استزراع الأخطبوط.. تحديات أخلاقية وبيئية ومساعٍ لتلبية الطلب المتزايد

بسام عباس
أخطبوط

لا يزال إنتاج الغذاء أحد أكبر التحديات الأخلاقية التي تواجه البشرية في القرن 21.


الأخطبوط ملك أطباق المأكولات البحرية، ويتنافس الصيادون على اصطياد نحو 420 ألف طن من هذه الرخويات، بأنحاء العالم كل عام.

وتُعزى الشعبية العالمية المتزايدة للأخطبوط إلى الأذواق المتزايدة للمغامرة لدى المستهلكين الأصغر سنًا، وفوائده الغذائية، وتراجع مخزون الأسماك التقليدية، مثل سمك القد.

الأخطبوط من الوجبات الشهية

الأخطبوط يعد من الوجبات الشهية

أولى مزارع الأخطبوط

قال موقع كونفرزيشن العلمي إن هذه الشعبية شجعت شركة نويفا بيسكانوفا الإسبانية للاستزراع المائي، لافتتاح أولى مزارع الأخطبوط في العالم في جزيرة جران كناريا، وهي منشأة تستهدف إنتاج 3 آلاف طن من الأخطبوط سنويًّا.

وأضاف، في تقرير نشره، يوم أمس الخميس 23 مارس 2023، أن الأخطبوط قد يكتسب 5% من وزن جسمه في يوم واحد، ما يجعلها فرصة جذابة لتربية الأحياء المائية، على الرغم من صعوبة تكاثرها في الأسر.

الصيد الجائر

ادعت شركة نويفا بيسكانوفا أنها حققت إنجازًا علميًّا مهمًا، ما يسمح لها بتربية أجيال متعاقبة من الأخطبوط الشائع، والمعروف باسم الأخطبوط الأطلسي، وتزعم أن تربية الأخطبوط ستقلل من الصيد الجائرة، وتضمن توفير “الغذاء البحري”، مع “تخفيف الضغط على مناطق الصيد البري”.

لكن ليس من السهل على المستهلكين تقييم تكاليف وفوائد تناول الأسماك المستزرعة والحيوانات البحرية، فمن المغري الاعتقاد بأن الأنظمة المقيدة تقلل من مخاطر الصيد الجائر، لكن من المعروف أيضًا أن مزارع الأسماك وغيرها من أشكال تربية الأحياء المائية تلوث المياه الساحلية بالأدوية والفضلات.

الصيد الجائر للأخطبوط

الصيد الجائر للأخطبوط

مخلوقات ذكية مرحة

كشف باحثون عن أن الأخطبوطات، باعتبارها مخلوقات ذكية ومرحة، لا تناسبها حياة الأسْر والإنتاج الضخم، ويقول نشطاء حقوق الحيوان بأن زراعة الأخطبوطات، بناءً على هذه الأدلة، ستؤدي لمعاناة رهيبة لم يسبق لها مثيل لهذه الكائنات.

وأثارت دراسات أجراها علماء من كلية دارتموث الأمريكية، مخاوف بشأن طريقة قتل الأخطبوط، التي ابتكرتها نويفا بيسكانوفا، وهي وضع الأخطبوط في ميادة متجمدة لتقليل درجة حرارته حتى يموت. وشكك العلماء في مدى ملاءمة هذا للأنواع التي لديها قدرة متطورة على معالجة المعلومات، واستخدام الأدوات البدائية، والمسارات البصرية المعقدة، وليس أقلها، القدرة على الألم.

تجربة غير إنسانية

أوضح دعاة الحفاظ على النظم البيئية أن استزراع الأخطبوط تجربة غير دائمة بوصفها غير إنسانية، وسيؤدي إقامة المزارع إلى مزيد من الضغط على محيطات العالم، واستنزاف أعداد الأسماك، التي يجري اصطيادها بغرض إطعام الأخطبوطات في الأسر.

وأضاف موقع كونفرزيشن أن استمرار الاستزراع المائي لهذه الكائنات يثير المزيد من المخاوف البيئية، فرغم التحسينات الكبيرة على مدى العقدين الماضيين، لا تزال هذه الصناعة مصدرًا للآفات والملوثات وانبعاثات غازات الدفيئة.

ويعتقد الباحثون أنه من غير الممكن تربية الأخطبوط في مزارع اصطناعية بمعايير رفاهية عالية، ويخشون أن قتلها بغمرها في المياه المتجمدة بعيد كل البعد عن الإنسانية، ولا ينبغي اعتباره القاعدة في بيئة المختبر.

مذهب الأنواع

قال الموقع إن بعض نتائج الأبحاث أشارت إلى أن الأخطبوطات مثل القطط، في نوعية الذكاءً لديها، وتساءل عن الأسباب التي تدفعنا لأكل الأخطبوط وعدم أكل القطط. وأضاف أن أحد الاحتمالات هو الصعوبة التي نواجهها في ما يتعلق بالأخطبوطات، فمن الصعب قراءة شخصيتها وأجسادها التي تعيش في الماء، وهي تشبه وحوش البحر المصغرة ذات المجسات المتعددة والأعين المنتفخة.

ولفت إلى أن هذا لا يجعل الأخطبوط، وغيره من الكائنات المائية، مثل الحبّار والقشريات، طعامًا شهيًّا، مشيرًا إلى أن هذا شيء أطلق عليه الباحثون «مذهب الأنواع»، وهو التفكير التعسفي، الذي يبرر اعتبار بعض الحيوانات أليفة، والبعض الآخر مجرد طعام.

تحدٍ أخلاقي

أوضح الموقع العلمي أنه في قضايا الغذاء والزراعة، لا توجد حلول أو تنازلات بسيطة، فالتوترات بين طلبات المستهلكين وقدرة السوق على تلبية هذه التوترات مستمرة، ومع وجود العديد من مصادر البروتين، لن نحتاج إلى تناول الأخطبوط.

وأفاد بأن الطعام يرتبط أيضًا بالقيم الثقافية والتواصل الاجتماعي وأفكار الذوق الرفيع، ويمكن للعلم أن يخبرنا بنحو أفضل عن الآثار المترتبة على ماذا وكيف نأكل، ومع ذلك لا يزال إنتاج الغذاء أحد أكبر التحديات الأخلاقية التي تواجه البشرية في القرن 21.

ربما يعجبك أيضا