اتفاق قطري تركي مع حكومة الوفاق ينذر بحرب وشيكة في سرت الليبية

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

رغم الجهود الدولية الرامية لتهدئة الأوضاع في ليبيا وسحب المرتزقة، تواصل تركيا استفزازتها بتوقيع اتفاق ثلاثي مع قطر وحكومة الوفاق لجعل ميناء مصراتة قاعدة بحرية لتركيا في المتوسط، وهو ما سيتيح لأنقرة نشر عتاد بحري قوي بالمنطقة ومواصلة خططها التوسعية في ليبيا وتثبيت وجودها العسكري والتجاري في منطقتي شمال أفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط، جهود ربما تشير إلى قرب المعركة الاستراتيجية في سرت بين ميليشيات الوفاق ومرتزقة تركيا وبين الجيش الوطني الليبي .

تفاصيل الاتفاق الثلاثي

الاتفاق الثلاثي ينص على إنشاء مركز تنسيق عسكري ثلاثي مقره مدينة مصراتة وجعلها قاعدة بحرية لأنقرة، على أن تمول الدوحة مراكز ومقرات التدريب لمقاتلي الوفاق.

جاء ذلك خلال زيارة أدّاها كل من وزير الدفاع القطري خالد العطية ونظيره التركي خلوصي أكار إلى العاصمة طرابلس، أمس الإثنين، ولقائهما بمسؤولي حكومة الوفاق، الذين أعلنوا عن اتفاق ثلاثي آخر من أجل زيادة الدعم العسكري لطرابلس.

وحضر الاجتماع رئيس الأركان التركي يشار جولار وسفير تركيا لدى ليبيا سرهات أكسين، والسفير القطري لدى ليبيا محمد بن ناصر.

وفي هذا الصدد، قال وكيل وزارة دفاع الوفاق صلاح الدين النمروش خلال لقائه وزيري الدفاع القطري خالد بن محمد العطية والتركي خلوصي أكار، إنه تم الاتفاق على بناء تعاون ثلاثي بين طرابلس وقطر وتركيا من أجل رفع قدرات المؤسسات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.

كما تم الاتفاق على إرسال مستشارين عسكريين قطريين إلى ليبيا لتدريب العناصر الليبية وإعطاء مقاعد لليبيا في الكليات العسكرية التركية والقطرية.

يأتي هذا في وقت تحاول ألمانيا نفخ الروح في المفاوضات وتثبيت وقف النار، حيث شدد وزير خارجيتها هايكو ماس الذي وصل في وقت سابق إلى طرابلس، على رفض التصعيد العسكري والتدخلات الخارجية في ليبيا، واستمرار تسليح الفرقاء المتحاربين.

وحذّر وزير الخارجية الألماني من “هدوء خادع” يسود حاليًا البلد منذ توقّف المعارك في محيط سرت، مسقط رأس الزعيم الراحل معمّر القذافي.

أهداف خبيثة ومخاطر أمنية

فيما يتعلق بميناء مصراتة الذي تعتزم تركيا تحويله إلى قاعدة بحرية، فإنه سيخدم خططها الرامية إلى التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، بالإضافة إلى أن وضع تركيا يدها على قاعدتين عسكريتين واحدة جوية بالوطية والأخرى بحرية بمصراتة، سيشكلاّن خطرًا على الأمن القومي الليبي وحتى العربي والأوروبي.

هذا ويعدّ ميناء مصراتة البحري الواقع شرق العاصمة طرابلس من أهم المنافذ البحرية في ليبيا، ويتمّتع بموقع استراتيجي هام لقربه من أوروبا ودول المغرب العربي، وكان من أبرز المنافذ التي استخدمتها تركيا لمد حكومة الوفاق بالأسلحة والمقاتلين السوريين.

وللميناء أهمية عسكرية وتجارية، حيث إنه بوابة الاستيراد الرئيسية في ليبيا من وإلى أفريقيا ويمثل الشريان الحيوي للتبادل التجاري، وسيساعد أنقرة بعد وضع يدها عليه على إنشاء قوة بحرية في المتوسط.

وفي الوقت الذي يجري فيه تحويل ميناء مصراتة البحري إلى قاعدة بحرية تركية، قامت أنقرة بتجهيز قاعدة الوطية الجويّة بالدفاعات الجوية والطائرات المسيّرة وإصلاح بنيتها التحتية بعد تعرضها للقصف والتدمير، وسط تحذيرات من وجود مخطّط للهجوم على سرت – الجفرة، من وراء هذه التحركات المتزايدة للمسؤولين العسكريين الأتراك والقطريين في ليبيا.

المعركة القادمة في سرت

تأتي الزيارة التركية القطرية، في وقت تشهد فيه طرابلس توترًا وتحشيدًا عسكريًا، وسط حديث عن مواجهة وشيكة بين الميليشيات.

وتتدخل تركيا عسكريًا في ليبيا لدعم حكومة السراج بتقديم دعم جوي وأسلحة ومرتزقة متحالفين معها من سوريا بدعم وتمويل قطري.

يشار إلى أن حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا تمكنت من صد الهجوم الذي شنه حفتر على طرابلس في أبريل 2019 واستمر لأكثر من عام، وفي يونيو الماضي استعادت قوات الوفاق السيطرة على كامل الغرب الليبي بدعم المرتزقة الذين أرسلتهم أنقرة.

وحاليا، تحشد حكومة الوفاق قواتها في محيط سرت تمهيدًا لاقتحامها، والانطلاق باتجاه معاقل قوات حفتر في الشرق، حيث تتمركز قوات حكومة الوفاق مع المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا، على بعد 25 كلم إلى الغرب من وسط المدينة.

ويتمسك الطرفان المتصارعان بالمدينة الساحلية، التي تتمتع بموقع استراتيجي يربط شرق البلاد وغربها.

وكان الجيش الليبي قد نفذ عمليات استطلاع بحري قبالة سواحل المدينة، التي وصفتها مصر بخطها الأحمر، ملوحة بالتدخل في حال نفذت قوات الوفاق المدعومة من أنقرة تهديداتها باقتحامها.

وتقع مدينة سرت الساحلية، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي على بعد 300 كلم من الساحل الأوروبي وفي منتصف الطريق بين العاصمة طرابلس في الغرب وبنغازي المدينة الرئيسية في إقليم برقة في الشرق، وتعد البوابة الرئيسية إلى مرافيء النفط في البلاد.

بطبيعة الحال، فإن هذه التطورات العسكرية والطموحات التركية لاحتلال ليبيا، لن تؤدي إلا إلى إطالة عدم الاستقرار وتفاقم الأزمة الإنسانية، والتي قد تنهي أي إمكانية للحل للسياسي، في وقت يراقب العالم وصول الحرب الأهلية الليبية إلى نقطة تحول محتملة ، فيما يعتمد التقدم في الصراع بين الأطراف المتحاربة على السيطرة على سرت.

ربما يعجبك أيضا