استراتيجية خفية.. سموتريتش يسعى لضم الضفة بأساليب غير تقليدية

«توسيع المستوطنات».. الخطة السرية لضم الضفة الغربية

شروق صبري
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش

سموتريتش يعزز سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية بهدوء عبر توسيع المستوطنات وتحسين البنية التحتية، مما يقوض فرص الدولة الفلسطينية.


منذ فترة طويلة، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وهو من أقصى اليمين في السياسة الإسرائيلية، إلى ضم الضفة الغربية.

الآن، كوزير في الحكومة الإسرائيلية، يستخدم أدوات سياسة غير معروفة بشكل واسع لتحقيق هذا الهدف، محاولًا إعادة تشكيل الأراضي المحتلة بهدوء نحو ضمها الفعلي لإسرائيل.

تتطورات الاستيطان

يوم الأربعاء 14 أغسطس 2024، احتفل سموتريتش، بإنجازه الأخير، وهو إنشاء حدود بلدية جديدة لبناء مستوطنة يهودية جديدة ستربط كتلة استيطانية كبيرة في الضفة الغربية بمدينة القدس، المستوطنة الجديدة، التي ستحمل اسم “نحال حليتس”، ستقام على أراضٍ صنفها اليونسكو كموقع تراث عالمي عام 2014.

تعد الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع يتبعها المستوطنون الإسرائيليون لعزل المدن الفلسطينية بالضفة الغربية عن القدس الشرقية، وهو ما يضعف احتمال أن تصبح القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة في المستقبل، بحسب “وول ستريت جورنال” الأمريكية اليوم 16 أغسطس 2024.

تقويض الدولة الفلسطينية

أكد سموتريتش أنه سيواصل “محاربة الفكرة الخطيرة للدولة الفلسطينية وخلق حقائق على الأرض”، مشيرا إلى أن هذا هو “هدف حياته”، وسيستمر في هذا المسعى قدر استطاعته.

صعد سموتريتش إلى السلطة أواخر عام 2022 عندما ساعد حزبه اليميني المتطرف، حزب الصهيونية الدينية، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الفوز بأغلبية برلمانية ضئيلة، باستخدام نفوذه، تمكن من الفوز بمنصبين مزدوجين؛ منصب وزير المالية وأيضًا وزير الدفاع، مما منحه سلطة كبيرة على سياسة الضفة الغربية.

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش

زيادة مصادرات الأراضي

منذ تولي سموتريتش منصبه، لاحظت منظمات فلسطينية وإسرائيلية زيادة في عمليات مصادرة الأراضي، وإصدار تصاريح البناء، وإنشاء البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية. كما ارتفعت عمليات هدم المنازل الفلسطينية بشكل ملحوظ.

إلى جانب ذلك، يوجه سموتريتش مئات الملايين من الدولارات من أموال دافعي الضرائب نحو تحسين البنية التحتية في الضفة الغربية. في وزارة الدفاع، قام باستبدال المؤسسات العسكرية التي كانت تشرف على الاحتلال الإسرائيلي بمؤسسات مدنية تتمتع بسلطات أكبر في التعامل مع قضايا مثل المياه، وطرق البناء، وإصدار تصاريح البناء.

تحولات تحت الرادار الدولي

التحولات التي يقودها سموتريتش في الضفة الغربية تعتبر في غاية التعقيد والبيروقراطية، مما يجعلها تمر دون ملاحظة كبيرة من الجمهور العام أو المجتمع الدولي. هذه التغييرات، وإن كانت تبدو غير ملحوظة، قد تهيئ الأرضية لسيادة إسرائيلية فعلية على الضفة الغربية دون الحاجة إلى إعلان رسمي.

في يونيو2024، وافقت الحكومة الإسرائيلية على بناء مستوطنة “نحال حليتس” وأربع مستوطنات أخرى بناءً على طلب سموتريتش، وفي خطوة يبدو أنها جاءت كجزء من صفقة مقايضة، وافق سموتريتش أيضًا على الإفراج عن إيرادات الضرائب التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، والتي كانت قد جمدتها بعد هجمات 7 أكتوبر.

المستوطنين اليهود

سموتريتش خلال لقاء عدد من المستوطنين

إدارة المستوطنات

لطالما ادعت إسرائيل أن سيطرتها على الضفة الغربية هي احتلال عسكري مؤقت يديره الجيش، وأن الوضع النهائي للمنطقة سيكون جزءًا من تسوية تفاوضية مع الفلسطينيين. ولكن مع إشراف سموتريتش، تم إنشاء هيئة مدنية جديدة تُعرف باسم “إدارة المستوطنات”، والتي تتمتع بصلاحيات واسعة تشمل تخصيص الأراضي، والموافقة على توسيع المستوطنات، وإصدار تصاريح البناء.

هذه التغييرات مهدت الطريق لتخصيص ما يقرب من 6,000 فدان في الضفة الغربية كأراضي دولة، وهي خطوة تمهيدية لإنشاء مستوطنات جديدة في تلك المناطق. حتى الآن هذا العام، تم الاستيلاء على أراضٍ أكثر مما تم الاستيلاء عليه في الثلاثة عقود الماضية مجتمعة، وفقًا لمنظمة “السلام الآن” الإسرائيلية لمراقبة الاستيطان.

تهميش الفلسطينيين

أدت التحسينات التي أشرف عليها سموتريتش إلى تحسين نوعية الحياة في المستوطنات الإسرائيلية، مما قد يجذب المزيد من الإسرائيليين للانتقال إلى هناك. هذه التحسينات، مثل توسيع الطرق وتركيب إنارة جديدة، قد تبدو بسيطة، لكنها تعزز من الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية وتزيد من تهميش الفلسطينيين.

في الوقت ذاته، أبلغ الفلسطينيون عن زيادة في مضايقات المستوطنين منذ بداية الحرب على غزة. ويقول محمد اشتية، مزارع فلسطيني يبلغ من العمر 48 عامًا، إن المستوطنين أصبحوا أكثر جرأة في الأشهر العشرة الماضية، حيث قاموا بتسريع البناء، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى مزارعهم، وقطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة سلفيت.

نتنياهو وسموتريش

نتنياهو وسموتريش

التأثير المستقبلي على السلام

في حين أن هذه التغييرات قد تبدو صغيرة، إلا أنها تمهد الطريق لتوسيع السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وتعقيد احتمالات السلام مع الفلسطينيين.

ومع تزايد نفوذ المستوطنين اليمينيين المتطرفين، يبدو أن المستقبل يحمل المزيد من التحديات لعملية السلام والاستقرار في المنطقة.

ربما يعجبك أيضا