ابتكار بلاستيك غير نفطي قابل لإعادة التدوير

بسام عباس

حاول العديد من دول العالم إعادة تدوير البلاستيك، ولكن إعادة التدوير أكثر كلفة من تصنيعه، فألقيت كميات ضخمة من النفايات البلاستيكية لتسد المحيطات وتفسد البيئة.


استطاع عالمان من جامعة ولاية بويز الأمريكية، تطوير نوع جديد من البلاستيك قابل لإعادة التدوير، ولا يُصنع من النفط الخام أو مشتقاته.

وتشير التجارب المعملية إلى أن ما يقرب من 93% من البلاستيك الجديد، يمكن إعادة تدويره إلى مواد بدائية نظيفة، حتى عندما يخلط البلاستيك الجديد مع نفايات بلاستيكية أخرى غير معالجة.

نفايات بلاستيكية

أوضحت مجلة “ساينس” الأمريكية أن العالم ينتج نحو أكثر من 6 مليارات طن متري من النفايات البلاستيكية، التي لا تتحلل، ولكنها تتكسر إلى قطع صغيرة جدًّا، لافتة إلى أن دول العالم استطاعت حتى الآن، إعادة تدوير أقل من 10% من هذه الكمية.

وأضافت، في دراسة نشرتها اليوم الأربعاء 29 مارس 2023، أن تصنيع المواد البلاستيك الحالية لا يقتصر على النفايات فحسب، بل إنه يستخدم مواد أولية مشتقة من الوقود الأحفوري الذي ينبغي أن يظل مدفونًا في الأرض إذا أردنا تجنب تغير المناخ.

لا يصنع من النفط

أوضحت المجلة الأمريكية أنه في محاولة لإيجاد حلول لتلك المشكلة العالمية، طوَّر عالمان من جامعة ولاية بويز في الولايات المتحدة نوعًا جديدًا من البلاستيك، على عكس البلاستيك الموجود حاليًّا، لا يُصنع من النفط الخام أو أيّ من مشتقاته.

وتشير التجارب المعملية الصغيرة، التي كررت العمليات الصناعية، إلى أن ما يقرب من 93% من البلاستيك الجديد يمكن إعادة تدويره إلى مواد بدائية نظيفة، حتى عندما يخلط هذا البلاستيك مع نفايات بلاستيكية أخرى غير معالجة أو مع ورق أو ألومنيوم.

قابل لإعادة التدوير

قال العالمان أليسون كريستي وسكوت فيليبس، في دراستهما، إن صنع نوع جديد من البلاستيك يعتمد على بولي إيثيل سيانو أكريلات، أو (PECA)، الذي يحضَّر من المونومر المستخدم في صنع الغراء الفائق، ويتشكل من خلال عملية البلمرة، فتربط وحدات المونومر المفردة والمتكررة معًا في تفاعل كيميائي لعمل سلسلة واحدة طويلة.

وأوضح العالمان أن بلاستيك (PECA) الجديد والقابل لإعادة التدوير، إذا أُنتج على نطاقات صناعية، يمكن أن يحل محل بلاستيك البوليسترين الذي لا يمكن إعادة تدويره في معظم البرامج.

fork and knife

بلاستيك مصنوع من البولي إيثيل سيانو أكريلات

بلاستيك البوليسترين

أفادت الدراسة أن بلاستيك البوليسترين يأتي في عدة أشكال، منها: البوليسترين الموسع، المعروف أيضًا باسم الستايروفوم، والذي يستخدم كمواد تعبئة خفيفة الوزن أو لصنع حاويات طعام جاهزة، والبوليسترين المصبوب حراريًّا، ويستخدم لصنع الأطباق والأكواب وأدوات المائدة التي تستخدم لمرة واحدة.

وأضافت أن استبدال هذه المنتجات ببديل قابل لإعادة التدوير بسهولة سيكون قفزة هائلة في الحفاظ على البيئة والحد من الاحتباس الحراري، فالبوليسترين يمثل 6% فقط من نفايات البلاستيك الحالية، وهو جزء صغير يمثل مشكلة أكبر.

وذكرت أن البلاستيك الحالي متعدد الاستخدامات، يصعب أو يستحيل تدميره، رغم أنه يحتوي على اللبنات الأساسية للبلاستيك الجديد، مترابطة في مصفوفة دقيقة، يمكن تفكيكها إذا اكتشفت الوسيلة، ولكن نظرًا لصعوبة إيجاد تلك الوسيلة تُحرق معظم المواد البلاستيكية.

بديل تنافسي

يعتقد كريستي وفيليبس أنه بمرور الوقت يمكن أن يوفر بلاستيك (PECA) الجديد بديلًا تنافسيًّا لأشكال أخرى من البلاستيك بخلاف البوليسترين، وقالا في دراستهما: “نظرًا إلى خصائص المواد الممتازة وسهولة إعادة التدوير، ستكون مادة (PECA) مفيدة في سياقات أخرى، ما سيزيد من إمكانية إعادة تدوير النفايات البلاستيكية”.

وتشير التجارب المعملية الأولية التي أجراها كريستي وفيليبس، إلى أن بلاستيك (PECA) الجديد له خصائص مماثلة للبلاستيك الموجود، وهو مستقر في البيئات الحارة والرطبة.

وفي ما يتعلق بإعادة التدوير، أوضح كريستي وفيليبس كيفية “تكسير” سلاسل البوليمر الطويلة لبلاستيك (PECA) عند درجة حرارة تصل إلى 210 درجات مئوية، ويجري تقطير المونومرات الناتجة في منتج نظيف لاستخدامه مرة أخرى.

sciadv.adg2295 f4

عملية تحويل بلاستيك (PECA) الصلب إلى سائل مونومر إيثيل سيانو أكريلات

النرويج تسبق العالم

أوضحت المجلة العلمية أن إعادة تدوير البلاستيك استراتيجية محافظة على البيئة، ولكن ينبغي أن تكون الأنظمة الصحيحة جاهزة لاستخدام المستهلكين، لافتة إلى أن النرويج خطت خطوات واسعة في تنفيذ المخططات التي شهدت إعادة تدوير 97% من الزجاجات البلاستيكية.

وأضافت أن تقريرًا حديثًا صادرًا عن منظمة السلام الأخضر الأمريكية وجد أن نحو 5% فقط من المواد البلاستيكية يعاد تدويرها حاليًّا في الولايات المتحدة، بعد أن توقفت صناعة إعادة التدوير في الصين عن أخذ نفايات البلاستيك من الدول الأخرى.

solarabic cover 17

إعادة التدوير في النرويج

أزمة النفايات

يمكن إرجاع الجزء الأكبر من هذه النفايات البلاستيكية إلى عدد قليل من الشركات العالمية، ما دفع بعض الخبراء إلى القول بأن المسؤولية تقع على عاتق تلك الشركات لتطوير بدائل مناسبة وخفض إنتاجها من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، لمعالجة السبب الجذري وراء أزمة النفايات في العالم.

وأشار ثلاثة علماء لمجلة ساينس في عام 2017، بعد تحليل إنتاج جميع المواد البلاستيكية المصنعة وطرق واستخدامها ومصيرها، فإن إعادة التدوير تقلل فقط من توليد النفايات البلاستيكية في المستقبل، فهي تحل محل إنتاج البلاستيك الأولي فقط.

ربما يعجبك أيضا