استقالة نزاربايف.. كازاخستان على “مفترق طرق”

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

أعلن رئيس كازاخستان نور سلطان نزاربايف، اليوم الثلاثاء، استقالته من منصبه، في خطوة هي الأولى من نوعها لبلدان آسيا الوسطى من الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي، حيث قال في كلمة وجهها للشعب: “قررت إنهاء صلاحياتي رئيسا للبلاد”.

هذا القرار اتخذه نزاربايف رغم أن البرلمان الكازاخستاني منحه عام 2007 حق الترشح لرئاسة البلاد لعدد غير محدود من الولايات، كونه الرئيس الأول والوحيد لكازاخستان منذ استقلالها عام 1991.

وسيتولى رئيس مجلس الشيوخ في برلمان البلاد قاسم جومارت توكايف مهام القائم بأعمال الرئيس حتى انتخاب رئيس جديد خلفا لنزاربايف.

وتولي نزاربايف رئاسة كازاخستان منذ عام 1990، وفي 2015 انتخب لولاية رئاسية خامسة تمتد حتى أبريل 2020.

من هو

وبحسب “ويكيبيديا” فهو نور سلطان أبيشولي نزارباييف (بالكازاخية Нұрсұлтан Әбішұлы Назарбаев ) ، من مواليد 6 يوليو 1940 بشيمولغان (جمهورية كازاخستان السوفيتية الاشتراكية)، وهو من الجيل الثامن لسلف المحارب كاراساج، والذي عاش بين 1640 و1680، والذي قام بأعمال بطولية في الحرب مع الدزونغار.

وقد كان جده باياً، وكان والده عاملا فقيرا يعمل لصالح عائلة ثرية محلية حتى مصادرة السوفييت لمزرعة الأسرة في سنة 1930، خلال سياسة العمل الجماعي لستالين والتي استهدف فيها ملايين المسلمين. وفي أعقاب ذلك، قرر والده أن يأخذ عائلته إلى الجبال ليعيشوا حياة الترحال.

ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، عادت عائلته إلى قريتها وبدأ نزارباييف بتعلم الروسية. ومر بمراحل التعليم الأساسية، ثم أمضى سنة على نفقة الحكومة في مصنع كراغندا للصلب في تيميرتاو. كما عمل في مصنع آخر للصلب في دنيبروبيترفسك، وكان بعيدا عن تيميرتاو عندما تصاعدت أعمال الشغب على سوء ظروف العمل في المدينة. في سن العشرين، كسب راتبا جيدا من خلال “عمل شاق وخطير” في فرنٍ لصهر المعادن.

تجربته مع الحزب الشيوعي السوفيتي

انضم إلى الحزب الشيوعي في عام 1962 وسرعان ما أصبح عضوا هاما لعصبة الشبيبة الشيوعية وعضوا متفرغا للحزب، وبدأ الدراسة في معهد البوليتكنيك في قراغندي، وأصبح سكرتيرا للجنة الحزب الشيوعي في كومبينات المعروفة بالصناعات المعدنية بقراغندي عام 1972، وبعد أربع سنوات، أصبح السكرتير الثاني للجنة الإقليمية للحزب في قراغندي.

كونه بيروقراطيا، اهتم نزارباييف بالوثائق والمشاكل القانونية، وتسوية المنازعات الصناعية، وكذلك اعتمد لقاءات مع العمال لحل المشاكل الفردية، وكتب في وقت لاحق “تخصيص المركزي لاستثمار رأس المال وتوزيع الأموال” يعني أن البنية التحتية ضعيفة، وأن الروح المعنوية للعمال كانت ضعيفة وهم مجهدون من كثرة العمل، ورأى أن المشاكل التي يعاني منها المصنع بمثابة صورة مصغرة من مشاكل الاتحاد السوفيتي.

الصراع مع كوناييف

في عام 1984، أصبح نزارباييف رئيس وزراء جمهورية كازاخستان الاشتراكية السوفياتية (رئيس مجلس الوزراء) وعمل مع دين محمد كوناييف، الأمين الأول للحزب الشيوعي في كازاخستان، وانتقد نزارباييف عسكر كوناييف، مدير أكاديمية العلوم، في الدورة 16 للحزب الشيوعي كازاخستان في يناير 1986 لأنه لم يصلح المؤسسة. دين محمد كوناييف، رئيس نزارباييف وشقيق عسكر شعر بالخيانة وذهب إلى موسكو وطالب بإقالة نزارباييف بينما أنصار هذا الأخير شنوا حملة على كوناييف وطالبوا بتولي نزارباييف منصبه.

