اعتقال بوتين.. لماذا تتجاهل منغوليا أمر «الجنائية الدولية»؟

«زيارة بوتين إلى منغوليا».. تجاهل مذكرة الاعتقال وتأثيراتها الدولية

شروق صبري
فلاديمير بوتين

زار بوتين منغوليا متجاهلاً مذكرة اعتقال المحكمة الجنائية الدولية، ما أثار انتقادات أوكرانية وقلقاً دولياً من تجاهل العدالة.


وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا، مساء الاثنين 3 سبتمبر 2024، في الزيارة الأولى له إلى دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية منذ إصدار مذكرة توقيف بحقه.

ورغم الانتقادات الدولية، وأبرزها دعوات من أوكرانيا ومنظمات حقوق الإنسان، قلل الكرملين من شأن هذه المخاوف، وأكد أن السلطات في العاصمة أولان باتر ستتجاهل الطلبات المتعلقة بالاعتقال.

التصريحات الروسية واستقبال بوتين

قبل وصول بوتين، أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن موسكو ليست قلقة من أي إجراءات تتعلق بمذكرة الاعتقال،

وقال: “لدينا حوار ممتاز مع أصدقائنا المونغوليين”، وكان في استقبال بوتين في العاصمة المونغولية أعلام روسية وجنود يرتدون أزياء ملونة، وفق ما نشرت “فاينانشال تايمز” البريطانية، الاثنين 2 سبتمبر 2024.

مذكرة الاعتقال وأسبابها

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد بوتين ومفوضة حقوق الأطفال، ماريا لوفوفا بيلوفا، العام الماضي، بتهمة “التهجير غير القانوني” للأطفال من المناطق المحتلة في أوكرانيا إلى روسيا.

وبصفتها عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية منذ 2002، كان من المفترض أن تمتثل منغوليا لجميع أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة. وقد احتفلت منغوليا في العام الماضي بتعيين أول قاضٍ مونغولي في المحكمة، مما يعكس التزامها بالقانون الدولي.

منغوليا في الجنائية الدولية

كانت منغوليا عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية منذ تصديقها على نظام روما في 2002، ومن المفترض أن تمتثل لجميع أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

وقد احتفلت أولان باتر العام الماضي بتعيين أول قاضٍ مونغولي في المحكمة، وذكرت وزارة الخارجية المونغولية أن “خدمة منغوليا كقاضٍ في المحكمة الجنائية الدولية ستكون مساهمة كبيرة في القانون الدولي”.

دعوة الرئيس المنغولي

جاءت زيارة بوتين بعد دعوة من الرئيس المنغولي أوخنا خوريلسوخ لحضور الذكرى الخامسة والثمانين لمعركة خالخين غول، وهو الحدث الذي يعيد إلى الأذهان الاشتباكات الحدودية بين الاتحاد السوفيتي واليابان في 1939، من المتوقع أن يتم تجاهل مذكرة الاعتقال خلال هذه الزيارة.

من المقرر أن يلتقي بوتين بنظيره المونغولي اليوم الثلاثاء، ويشارك في أحداث الذكرى، ويزور مؤسسة تعليمية، وينهي اليوم بمأدبة رسمية. وتأتي الزيارة في ظل مناخ سياسي يشير إلى عدم استجابة السلطات المونغولية لمطالب المجتمع الدولي.

ردود الفعل على زيارة بوتين

انتقدت كييف الزيارة بشدة، معتبرة أن تجاهل مذكرة الاعتقال يشكل ضربة كبيرة للمحكمة الجنائية الدولية ونظام العدالة الجنائية الدولي.

وأعربت وزارة الخارجية الأوكرانية عن خيبة أملها من السماح لبوتين بالتهرب من العدالة، مشيرة إلى أن هذا الأمر يحمّل منغوليا مسؤولية مشتركة عن الجرائم المزعومة.

موقف الاتحاد الأوروبي

أعرب المتحدث باسم المفوضية الأوروبية عن دعم الاتحاد الأوروبي لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب في أوكرانيا، ودعا جميع الدول للتعاون مع المحكمة.

كما انتقد بعض السفراء الأجانب في أولان باتر زيارة بوتين، وركزوا على دعم أوكرانيا وانتقاد العدوان الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور الدير البوذي ثوبتن شيدروب لينغ في كيزيل بجمهورية توفا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور الدير البوذي في كيزيل بجمهورية توفا

التأثيرات الاقتصادية والسياسية

تأتي زيارة بوتين في وقت غير مؤكد بشأن مصير مشروع “قوة سيبيريا 2″، وهو خط أنابيب من المفترض أن ينقل 50 مليار متر مكعب من الغاز الروسي عبر منغوليا إلى الصين.

لم تذكر الحكومة المونغولية أي تفاصيل عن هذا المشروع في خطتها التنموية الخمسية الأخيرة، مما يثير تساؤلات بشأن مستقبل التعاون الروسي-المونغولي في هذا المجال.

العلاقات بين روسيا ومنغوليا

رغم جهود منغوليا لتنويع اقتصادها، فإنها تعتمد بشكل كبير على روسيا، حيث تستورد حوالي 30٪ من احتياجاتها النفطية.

وقد امتنعت منغوليا عن التصويت في الأمم المتحدة لإدانة الهجوم الروسي لأوكرانيا، مما يعكس محاولة توازن علاقاتها بين روسيا والدول الغربية.

ختام الزيارة وتأثيراتها المحتملة

من المتوقع أن تواصل زيارة بوتين في منغوليا تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بينما ستظل تبعات عدم تنفيذ مذكرة الاعتقال محورًا للجدل الدولي.

ومن المحتمل أن تؤثر هذه الزيارة على صورة منغوليا في المجتمع الدولي، وتدفع الأوساط السياسية إلى إعادة تقييم مواقفها تجاه القضايا العالمية.

دول آسيا الوسطى

تميل العديد من دول آسيا الوسطى إلى السير على حبل مشدود منذ الهجوم الروسي الكامل لأوكرانيا، حيث تسعى إلى تحقيق توازن بين علاقاتها مع روسيا والصين والغرب، وهو ما يعتبرونه ضروريًا نظرًا لجغرافية المنطقة.

تشارك منغوليا حدودًا تمتد إلى 3500 كيلومتر مع روسيا، ورغم جهودها لتنويع اقتصادها، لا تزال تعتمد بشكل كبير على جارتها، بما في ذلك حوالي 30% من وارداتها وجميع منتجاتها النفطية، بينما لم تدعم روسيا في صراع أوكرانيا، وامتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة لإدانة الهجوم.

ربما يعجبك أيضا