما أدى إلى تخفيف العقوبات بمليارات الدولارات ومنح طهران الوصول إلى الأصول الأجنبية. وبالتالي، تمكن النظام الإيراني من الاقتراب من القنبلة بينما يستفيد من نهج بطيء ويتجنب العقوبات الدولية.

صاروخ إيراني خلال مناورة عسكرية

صاروخ إيراني خلال مناورة عسكرية

إيران في موقع العتبة النووية

قدم الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، الدكتور راز زيمت، منظورًا مختلفًا بعض الشيء. اعترف زيمت بتقدم إيران الكبير، وإن كان تدريجيًا، في برنامجها النووي منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي.

ومع ذلك، أكد أن إيران لم تتخذ بعد قرارًا حاسمًا لتطوير الأسلحة النووية. وذكر زيمت أن إيران قد تتمكن من تطوير سلاح نووي خلال ستة أشهر إلى سنتين، اعتمادًا على نوع السلاح. وأضاف أن إيران في موقع العتبة، مما يعني أنها قد تجمع كمية كافية من المواد الانشطارية لعدة أجهزة نووية في غضون أسبوعين.

تكنولوجيا التفجير النووي

وفقًا لمدرس، تمتلك إيران حاليًا اثنين من العناصر الثلاثة الأساسية لتجميع سلاح نووي. بمجرد أن تحقق التكنولوجيا اللازمة لتفجير نووي، ستكون قد أتمت المثلث، إلى جانب نظام التوصيل وكميات كافية من اليورانيوم المخصب الذي تمتلكه.

وأشار مدرس إلى أن وزارة الدفاع الإيرانية والحرس الثوري الإسلامي يعملون على تطوير التكنولوجيا اللازمة لتفجير نووي، مما يضع إيران على مقربة مقلقة من تحقيق سلاح نووي كامل.

استراتيجية كدولة نووية

يعتقد زيمت أن هدف إيران هو الحفاظ على موقعها كدولة عتبة نووية قدر الإمكان. يرى زيمت أن البرنامج النووي الإيراني يمثل نوعًا من التأمين لاستقرار النظام، حيث تعتقد إيران أن امتلاك القدرات النووية يجعل البلد أقل عرضة للتهديدات العسكرية.

وأكد زيمت أن هدف إيران ليس الوصول إلى هذا الموقع بأسرع ما يمكن، بل بطريقة تقلل من خطر المواجهة العسكرية، خاصة مع الولايات المتحدة.

التحديات والضغوط

يشير زيمت إلى أن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على إيران كانت أحد الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة، وأن الإدارة الإيرانية، خاصة المرشد الأعلى خامنئي، يبدو أنها تقبل أن العقوبات هي سمة دائمة، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وأضاف زيمت أن الاستراتيجية قد تحولت نحو التكيف مع الاقتصاد للنجاة تحت العقوبات بدلاً من السعي لإزالتها.

وفقًا لمودارس، كان لبرنامج إيران النووي آثار اقتصادية ودبلوماسية. فقدرت الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها إيران بنحو تريليون دولار بسبب العقوبات والعزلة الدولية، مما أدى إلى معاناة كبيرة  للشعب الإيراني. ودبلوماسيًا، ساهم الموقف العدواني لإيران واستخدامها لمجموعات الوكلاء في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، مما أدى إلى تدهور نوعية الحياة في المنطقة وإلحاق الضرر بعلاقات إيران مع العديد من الدول.

صاروخ إيراني خلال مناورة عسكرية

صاروخ إيراني خلال مناورة عسكرية

الآثار المحتملة على أوروبا

تؤكد مودارس أن إيران تسعى لتطوير ترسانة نووية، وهو ما يثير قلقًا استراتيجيًا كبيرًا لأوروبا بسبب اعتمادها على الطاقة والضغوط المرتبطة بالهجرة. يمكن أن تؤدي التطورات المرتبطة ببرنامج إيران النووي إلى تقلبات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية وزيادة الأسعار، مما يضع ضغطًا هائلًا على الاقتصادات الأوروبية.

كما تسهم أنشطة إيران في الشرق الأوسط في زيادة الضغوط المتعلقة بالهجرة، مما يمكن أن يفاقم التوترات السياسية داخل وبين الدول الأوروبية.

خيارات المستقبل

تشير التقديرات إلى أن خيارات الغرب لمواجهة تقدم إيران النووي قد تكون محدودة. إذا استمرت إيران في مسارها نحو تطوير الأسلحة النووية، فإن احتمالية الصراع العسكري ستزداد بشكل كبير. بينما فشلت الأدوات الاقتصادية في التأثير على طهران من الداخل.

وقد تكون الخيارات العسكرية هي الطريقة الوحيدة لوقف البرنامج النووي إذا كانت إيران تتسارع نحو الأسلحة النووية. تظل الخيارات العسكرية متاحة لواشنطن وإسرائيل، ولكن من الصعب تجنب أو قصف المنشآت النووية المتخفية تحت الأرض. وإذا استمرت إيران في استخدام تكتيكات تأخير وتفتيت، فإن التوترات الدولية ستستمر في التصاعد، مما قد يؤدي إلى صراعات أوسع نطاقًا في المنطقة وخارجها.

ربما يعجبك أيضا