إيران في طريقها إلى صنع القنبلة النووية.. ما الخيارات الغربية المتاحة؟

عمر رأفت
هل يتغاضى الغرب عن الممارسات والانتهاكات الإيرانية من أجل السلام الإقليمي؟

وصلت العلاقات بين الغرب وإيران إلى مستوى غير مسبوق من التوتر، في ظل انتهاكات طهران المستمرة داخليًّا وعلى المستوى الإقليمي والدولي، وفي ملف النووي.


وصلت العلاقات بين الغرب وإيران إلى مستوى غير مسبوق من السوء، بينما تقترب طهران من صنع قنبلة نووية، حسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية.

وفي تحليل نشرته المجلة أمس الأول الجمعة 3 مارس 2023، حدد مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز، خيارات التعامل الغربي مع إيران، في ظل التوتر الذي يتزايد بنحو لافت منذ أشهر.

علاقات متدهورة بسبب النووي

استعرضت فورين بوليسي أسباب تدهور العلاقات، مشيرة إلى أن إيران عرقلت المحادثات النووية، وقدمت طائرات مسيّرة دون طيار إلى روسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، وداخليًّا تمارس قمعًا غير مسبوق تجاه المتظاهرين.

ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن طهران مقتنعة بأن الغرب يريد تغيير النظام الحالي، مضيفة أن الطرفين كانا يأملان في تجنب الصدام واختيار حلول تعمل على تهدئة التوترات فيما بينهم واستئناف المفاوضات النووية.

وأشارت فورين بوليسي إلى تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن العثور على آثار لجزيئات اليورانيوم عالي التخصيب بما يصل إلى 84% في طهران، وبهذا تقترب إيران من النسب التي تمكنها من صنع الوقود النووي المستخدم في صنع الأسلحة.

هل يتغاضى الغرب عن الممارسات والانتهاكات الإيرانية من أجل السلام الإقليمي؟

هل يتغاضى الغرب عن ممارسات وانتهاكات إيران النووية من أجل السلام الإقليمي؟

 

ضربة عسكرية إسرائيلية ضد إيران

أوردت فورين بوليسي أن الحكومة الإسرائيلية تدرس توجيه ضربات عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، وتشير كل الدلائل إلى أن تل أبيب تمضي قدمًا في هذه الخطوة، ولكن هذا الخيار سيكون كارثيًّا، حسب وصف المجلة الأمريكية.

وقالت فورين بوليسي إنه يجب تجنب هذا الخيار قبل فوات الأوان، لأن تلك الحرب ستكون لها عواقب وخيمة ونتائج عكسية على الغرب وإسرائيل من جهة، وإيران وشعبها من جهة أخرى. وأيضًا يبدو أن قادة الولايات المتحدة ودول أوروبا لا يرفضون الخيار العسكري ضد طهران، على عكس السابق.

وشددت على أن الحكومات الغربية كانت حازمة في موقفها، ردًّا على سلوك الحكومة الإيرانية الأخير، فمنذ بدء الاحتجاجات بشوارع إيران في سبتمبر 2022، ورد أن أكثر من 500 شخص لقوا مقتلهم.

هل يتغاضى الغرب عن الممارسات والانتهاكات الإيرانية من أجل السلام الإقليمي؟

هل يتغاضى الغرب عن ممارسات وانتهاكات إيران النووية من أجل السلام الإقليمي؟

غضب إيراني عارم

أشارت فورين بوليسي إلى أن الحكومة الإيرانية تنظر إلى الدعم الغربي للاحتجاجات الداخلية، على أنه علامة على رغبة أوروبا في تغيير النظام، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.

وثار غضب طهران من الإجراء الأوروبي الأخير، بمنع حضور مسؤولين إيرانيين في مؤتمر ميونخ للأمن، واستبدال شخصيات معارضة في المنفى مكانهم.

ووصفت فورين بوليسي الأحداث الداخلية في إيران بأنها تشتعل يومًا بعد يوم وتبدو في غاية الأهمية، ففي الآونة الأخيرة ورد أن سلسلة من حوادث التسمم المزعومة في المدارس الإيرانية منذ نوفمبر أثرت في أكثر من 1000 طالب.

