احتجاجًا على الفقر والفساد.. العالم ينتفض في 2019

حسام عيد – محلل اقتصادي

ربما لم يتحد العالم يومًا على أمره كما يحدث اليوم في احتجاجه على الفساد، والفقر، والبطالة، وعلى المتنفذين؛ الطبقة التي تأكل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي من معدل إنتاج تلك الدول.

الاحتجاجات تأتي سلمية في بعضها، ولكن أغلبها يأتي ويخلف قتلى وضحايا. وكل ذلك يأتي على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية.

المطالب الاقتصادية تجتاح العالم

هذه الموجة التي يتابعها العالم يومًا بعد الأخر، وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تضع الجميع اليوم أمام حقيقة هامة للغاية؛ بأنه لم يعد بمقدور الأفراد تحمل أكثر من هذا العبء والضغط من الفقر وغلاء المعيشة في اتجاه عالمي نحو الركود.

المنطقة كان لها نصيب الأسد من هذه الاحتجاجات أكثر من أي بقعة أخرى بالعالم، وشهر أكتوبر وحده شهد العديد من تلك الحراكات الشعبية.

بالنظر إلى العراق بالأول من أكتوبر، بدأت مطالبات شعبية بتحسين الأوضاع الاقتصادية وإعادة النظر في طبيعة توزيع الموارد بطريقة عادلة، والنظر في معدلات التوظيف وغيرها، لتخلف قتلى بأكثر من 350 شخصًا.

سبقها قبل ذلك السودان، وتنامي المطالبات بتحسين الأوضاع الاقتصادية بدءًا من 19 ديسمبر 2018 وحتى 17 أغسطس 2019.

فرنسا، والحركة المعروفة بـ”السترات الصفر” وتظاهراتها التي بدأت منذ 17 نوفمبر 2018 ولا تزال مستمرة.

الجزائر أيضًا، بالاعتراض على تمديد ولاية أخرى للرئيس السابق عبر حراك شعبي ممتد من 22 فبراير إلى أن تتحقق مطالبه.

وكذلك خروج تظاهرات شعبية في الأرجنتين في الفترة من 30 أبريل 2019، ثم بورتوريكو في الفترة من 13 – 25 يوليو.

غينيا أيضًا، حيث خرجت تظاهرات شعبية في 7 أكتوبر 2019 منددة بتمديد ولاية أخرى لرئيس تجاوز الـ80 من عمره. بالإضافة إلى اندلاع تظاهرات مطلبية في الفترة من 1-13 أكتوبر 2019 بالإكوادور بسبب رفع أسعار المحروقات والتي سرعان ما تراجعت عنها، و7 أكتوبر في البيرو، و18 أكتوبر بالهندوراس وتشيلي بسبب قرار رفع أسعار تذاكر المترو والتي أيضًا سرعان ما تراجعت الحكومة التشيلية عنه.

ومؤخرًا اندلعت احتجاجات شعبية هي الأطول والأكثر شراسة في تاريخ بوليفيا، بدءًا من 21 أكتوبر 2019، والتي أفضت إلى إقالة الرئيس إيفو موراليس لتردي الأوضاع الاقتصادية، ولجوءه إلى الخارج.

وأخيرًا، ثورة الشعب اللبناني التي لا تزال مستمرة في لبنان احتجاجًا على الأوضاع المتردية للاقتصاد وتفاقم الديون وتفشي الفساد بمؤسسات الدولة، وهذا ما دفع المتظاهرين لرفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الطبقة السياسية.

الفساد ونظاهرات دامية في العراق

في الأول من أكتوبر الماضي، خرجت تظاهرات جامحة احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفساد، وبلوغ نسبة الفقر 23%.

فاليوم، خامس أغنى دولة نفطية في العالم تواجه عجزًا يقارب 24 مليار دولار، وتعاني من أزمات كهرباء وخدمات وبطالة تزيد عن 25% بحسب أرقام البنك الدولي.

حكومات متعاقبة أهدرت المال العام وجعلت من العراق الدولة الـ 12 الأكثر فسادًا في العالم بحسب ترتيب منظمة “ترانسبيرنسي إنترناشونال”.

وفي دولة أكثرها من الشباب ما دون سن الثلاثين، سيكون من الصعب احتواء التظاهرات من دون معالجة هذه الأرقام.

ضريبة تطلق شرارة الاحتجاجات في لبنان

بدأت الاحتجاجات في لبنان بالحديث عن إجراء لفرض ضريبة ورسوم على تطبيق الواتساب ليخرج الجميع إلى الشارع مستمرين حتى اليوم الحالي، لتتعطل أحوال الدولة في لبنان اقتصاديًا وماليًا.

ويبلغ معدل الفقر في لبنان 33%، والبطالة تناهز 25%، وأيضًا هو في مرتبة متقدمة بالنسبة للفساد عالميًا وذلك باحتلاله المرتبة 138.

الوقود يشعل شرارة احتجاجات شعبية في إيران

إيران التي عرفت بأنها الأقل سعرًا في أسعار البنزين لمواطنيها، فهي الثالثة عالميًا في رخص الوقود بعد فنزويلا والسودان، تضطر هذه المرة لرفع الأسعار حتى تواجه النفقات وعجز الموازنة بعد فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليها، مما أجج الكثير من الاحتجاجات في كافة المدن الإيرانية.

الرفع المفاجئ لأسعار الوقود من 10 آلاف إلى 15 ألف ريال إيراني جاء في 15 نوفمبر 2019.

وهذا التجاوز الذي يعد بنسبة زيادة تصل بنسبة 300% ما يعادل 30 ألف ريال؛ يعتبره اليوم رجل الشارع في إيران ثقل إضافي فوق غلاء المعيشة وكذلك التباطؤ في الاقتصاد.

تحذيرات من اتساع رقعة الاحتجاجات

مؤخرًا، أطلقت المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية تحذيرات عدة من اتساع رقعة الاحتجاجات حول العالم بسبب الفقر.

فمؤسسات، كصندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ووكالة موديز ذكروا أن هناك 46% من السكان يعيشون تحت خط الفقر في الدول التي تشهد احتجاجات.

كما أن معدل الأجر للفرد الذي يعمل في هذه الدول يبلغ 1.9 دولار يوميًا، وهو ما يوصف بالفقر المدقع.

أفريقيا وحدها فيها 413 مليون شخص تحت خط الفقر، وآسيا بها 221 مليون شخض، أما أمريكا اللاتينية يتواجد بها 24 مليون شخص، بينما يعيش 16 مليون شخص بين تحت خط الفقر والفقر المدقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
 

ربما يعجبك أيضا