استقالة “كارنباور” تشعل سباق المنافسة على خلافة ميركل

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

يدخل السباق على رئاسة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ألمانيا منعطفه الأخير مع اقتراب موعد السباق على خلافة أنجيلا ميركل، داخل حزبها المحافظ.

والأسبوع الماضي أعلنت أنغريت كرامب – كارنباور، زعيمة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، والمعينة من قبل المستشارة الألمانية، عزوفها عن الترشح، مطيحة بإمكانية حصول انتقال هادئ للسلطة في نهاية 2021، بعد انتهاء ولاية ميركل الرابعة.

مجلة “بوليتيكو”، اعتبرت أن القرار المفاجئ، الذي اتخذته كارنباور، بالتخلي عن رئاسة الحزب، يشعل السباق على خلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ويؤجج معركة حول اتجاه المؤسسة المحافظة.

وجاءت خطوة كارنباور بعد أيام من الانتقاد الشديد بسبب تعاملها مع الجدل الدائر حول التعاون بين النواب المحافظين وأعضاء حزب “البديل الألماني” لانتخاب زعيم جديد لولاية تورنغيا الشرقية، بحسب مراقبين.

من يخلف ميركل؟

وعقب اعتذار أنيغريت عن رئاسة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، يبقى السؤال: من بوسعه شغل هذا المنصب؟. وحتى الآن هناك ثلاثة أسماء مستعدة لخوض المعركة هم: ينس شبان (39 عامًا)، فريدريش ميرتس ( 64 عامًا)، أرمين لاشيت (58 عاما).

وتعتزم أنيغريت تسليم منصبها في الحزب بحلول الصيف، ومن المتوقّع أن تبدأ هذا الأسبوع محادثات مع المرشّحين المحتملين لخلافتها في قيادة الحزب، قبل رفع تقريرها إلى المسؤولين في الاتحاد المسيحي الديمقراطي في 24 فبراير.

ينس شبان

“هل الحزب المسيحي الديمقراطي حديث ومنفتح بما فيه الكفاية لمستشار مثلي؟” هكذا كانت أحد عناوين صحيفة شعبية ألمانية، في إشارة إلى ينس شبان وهو مثلي الجنس ومتزوج منذ عام 2017 من رجل، وفقا لموقع “دويتشة فيله” الألماني.

في سياسة اللجوء والهجرة شدد شبان بعد 2015 على تغيير في النهج. وفي النقاش حول ما يُسمى بالحد الأقصى للاجئين ولم الشمل العائلي دافع عن تقليص إضافي.

وفي يوليو 2017 قال شبان في مقابلة صحفية إن “من يأتي من المجال الثقافي العربي إلينا يكون في الغالب متسما بتربية جنسي معقدة بسبب عدم مساواة النساء ورفض اليهود أو المثليين”.

كما أكد أنه يجب على المهاجرين أن يتعلموا من جديد الحياة في مجتمع منفتح ومتحرر، وإلا فإن المجتمع الألماني يخاطر بأن يصبح “معاديا للسامية ومعاديا للمثليين وذكوري ومنحاز للعنف” أكثر من ذي قبل.

ومنذ أن أصبح ينس شبان وزيرا للصحة، فإنه يعمل جاهدا للتألق كرئيس لهذا القطاع، ويسعى بالتالي لتولي مهام أكبر.

فريدريش ميرتس

رجل القانون والاقتصاد والذي يحمل آمال الساسة الاقتصاديين داخل الحزب المسيحي الديمقراطي وكذلك المحافظين الذين باتوا يرون في نهج أنجيلا ميركل لبيرالية وديعة.

وكان ميرتس، المؤيد لسلوك نهج يميني والمحامي السابق لدى صندوق “بلاك روك” الاستثماري الأمريكي، قد هُزم بفارق طفيف أمام كرامب- كارنباور في نهاية العام 2018، خلال التنافس على رئاسة الحزب.

وفي هذه الفترة تألق ميرتس في مساره المهني وظل طوال سنتين رئيسا للكتلة المسيحية في البرلمان قبل أن تبعده أنغيلا ميركل في 2002 من هذا المنصب. وفي 2009 غادر ميرتس البرلمان وانتقل إلى القطاع الخاص.

ويُعد ميرتس خطيبا لامعا وبات أكثر ظهورا في الآونة الأخيرة في المناسبات العامة، ويفضل الاهتمام بموضوعات سياسية خارجية كبيرة ويظهر كرجل دولة.

وفي خطاب ألقاه في يناير أيد ميرتس إقامة تحالف وثيق بين الأوروبيين والولايات المتحدة، قائلا “هناك في العالم شركاء تجاريون مثل جمهورية الصين الشعبية وروسيا، لكننا لا نتقاسم مع هذه البلدان قيمنا حول حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التدين وباقي الحقوق المدنية”.

وأضاف ميرتس “في هذا وجب علينا التوافق مع بلدان أوروبا، وهذه الأسس لدساتيرنا نتقاسمها ـ ليس بسبب ترامب بل بالرغم من ترامب ـ دوما مع الولايات المتحدة الأمريكية”.

أرمين لاشيت

الرئيس الحالي لمقاطعة رينانيا الشمالية- فيستفاليا والذي تحفظ في 2018 بشأن الترشح لرئاسة الحزب، وذلك بغية عدم التأثير على فرص أنغريت كرامب ـكارنباور بحكم قربها من خطها السياسي.

ويُعد لاشيت من الأوفياء لأنجيلا ميركل التي دافع عنها خلال أزمة اللجوء في 2015 وكذلك فيما بعد، بحسب “دويتشة فيله”.

وحتى 2010 ظل لاشيت وزيرا للاندماج في أكبر ولاية من حيث عدد السكان في المانيا. وتماشيا مع موقفه الليبرالي في سياسة الأجانب والاندماج باشر هذه المهمة  بشكل متمايز، ما شكل شوكة في أعين الدوائر المحافظة داخل الحزب المسيحي الديمقراطي.

ودافع لاشيت عدة مرات على الاعتراف رسميا بالاسلام كمكون من مكونات المجتمع الألماني كما المسيحية واليهودية.

وعلى عكس ينس شبان وفريدريش ميرتس يُعتبر أرمين لاشيت “مستعدا للدخول في تحالفات” ليس فقط مع الحزب الليبرالي الذي يحكم معه في تحالف في ولاية شمال الراين ووستفاليا، بل أيضا مع الخضر.

وفي السياسة الأمنية هو يمثل خطا متشددا، وهو يترك السلطة لوزير الداخلية في ولايته لمكافحة الجرائم، كما أنه أنشأ لجنة حكومية تحمل اسم “مزيد من الأمن لشمال الراين ووستفاليا”.

انتقاد سياسة ميركل

انتقد ينس شبان في نهاية 2015 قرار المستشارة الألمانية فتح الحدود الألمانية لأكثر من مليون شخص هارب من الحرب والبؤس.

ويُعد ميرتس منتقدا شغوفا لسياسة اللجوء المنتهجة من قبل ميركل وسيعمل على تشديد قانون اللجوء، ومساندوه يأملون منه أن يحيي القيم المدنية المحافظة التي دافع عنها سابقا الحزب المسيحي الديمقراطي.

ومن المعروف عن لاشيت أنه من المقرّبين من أنجيلا ميركل، لكنه عبّر مؤخرا عن تمايزه عنها، معرباً عن أسفه لعدم استجابتها لمقترحات إيمانويل ماكرون لإعادة إطلاق المشروع الأوروبي.

ربما يعجبك أيضا