هل يتغاضى الغرب عن الممارسات والانتهاكات الإيرانية من أجل السلام الإقليمي؟

هل يتغاضى الغرب عن ممارسات وانتهاكات إيران النووية من أجل السلام الإقليمي؟

يجب إيجاد الحلول

ذكرت المجلة الأمريكية أنه نظرًا إلى سجل إيران الحافل بعمليات التستر والوحشية، لا توجد ثقة كبيرة بها لإيجاد حلول للأزمة، ما قد يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات.

وقالت فورين بوليسي إن على الحكومات الغربية العمل لإيجاد حلول مع طهران، بصرف النظر عن مدى القمع داخل البلاد، لتجنب حرب إقليمية ستكون هي الأخطر، في الوقت الذي غالبًا ما تتعامل فيه واشنطن وحلفاؤها مع الخصوم، على الرغم من السياسات القمعية التي يمارسونها.

وضربت المجلة الأمريكية أمثلة على دول مثل كوريا الشمالية والصين وغيرهما، وبررت هذا الأمر بأن واشنطن تفعل ذلك عندما يكون الأمن العالمي على المحك، نظرًا إلى افتقاد الخيارات للتعامل مع النظام الإيراني وعدم الرغبة في أي عمل عسكري.

هل يتغاضى الغرب عن الممارسات والانتهاكات الإيرانية من أجل السلام الإقليمي؟

هل يتغاضى الغرب عن الممارسات والانتهاكات الإيرانية النووية من أجل السلام الإقليمي؟

إيران تعيق الدبلوماسية

ذكرت فورين بوليسي أنه منذ تولي الإدارة الإيرانية المتشددة الجديدة مهامها في أغسطس 2021 برئاسة إبراهيم رئيسي، أدت تصرفات إيران مرارًا وتكرارًا إلى إعاقة الدبلوماسية، خاصة في الملف النووي وما يتعلق به من انتهاكات تمارسها طهران.

وشددت على أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي ضد الممارسات الإيرانية، فيمكنها توجيه ضربة عسكرية ضد طهران قبل فوات الأوان، ومن ناحية أخرى لا تمانع إدارة بايدن أن تفعل إسرائيل ذلك، خاصة بعد أن أجرت واشنطن وتل أبيب أخيرًا تدريبات عسكرية غير مسبوقة.

وفي الشهر الماضي فبراير 2023، صرح السفير الأمريكي في إسرائيل توم نيدس، بأن تل أبيب تستطيع ويجب أن تفعل كل ما تريد للتعامل مع إيران، وبأن الإدارة الأمريكية تدعم هذا.

الصدام قادم لا محالة

أشارت فورين بوليسي إلى المشاورات العسكرية الأمريكية المكثفة مع دول الخليج، والتي وصفتها بأنها تخلق انطباعًا باقتراب الصدام لا محالة، منوهة بأن هذا النهج بمثابة تناقض صارخ مع نهج الرئيسين الأمريكيين الأسبقين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، اللذين عرقلا العمل العسكري الإسرائيلي ضد طهران.

وتتنبأ فورين بوليسي بأن الضربات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية قد تنجح، من الناحية التكتيكية، في تأخير برنامج إيران النووي. ومع ذلك لن يستمر هذا الأمر، بالنظر إلى أن منشآت إيران النووية أصبح معظمها تحت الأرض لتجنب تخريبها.

ومن ناحية أخرى، أشارت المجلة الأمريكية أنه بالنظر إلى عدم الرغبة الإسرائيلية والغربية في تغيير النظام الإيراني، من المرجح أن تعزز الضربات العسكرية قبضة الحرس الثوري الإيراني المحلية على السلطة بدلًا من إضعافها، ما سيؤدي إلى تسريع إضفاء الطابع الأمني ​​الكامل على الدولة.

رد الفعل الإيراني

تتوقع فورين بوليسي أن الضربات العسكرية الإسرائيلية ستؤدي إلى رد إيراني أكبر، خاصة في ظل الوجود الإيراني في سوريا ولبنان وإمكانية استهداف إسرائيل. ويمكن لطهران شن هجمات مباشرة على طرق الشحن الرئيسة والمنشآت النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي، في محاولة لتعطيل الطاقة العالمية.

ويمكن لإيران كذلك إثارة الاضطرابات في العراق من جديد، وإشعال الأعمال العدائية في اليمن، واستهداف الخليج العربي والمصالح الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا