احتدام الصراع على المقاعد النيابية في فرنسا.. هل يهدد سلطات ماكرون؟

علاء بريك
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون

ما معنى خسارة الأغلبية البرلمانية بالنسبة لماكرون؟


بعد فوزه في تحدي الانتخابات الرئاسية، يواجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تحديًا أصعب يتمثل في الظفر بأغلبية نيابية تؤمّن له مسارًا سهلًا لتطبيق أجندته الإصلاحية.

لكن إذا سارت الأمور على نحو آخر، سيواجه ماكرون معضلة التعايش مع طرف سياسي يقيد صلاحياته، ويحدّ من قدرته على المناورة وتنفيذ أجندته السياسية، وتشير نتائج جولة الانتخابات البرلمانية الأولى إلى سيناريو من هذا النمط، ويتبقى لماكرون أسبوع واحد لقلب الموازين.

وعد مُخلَف

استغل حزب ماكرون الأحزاب التقليدية من اليمين إلى اليسار إلى الخضر. فقد انتخب رئيسًا في 2017 لأنه كان أفضل خيار أمام الناخب الفرنسي في حالة بلد هشٍّ ديمقراطيًّا، لكن ماكرون ساعد على زيادة الاستقطاب في فرنسا، حسبما كتبت الجارديان.

وبعد 5 سنوات من الحكم وانتخابه لدورة ثانية، واجه الرئيس الذي تعهد في 2017 بفعل أي شيء ليجعل الناخب الفرنسي لا يفكر مرة أخرى في التصويت للراديكاليين. الجولة الأولى من الانتخابات النيابية، في 12 يونيو 2022، في ظل مشهد سياسي يسوده الانقسام والتشدد.

المزاج الانتخابي

أوضحت الجارديان، أن البلاد تنقسم إلى 4 كتل لا تطيق التحدث مع بعضها البعض، كتلة اليمين المتطرف الذي حصلت مرشحته إلى الرئاسة مارين لوبان على مزيد من أصوات الفرنسيين في 2022، وكتلة اليسار الراديكالي القوي اليوم.

وكتلة الممتنعين عن التصويت، المعبرة عن ريبة الجمهور واللامبالاة و/أو الرفض السياسي، وإلى جانب هذه الكتلة تأتي كتلة الوسط المتشدد التي تشكّل خليطًا من اليمين واليسار الملتف حول إيمانويل ماكرون.

نتائج الأحد

وفق ما أوردته شبكة سي أن أن، حصل تحالف ماكرون المؤلف من أحزاب الوسط على 25.75% من أصوات الناخبين، يوم الأحد 12 يونيو 2022، بحسب وزارة الداخلية الفرنسية، في حين حصل تحالف اليسار، بقيادة ميلونشون، على 25.66% من أصوات الناخبين.

ووفقًا لاستطلاعات إيلاب، من المتوقع أن يظفر تحالف ماكرون بـ260 إلى 300 مقعد نيابي، ويحتاج التحالف إلى 289 مقعدًا ليؤمن الأغلبية المطلقة، في حين سيظفر اليسار، بحسب الاستطلاع، بحوالي 170 إلى 220 مقعدًا، بما يمثل زيادة كبيرة عن نتائجه في عام 2017.

ما حاجة ماكرون إلى الأغلبية؟

بحسب وكالة رويترز إذا خسر تحالف ماكرون أغلبيته المطلقة في الجولة الثانية، فسيضطر الرئيس، عند اقتراحه أي قانون في البرلمان، إلى عقد تحالفات عشوائية مع جماعات يمين الوسط أو يسار الوسط ممن يرفضون الاصطفاف مع ميلونشون، فضلًا عما قد تسببه الخسارة من تعديلات وزارية.

وتوضح رويترز، أن هذا سيترتب عليه إبطاء لوتيرة الإصلاحات، وقد تفضي إلى مأزقٍ سياسي في بلد لا تتضمن ثقافته السياسية عادة بناء الإجماع والعمل الائتلافي. وقد يمثّل هذا الأمر، حال حدوثه، حدثًا غير عادي في ظل الجمهورية الخامسة، وما من قاعدةٍ قانونية يمكن السير عليها لبناء تحالفٍ ما، كما قد يحدث في بلدانٍ مثل بلجيكا وهولندا.

معضلة

بموجب الدستور الفرنسي، يجب على ماكرون تسمية رئيس وزراء يحظى بدعم البرلمان، ويأتي بعدها ما يُعرَف بمرحلة “التعايش”. وماكرون ليس مجبرًا على اختيار شخصٍ ترشحه الأغلبية إلى منصب رئيس الوزراء، حسب تقرير لوكالة رويترز.

لكن إذا رفض ماكرون تسمية ميلونشون، فمما لا شك فيه أن صراعًا على السلطة مع البرلمان سيندلع، لأن الأغلبية الجديدة سترفض أي مرشح آخر يقدمه ماكرون.

من جهة أخرى، ومن شأن ذلك التعايش بين الرئيس والبرلمان أن يكبّل سلطة ماكرون ويعطّل من مسار أجندته الإصلاحية، لتنحصر حريات الرئيس بالسياسة الخارجية في حين تذهب صلاحيات السياسة الداخلية اليومية إلى يد الحكومة.

ربما يعجبك أيضا