«اغتصاب في ظلال الحرب».. صرخة نساء الكونغو المنسية

«الكابوس المستمر» معاناة النساء في معسكرات النزوح بالكونغو

شروق صبري
العنف فى الكونغو

تواجه النساء في مخيمات النازحين في الكونغو "الاغتصاب"، حيث يُقدّر أن حوالي 80% من النساء تعرضن لاعتداءات وحشية، في ظل تراجع الاهتمام الدولي.


يعيش عشرات الآلاف من النساء في معسكرات النزوح بمناطق النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية في خوف دائم من التعرض للعنف الجنسي.

ورغم الجهود الدولية السابقة لإنهاء استخدام الاغتصاب كأداة حرب، فقد تلاشت هذه المبادرات مع تصاعد الصراع وازدياد الحاجة الماسة للدعم. وصرحت إحدى الناجيات قائلة: “إذا انتهت الحرب، لن أضطر للتعرض للاغتصاب مرة أخرى.”

رحلة النساء المحفوفة بالخطر

في مدينة غوما الحدودية بالكونغو، تسير النساء بصمت عبر الصخور البركانية السوداء في رحلة تستغرق خمس ساعات إلى الغابة. أثناء هذه المسيرة، يتبادلن القصص لتقوية عزيمتهن، فهن يدركن أن الخطر يترصدهن في كل خطوة.

تعرضت كل واحدة منهن للاغتصاب على هذا الطريق، بعضهن مرة، والبعض الآخر عدة مرات. إحدى النساء تم اغتصابها بينما كان طفلها يبكي بجوارها. ورغم ذلك، تواصل هؤلاء النساء العودة إلى الغابة لأنه ليس لديهن خيار آخر، حيث يعشن في مخيمات متردية ويحتاجن لجمع الحطب والطعام لأطفالهن.

اغتصاب ممنهج

في المخيمات المحيطة بمدينة غوما، التي تستضيف حوالي 500,000 نازح، يُقدّر أن حوالي 80% من النساء تعرضن للاغتصاب، بما في ذلك فتيات صغيرات لا تتجاوز أعمارهن 8 سنوات، وفقًا للمتخصصين الذين يعملون مع الناجيات من العنف الجنسي.

وحسب ما نقلت وول ستريت جورنال الأمريكية، تقول إسبيرانس كانيامانزا، وهي أم لأربعة أطفال، تعرضت للاغتصاب ثلاث مرات خلال سبعة أشهر: “حتى نسبة 80% تبدو لي قليلة، فأغلب النساء يضطررن للذهاب إلى الغابة، وهناك يتعرضن للاغتصاب.”

اهتمام دولي آخذ في التراجع

قبل أكثر من عقد، تعهد القادة السياسيون والمشاهير من جميع أنحاء العالم بإنهاء استخدام الاغتصاب كسلاح حرب في الكونغو، ولكن هذه الجهود تبدو الآن في تراجع مع تصاعد الصراع بين المتمردين والقوات الحكومية.

في العام الماضي، انتهى تمويل وكالة التنمية الدولية الأمريكية لمشروعها الرئيسي لمكافحة العنف الجنسي في شرق الكونغو. كما انتهت منحة بقيمة 100 مليون دولار من البنك الدولي كانت تمول الخدمات الطبية والقانونية للناجيات في سبتمبر 2023.

كسر الصمت والعار

في مخيم كانياروتشينيا للاجئين، تحدثت ريناثا مواميني، التي تعرضت للاغتصاب أثناء حملها، قائلة: “أتحدث الآن حتى يتم تقديم المساعدة وتنتهي الحرب، وحتى لا تتعرض النساء الأخريات للاغتصاب.”

وفي شهادة أخرى، قالت إحدى النساء إنها شاهدت بنفسها اعتداءات على نساء أخريات في الغابة، وأن هذه التجارب تتماشى مع تقارير الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة التي توثق ارتفاعًا غير مسبوق في حالات الاغتصاب في المنطقة.

الحرب تدمر حياة النساء

بدأت أزمة كانيامانزا عندما كانت تبيع البيرة التقليدية في قريتها عام 2022، وعندما سمعت قصفًا قريبًا، اضطرت للفرار مع طفليها الصغيرين. استغرقت رحلتها إلى غوما يومين، حيث تركت خلفها طفلها الأكبر وتوجهت إلى المدينة.

في مايو 2023، قُتل زوج كانيامانزا في غابة فيرونغا بعد أن أصابته قذيفة. بعد شهرين من ولادة طفلها الرابع، عادت كانيامانزا إلى الغابة لأول مرة برفقة أربع نساء أخريات، على أمل العثور على الطعام.

ويسيطر الآن مقاتلو حركة 23 مارس (M23) على جميع الطرق المؤدية إلى غوما من الريف الكونغولي. تقول التقارير إن رواندا تدعم هذه الميليشيات المسلحة، مما يزيد من تعقيد الأزمة.

الجهود الدولية

في وقت سابق، زارت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون كبرى مدن الكونغو في محاولة لجذب الانتباه الدولي لأزمة العنف الجنسي في البلاد. كما تعهدت حكومات ومنظمات دولية بتقديم الدعم للناجيات، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية والنفسية، ولكن هذه الجهود تعثرت في ظل التصعيد المستمر للعنف.

مع تصاعد الصراع بين القوات الحكومية والمتمردين، تراجعت جهود مكافحة العنف الجنسي. انتهى تمويل العديد من البرامج الدولية، كما لم تعد المنظمات المحلية تمتلك الموارد الكافية لدعم الناجيات أو توفير احتياجاتهن الأساسية.

العودة إلى الصفر

يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن تصاعد النزاع أدى إلى تدمير الجهود التي استمرت لعقد من الزمن لمكافحة العنف الجنسي. تقول جاستين ماسياكا بيهامبا، مؤسسة منظمة “التآزر من أجل النساء الناجيات”: “لقد عدنا إلى نقطة الصفر بعد كل العمل الذي قمنا به.”

في المخيمات حول غوما، تعيش آلاف النساء في ظروف صعبة للغاية. تتلقى الأسر النازحة حصصًا غذائية من برنامج الغذاء العالمي، ولكنها غير كافية لتلبية احتياجاتهم. العديد من النساء يضطررن إلى الذهاب إلى الغابة لجمع الحطب والطعام، ما يجعلهن عرضة للاعتداءات الوحشية.

ربما يعجبك أيضا