أخيرا، أطيح بكوناييف في عام 1985 وحل محله الروسي غينادي كولبين، والذي كان على الرغم من وظيفته قليل النفوذ في كازاخستان.
أصبح نزارباييف زعيم الحزب الشيوعي في 22 يونيو 1989 – ثاني كازاخي (بعد كوناييف) أدى هذه الوظيفة -. وشغل منصب رئيس المجلس الأعلى لكازاخستان السوفييتية من 22 فبراير إلى 24 أبريل 1990.

غورباتشوف و نزارباييف

على الرغم من تعيينه زعيما لكازاخستان، كان نزارباييف قريبا بما فيه الكفاية لميخائيل غورباتشوف وكان الخيار الثاني لغورباتشوف لتولي منصب نائب رئيس الاتحاد السوفياتي في عام 1990، ومع ذلك، رفض نزارباييف في 24 إبريل/نيسان عام 1990، عُين نزارباييف أول رئيس لكازاخستان من قبل مجلس السوفييت الأعلى، وقال نزارباييف أنه يؤيد الرئيس الروسي بوريس يلتسين أثناء محاولة انقلابه بقيادة لجنة الدولة لحالة الطوارئ.

فترات الرئاسة

وقد تولى كما أسلفنا رئاسة كازاخستان منذ عام 1990، وانتخب سنة 1999 وأعيد انتخابه لفترة أخرى مدتها سبع سنوات في عام 2006، وكذلك مرة أخرى في أبريل 2011، مع أكثر من 90٪ من الأصوات في انتخابات أبريل 2015، حصل على أكثر من 97٪ من الأصوات.

سياساته

على الرغم من عضوية كازاخستان في منظمة التعاون الإسلامي، فإن للبلد علاقات مع إسرائيل منذ عام 1992 وذهب نزارباييف إلى الكيان الصهيوني في عام 1995 وعام 2000 وفي عام 2005، وبلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 724 مليون دولار.

ولكنه نسج علاقات قوية مع بلدان إسلامية عدة كالسعودية والإمارات وتركيا وإندونيسيا.

ومن مواقفه السياسية الإقليمية ما قاله نزارباييف إن “اختفاء بحر آرال، على الرغم من حجمه، هو واحد من أكبر الكوارث البيئية في العالم اليوم. وليس من المبالغة وضع الحالة على قدم المساواة مع تدمير غابة الأمازون”.

ودعا أوزبكستان، تركمانستان، طاجيكستان، وقيرغيزستان، وكذلك العالم لتقديم المزيد من الجهد للحد من الأضرار البيئية التي حدثت خلال الحقبة السوفياتية.

الاستقالة

وسوّغ نزاربايف البالغ 78 عاما قراره بالقول: “في هذه السنة أكمل عامي الـ30 في الرئاسة، حيث شرفني شعبي العظيم بأن أصبح أول رئيس لكازاخستان المستقلة”.

ووقع نزاربايف مرسوم تنحيه خلال البث المباشر لكلمته، مشيرا إلى أن هذا المرسوم سيكون الأخير الذي يوقعه بصفته رئيسا، وأنه سيسري اعتبارا من يوم غد الموافق للـ20 من مارس 2019، مضيفا أنه سيبقى رئيسا لمجلس أمن البلاد ورئيسا لحزب “نو أوتان” (نور الوطن) الحاكم وعضوا في المجلس الدستوري، بعد تنحيه عن السلطة.

وشكر نزاربايف مواطنيه على دعمهم المستمر له، وقال: “شكرا لك يا شعبي… كنت أعمل بكل تفان بفضل دعمكم، وبذلت كل جهدي وقوتي وطاقاتي وصحي حتى لا أخون ثقتكم”.

وأكد نزاربايف أن توالي الأجيال ولاسيما في السياسة، “عملية طبيعية”، مضيفا: “لقد فعلت أنا وجيلي كل شيء في وسعنا من أجل البلاد. والعالم يتغير وتأتي أجيال جديدة ستقوم بحل مشاكل زمنها، فليحاولوا جعل البلاد أفضل”.
https://www.youtube.com/watch?v=XusG5XLqzD4

ربما يعجبك أيضا