استفتاء موريتانيا.. مقاطعة واسعة واتهامات بخرق القانون

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبد الله

وسط تشنج سياسي ومقاطعة من معظم أحزاب المعارضة، يجري في موريتانيا استفتاء على تعديلات دستورية قدمها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بناء على ما وصف بـ”مخرجات الحوار السياسي” العام الماضي.

وبموجب تلك التعديلات سيتوجب إلغاء مجلس الشيوخ الموريتاني وإحلاله بمجالس جهوية، ودمج مؤسسات المجلس الأعلى للفتوى والمظالم والمجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية، إضافة إلى تغيير النشيد والعلم الوطنيين.

جدل قانوني
الرئيس محمد ولد عبد العزيز استند في مشروع التعديلات إلى المادة (38) من الدستور والتي تعطي لرئيس الجمهورية أن يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية.

في المقابل ترى المعارضة الاستفتاء “لاغيا” بموجب مادة دستورية أخرى تخص المادة الـ (38)، إذ تنص المادة (99) من الدستور أن مراجعة الدستور لا يجب أن تتم إلا إذا صوت عليه ثلثا أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا أعضاء مجلس الشيوخ ليتسنى تقديمه للاستفتاء، وهو ما حاول “ولد عبدالعزيز” فعله قبل أن يصطدم برفض مجلس الشيوخ للتعديلات المقترحة.

كما ينص بند آخر في المادة (99) أنه لا يجوز الشروع في أي إجراء يرمي إلى مراجعة الدستور إذا كان يطعن في مبدأ التناوب الديمقراطي على السلطة والمبدأ الملازم له الذي يحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

حراك الشارع

سجال قانوني انتقل منذ أيام إلى الشوارع في مظاهرات ومسيرات سرعان ما تحول بعضها إلى صدامات عنيفة مع قوات الأمن اسخدمت فيها الهراوات والغاز المسيل للدموع في ثلاثة من أحياء العاصمة نواكشوط.

وفيما تتحدث المعارضة عن عملية قمع سياسي وأمني في فرض سياسة الأمر الواقع، يبدو الرئيس ماضياً في تغيير الدستور الثالث في البلاد بعد ما شارك عام 2006 في تعديل دستور 91 عندما كان عضواً بمجلس الحكم العسكري الانتقالي.

تعهد رئيس الدولة مرات عدة بعدم المساس بعدد الولايات الرئاسية، وتأكيده بأن “الدستور لا يمكن أن يتغير لمصالح شخصية”، لم يتمكن من تهدئة مخاوف المعارضة التي تبرر قلقها بالإشارة إلى تصريحات لوزراء أو مقربين من الرئيس يؤيدون إدراج ولاية رئاسية ثالثة.

دعوات بالمقاطعة

من أهم الرهانات في هذا الاستفتاء نسبة مشاركة الناخبين الذين يبلغ عدد المسجلين منهم حوالي مليون و400 ألف ناخب، ويبدو أنها ستكون الفيصل في هذا الاستفتاء.

وتأمل المعارضة التي دعت إلى “مقاطعة فعلية” للتصويت امتناع عدد كبير من الناخبين عن التصويت للتشكيك في شرعية الاستفتاء، الذي من المتوقع أن تعلن نتائجه مطلع الأسبوع المقبل.

كما تخشى من إجراء تغييرات دستورية تقضي بإلغاء مجلس الشيوخ وتسهل تعديل سقف عدد الولايات الرئاسية المحددة باثنتين، حيث اتهم رئيس حزب “تواصل” المعارض السلطات بالإعداد لعمليات تزوير، محذراً من اندلاع أعمال عنف.

خروقات النظام

رؤساء الأحزاب والحركات المناهضة للتعديلات استبقوا عملية الاقتراع بتسجيل مواقفهم، حيث اتهموا السلطات بخرق الدستور عبر التنصت على هواتفهم ونشر فحوى مكالماتهم، ويرون أن الاستفتاء تشوبه خروقات كبرى منها استبدال مديري مكاتب التصويت الرافضين للتزوير، ورفض حضور مراقبين دوليين واستخدام الوسائل العامة.

مراقبون يرون أنه على الرغم من عدم وضوح النظام من التعديلات الدستورية الحالية ومصلحته منها، فإن الإصرار على إقرارها جاء لاثبات هيبة النظام ومنعاً لسقوط خياراته ومشروعه السياسي وتفكك الأغلبية بعدما أسقطت الإغلبية مشروع التعديلات تحت قبة مجلس الشيوخ.

تقف موريتانيا إذن أمام يوم تاريخي مع الاستفتاء الشعبي لتعديلات دستورية “مثيرة للجدل” وسط أجواء انقسام غير مسبوقة وتقلبات في المشهد السياسي، يبقى الفيصل فيها نسبة المشاركة بعد حشد الحكومة للتصويت بـ”نعم” ودعوة المعارضة أنصارها للمقاطعة.
 
https://www.youtube.com/watch?v=miIP8seRkuA
https://www.youtube.com/watch?v=kncKCVM9JfQ

ربما يعجبك أيضا