اعتقال مؤسس تليجرام في فرنسا.. لماذا يشعل غضب روسيا؟

هل أصبحت أسرار روسيا مهددة بعد اعتقال مؤسس تليجرام؟

شروق صبري
بافل دوروف مؤسس تليجرام

أثار اعتقال مؤسس تليجرام مخاوف روسيا بشأن سرية اتصالاتها العسكرية واستخدام التطبيق في العمليات العسكرية والمخابراتية.


أشعل اعتقال بافل دوروف، مؤسس تليجرام، في فرنسا غضب السلطات الروسية، التي اعتبرت الحادثة تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.

تطبيق تليجرام ليس مجرد تطبيق للتواصل الاجتماعي بالنسبة لموسكو، بل أصبح جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للاتصالات العسكرية الروسية خلال الحرب في أوكرانيا.

نقاط ضعف  تؤدي لكارثة

رغم التأكيدات السابقة حول أمان تليجرام، أعربت شخصيات عسكرية روسية عن قلقها من احتمال اختراق الأعداء للمنصة، مما قد يعرض المعلومات الحساسة للخطر.

ويستخدم الجنود الروس تليجرام عبر شبكات الهواتف المحمولة أو محطات ستارلينك الفضائية، وهو نظام غير رسمي ولكنه فعال في بيئة القتال.

ردود فعل روسية غاضبة

رد الفعل الروسي على اعتقال دوروف كان غير معتاد، حيث دعت شخصيات بارزة إلى مبادلته مع أسرى غربيين، بحسب “وول ستريت جورنال” الأمريكية أمس 29 أغسطس 2024.

هذا الغضب يعكس الدور الحاسم الذي يلعبه تليغرام في العمليات العسكرية الروسية، إذ يُعد بديلاً غير رسمي لشبكات الاتصالات العسكرية المؤمنة.

هل سيكشف دوروف الأسرار؟

تتزايد المخاوف من أن دوروف قد يتعرض لضغوط للكشف عن أسرار تليجرام لصالح السلطات الغربية، ورغم التأكيدات على عدم تعاون دوروف مع التحقيقات، يبقى القلق الروسي قائماً حول إمكانية تسريب المعلومات الحساسة.

تعاون دوروف والسلطات الفرنسية قد يتسبب في أضرار جسيمة للأمن الروسي، حيث يُعتمد على تليجرام أيضًا في العمليات الاستخباراتية الروسية في أوروبا، وهو ما يزيد من خطورة الموقف.

بافل دوروف مؤسس تليجرام

بافل دوروف مؤسس تليجرام

أزمة دبلوماسية

على صعيد آخر، دخلت روسيا في أزمة دبلوماسية مع فرنسا بعد دوروف، محذرة من أن يكون الاعتقال جزءًا من “اضطهاد سياسي”.

دوروف، الذي يحمل الجنسية الروسية والفرنسية، منعته السلطات الفرنسية من مغادرة البلاد وفرضت عليه كفالة قدرها 4.2 مليون جنيه إسترليني، كما يتعين عليه الخضوع تحت الإشراف القضائي في فرنسا مرتين فى الأسبوع.

تفاصيل الاعتقال والاتهامات

دوروف، المولود في سانت بطرسبرج والذي يحمل الجنسية الفرنسية، اعتُقل في 24 أغسطس عند وصوله إلى مطار باريس-لو بورجيه قادمًا من أذربيجان. وقد اتهمته السلطات الفرنسية بنشاطات غير قانونية تشمل تهريب المخدرات وتوزيع صور اعتداءات جنسية على الأطفال، ورفض المنصة التعاون مع التحقيقات. حسب ما نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية أمس 29 أغسطس 2024.

وقد قوبل اعتقاله بسخط من السياسيين الروس، حيث صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن الحادث أدى إلى أدنى مستوى على الإطلاق للعلاقات بين فرنسا وروسيا، بينما قالت زاخاروفا إن الاعتقال سبب “صدمة في جميع أنحاء العالم.”

تداعيات محتملة

منصة تليجرام، التي يبلغ عدد مستخدميها قرابة المليار، تلعب دورًا حيويًا في روسيا وأوكرانيا والجمهوريات السوفييتية السابقة. تُستخدم المنصة بشكل مكثف في التواصل العسكري في الحرب الأوكرانية. في هذا السياق، يرى رئيس مجلس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، أن الولايات المتحدة تسعى عبر فرنسا للسيطرة على تليجرام قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.

وقال محامي دوروف، ديفيد أوليفييه كامنسكي، إن من “العبث” الادعاء بأن دوروف قد يكون متورطًا في أي جريمة ارتكبت عبر التطبيق، مضيفًا أن “تليجرام” تلتزم بجميع القواعد الأوروبية المتعلقة بالتكنولوجيا الرقمية”. حسب ما نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية اليوم 30 أغسطس 2024.

رد فعل روسيا

وجهت روسيا انتقادات حادة للغرب بعد اعتقال دوروف، قائلة إن الحادث يكشف ازدواجية الغرب في التعامل مع حرية التعبير، في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، انتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا ما اعتبرته نفاقًا من فرنسا و”الغرب الجماعي”. وقالت إن صمت النخب النيوليبرالية بشأن الاعتقال يظهر نفاقهم.

وأشارت إلى ردود الفعل الدولية في عام 2018 عندما حظرت روسيا تليجرام لرفضها منح خدمات الأمن الوصول إلى الرسائل الخاصة. وقد لاقى الحظر انتقادات حادة من المنظمات غير الحكومية الغربية، مثل منظمة العفو الدولية و”مراسلون بلا حدود”، التي وصفت الحظر بأنه انتهاك لحرية التعبير.

رد فرنسا

قال المتحدث باسم الكرملين إن “الأمر الأساسي هو أن ما يحدث في فرنسا لا يتحول إلى اضطهاد سياسي وتُوجه اتهامات معينة”.

وفي رده على الانتقادات الروسية، نفى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على منصة X (سابقًا تويتر) أن يكون لاعتقال دوروف أي دوافع سياسية، مؤكدًا أن فرنسا تظل “مؤمنة تمامًا بحرية التعبير والتواصل.” بينما لم يعلق البيت الأبيض بعد على هذا التطور.

حرية التعبير تحت المجهر

على الجانب الآخر، أثار اعتقال دوروف صدمة في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي، مع قلق البعض من استخدام المجرمين لتطبيق تليجرام. بدوره، أكد دوروف أن تطبيقه يحمي حرية التعبير وخصوصية المستخدمين.

أثار اعتقال دوروف نقاشًا حادًا حول حدود حرية التعبير على الإنترنت. أشار إيلون ماسك، مالك منصة X، إلى أن الحق في التعبير في أوروبا يتعرض للتهديد. يعكس هذا الحدث توجهًا عالميًا نحو فرض رقابة أشد على الأنشطة غير القانونية التي تزدهر على بعض المنصات. حسب ما نشرت وكالة أنباء رويترز أمس.

ربما يعجبك أيضا