اختبار للعدالة الدولية.. ماذا تعني محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية؟

الجنوب العالمي يعتبر محاكمة إسرائيل أمام «العدل الدولية» اختبارًا لمصداقية النظام الدولي

آية سيد
جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.. من يربح أمام «العدل الدولية»؟

تقدم القضية للفلسطينيين أملًا في زيادة الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء عدوانها المدمر على غزة، وفرصة لمحاسبة إسرائيل على قمعها لهم على مدار 75 عامًا.


تنظر محكمة العدل الدولية في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة.

ورغم أن الحكم النهائي قد يستغرق سنوات، من المتوقع أن يُصدر القضاة في الأيام المقبلة أول قرار لهم في القضية، بشأن الموافقة على طلب جنوب إفريقيا باتخاذ تدابير طارئة لكبح جماح العدوان الإسرائيلي على غزة.

أصداء عالمية

وفق تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، اليوم الثلاثاء 23 يناير 2024، أثارت القضية جدلًا واسعًا حول العالم. فبالنسبة لإسرائيل وحلفائها، القضية باطلة ولا أساس لها من الصحة. لكن بالنسبة للفلسطينيين ومؤيديهم، خاصة في الجنوب العالمي، تُعد القضية اختبارًا لمصداقية النظام الدولي الذي يعتبرونه محتشدًا ضدهم.

اختبار للعدالة الدولية.. ماذا تعني محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية؟

جلسة استماع في محكمة العدل الدولية في 12 يناير الحالي

وفي هذا السياق، قالت المحللة السياسية الإسرائيلية، داليا شيندلين: “القليل من الصراعات حول العالم حظت بمثل هذه الأصداء العالمية”، مضيفةً أن كل الأشخاص حول العالم لديهم موقف بشأن هذه القضية، ولذلك “أتصور أن أي قرار ستتخذه المحكمة سيؤجج الجانبين بطريقة أو بأخرى”.

لحظة فارقة

في إسرائيل، التي لا تزال تترنح من هجوم حماس والحرب اللاحقة في غزة، قوبلت دعوى جنوب إفريقيا بعدم الفهم والغضب. إلا أن القضية تقدم للفلسطينيين أملًا في زيادة الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء عدوانها المدمر على غزة، وفرصة لمحاسبة إسرائيل على قمعها لهم على مدار 75 عامًا.

وفي هذا الشأن، قال السفير الفلسطيني في بريطانيا، حسام زملط: “هذا أول جهد دولي جاد يهدف لإنهاء هذا الوضع المروع والمطالبة بالمحاسبة بعد 75 عامًا من حرماننا من حقوقنا الأساسية”.

وأضاف، في التصريحات التي أبرزتها فاينانشال تايمز: “هذه لحظة فارقة. إذا التزمت محكمة العدل الدولية بولايتها القانونية ونجحت في حكمها، ستنجح لنفسها وللنظام الدولي القائم على القواعد. وإذا فشلت، أعتقد أنها ستفشل لنفسها، ولولايتها، وللنظام القائم على القواعد بأكمله”.

القرارات المرتقبة

لاتخاذ قرار بشأن تطبيق تدابير طارئة من عدمه، يجب أن تحدد المحكمة ما إذا كانت اتفاقية الإبادة الجماعية تغطي أعمال إسرائيل، وما إذا كانت توجد حاجة إلى التدابير الطارئة لحماية حقوق الفلسطينيين في غزة، وهو حد أدنى أقل بكثير من المطلوب لدعم قضية جنوب إفريقيا الكلية.

وحسب الصحيفة البريطانية، إذا حددت المحكمة استيفاء هذا الشرط، يمكنها فرض بعض أو كل التدابير التي طلبتها جنوب إفريقيا، التي تتراوح من التعليق الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى وقف التحريض على ارتكاب إبادة جماعية، أو تدابير أخرى من اختيارها.

إبادة جماعية

مجرد خطوة أولى

قالت أستاذة القانون الدولي بكلية دافيس للحقوق بجامعة كاليفورنيا، شيمين كيتنر: “الجانب الذي سيتنصر في هذه المرحلة الأولية سيشعر أنه جرى تبرئته قانونيًا، في حين أنها مجرد الخطوة الأولى في عملية أكثر دقة واستهلاكًا للوقت”.

ولفتت فاينانشال تايمز إلى أن التأثير المباشر لأي تدابير طارئة، إذا وافقت إسرائيل على الالتزام بها، سيكون في الحرب على غزة. ويشكك المحللون القانونيون في أن المحكمة ستأمر إسرائيل بوقف عملياتها، على الأقل لأنها لا تستطيع أن تأمر حماس بفعل الشيء نفسه.

لكنهم رأوا أن الخيارات الأخرى، مثل زيادة المساعدات الإنسانية، أو دخول محققين مستقلين، مرجحة أكثر.

تأثير القرارات

قال المحللون إنه حتى لو تجاهلت إسرائيل قرارات المحكمة، فإن حقيقة صدور القرارات قد تؤثر في كيفية تعامل الدول الأخرى معها، على سبيل المثال عبر جعلهم أقل استعدادًا لبيع الأسلحة لإسرائيل، أو أكثر استعدادًا لفرض عقوبات عليها.

ووفق الصحيفة البريطانية، يعتقد البعض أن القرار النهائي النهائي ضد إسرائيل قد يؤثر في الدعاوى في المحاكم الأخرى، مثل المحكمة الجنائية الدولية، التي تتعامل مع أفعال الأشخاص، وليس الدول.

فرص ومخاطر

أشارت فاينانشال تايمز إلى وجود الكثير من الأمور على المحك بالنسبة لمحكمة العدل الدولية نفسها.

وقالت شيمين كيتنر إن دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل كانت الأخيرة في سلسلة من القضايا التي أشارت إلى أنه، نظرًا للعجز الذي طال أمده في مجلس الأمن، أصبحت الدول أكثر استعدادًا للتوجه إلى هيئات دولية أخرى، مثل محكمة العدل الدولية، من أجل الأحكام المتعلقة بالقضايا الإنسانية المُلحة.

وأوضحت أن هذا الاتجاه يشكل فرصًا ومخاطر لمحكمة العدل الدولية، فقد يعزز نفوذ المحكمة، لكنه قد يعرّض المحكمة لخطر الانجرار إلى قضايا تجعلها عرضة للاتهامات بأنها مسيّسة. وقالت: “إنه سلاح ذو حدين”.

ربما يعجبك أيضا