اغتصاب وحرق.. جريمة بشعة تهز الجزائر ومطالبات بإعدام الجاني

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

أفعال مخلة بالشرف تطال الفتيات وحتى الأطفال في المجتمعات، هؤلاء الذين تترصد بهم عقول مريضة تسير وراء غريزتها الحيوانية التي تتغلب عليهم ليتصوروا في هيئة وحوش بشرية تغتصب براءة وأمل وأحلام الأطفال، ففي حادثة ليست الأولى من نوعها، اهتزت الجزائر على وقع جريمة مروعة بحق فتاة مراهقة، لم يكتف الجاني باختطافها واغتصابها بل عمد إلى حرق جثتها داخل محطة وقود، بعدما كانت قد تقدمت بدعوى بحقه بتهمة الاغتصاب، منذ أربعة أعوام.

اغتصبها مرتين 

قبل أربعة سنوات، في مدينة الرغاية الساحلية أقصى شرق العاصمة الجزائر، كانت هناك فتاة رقيقة وجميلة، تدعى شيماء سدو، عندما بلغت الـ 15 عاما، تعرفت على وحش في هيئة بشر، وبعد أيام قليلة عرفت أن فارس أحلام المراهقة ما هو إلا ذئب مفترس، لما كشر عن أنيابه العفنة وتعدى عليها.

لم تصمت شيماء وقررت إخبار والدتها والتي بدورها اشتكته للأمن، وما هي إلا أيام حتى أخذ جزاءه وزج به في السّجن.

لكن ما هي إلا سنوات قليلة (2016-2020) وخرج الوحش من سجنه وأول باب طرقه بعد خروجة من السّجن، كان باب “شيماء”، التي أصبحت شابة ابنة الـ19عاما، حاول التقرب من ضحيته تارة بأنه تاب وندم على فعلته والأيام التي قضاها في السجن علمته معنى الرجولة، وتارة يريد رؤيتها ليثبت لها كلامه وأنه عفا عنها بعدما كانت سببا في قضاء أربع سنوات من عمره في السّجن، كما يريد أن تعفو هي عنه لما بدر منه ، خرجت شيماء ولم تعد لحضن أمها المكلومة التي ليس لها سواها، وبعد أيام عُثر على جثة شيماء محترقة، في محطة للوقود بمدينة الثنية ببومرداس شرقي  العاصمة الجزائرية، ووجدت الجثة في حالة متقدمة من التعفن .

القصاص من قاتل شيماء هكذا جاء الهاشتاج على وسائل التواصل الاجتماعي للتشدد في تنفيذ القوانين، من أجل ردع أصحاب هذه الجرائم، وصولاً إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بحق الجاني.

الأم المنكوبة


تقول، والدة الضحية في مقطع فيديو، إنه تم اختطاف شيماء، قبل أيام، بعدما هددها المشتبه فيه وطالبها بالخروج لملاقاته، مضيفة أن مرتكب الجريمة من أصحاب السوابق قضائيا، وسبق أن قدمت الضحية شكوى ضده بتهمة الاغتصاب سنة 2016، دخل على إثرها السجن بعدما تم الحكم عليه بـ3 سنوات.

وتستحضر الوالدة يوم خروج ابنتها من المنزل وقالت إنها أخبرتها أنها ستذهب لتسدد فاتورة هاتفها، لكنها خرجت للقاء المشتبه به دون أن تعلمها، ليقوم باختطافها، قبل أن يتم العثور عليها بمحطة وقود مهجورة في مدخل مدينة الثنية ببومرداس، وهي محروقة.

وناشدت الرئيس عبد المجيد تبون بتطبيق حكم الإعدام بحق الجاني، حتى يشفي غليلها ولتسترجع حق ابنتها، خاصة بعد أن تم توقيفه واعترف بارتكاب جريمته، وتبيّن أنه نفس الشخص الذي اغتصبها عام 2016.

مطالب بالإعدام

اجتاحت التعليقات والمواقف الغاضبة مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، بينما عبر الآلاف من الجزائريين عن تأييدهم لعودة عقوبة الإعدام، والقصاص لروح شيماء.

وفي الوقت الذي لم تطبق فيه عقوبة الإعدام بالجزائر منذ تسعينيات القرن الماضي، فإن العديد من الأصوات ارتفعت في الجزائر من أجل تطبيقها خاصة في جرائم بشعة كتلك التي راحت شيماء ضحيتها.

قبل أيام قليلة، صرّح وزير العدل “بلقاسم زعماتي” أمام أعضاء لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان بالقول إن “الحكومة تفكر في العودة لتطبيق عقوبة الإعدام على بعض الحالات المتعلقة باختطاف وقتل الأطفال.

العديد من الجزائريين دقوا ناقوس الخطر، معتبرين أن مأساة شيماء ليست استثناءً، بل إن العشرات من الجرائم المماثلة عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة، ما ينذر بأن “الطفل والمرأة الجزائرية في خطر”، حسب تعبير عدد من النشطاء.

السلطة التنفيذية

 سنت وزارة العدل الجزائرية، بأمر من الرئيس “عبدالمجيد تبون” مشروع قانون خاصا، يتضمن تشديد العقوبات على مختطفي الأطفال.

وينص القانون الجديد على عقوبة المؤبد للذين يختطفون أطفالاً ويعثر عليهم سالمين، فيما تصل العقوبة إلى الإعدام في حال قتل الأطفال والتنكيل بجثثهم.

ويرى الباحث في القانون، “عمار خبابة”، أن ما ينقص الجزائر اليوم ليس سن القوانين الجديدة، وإنما تفعيل النصوص القانونية الموجودة.

ويضيف: “المحاكم الجزائرية أصدرت أحكاما بالإعدام ولكن الأمر يتوقف عند السلطة التنفيذية”، وتساءل “لماذا نذهب إلى تعديل القانون ولماذا نتكلم عن قوانين جديدة لتطبيق عقوبة الإعدام على مرتكبي جريمة قتل الأطفال بينما النصوص القانونية موجودة أصلا”.

وشدد خبابة على ضرورة تطبيق عقوبة الإعدام وقال :”نحن متمسكون بتطبيق هذه العقوبة وهي اليوم مطلب شعبي وأعتقد أن السلطة الحالية ستتجه لتطبيقها على مرتكبي جريمة اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال بعدما أصبحت هذه الجريمة تنخر جسد المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة”.

وشهدت الجزائر ارتفاعا ملحوظا في معدل جرائم اختطاف الأطفال الذي استفحل مؤخرا، لاسيما في عامي 2011 و2012.

وفي عام 2014 تم تسجيل 220 محاولة اختطاف. وتم تسجيل 52 حالة اختطاف لأطفال عام 2016، نجحت الجهود الأمنية في استعادة معظمهم، بينما عثر على 7 منهم مقتولين.

المطلوب القصاص

أكد رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل، “عبد الرحمن عرعرا”، أن الجزائر تسجل أكثر من 9 آلاف حادث اعتداء جنسي سنوياً، تشمل زنا المحارم والاغتصاب والتعنيف الجنسي والحالات المتعلقة بالاختطاف، وقد أحصت الجزائر هذه السنة 13 حالة اختطاف للأطفال خلال العام الجاري، دون تسجيل أي ضحية.

ويرى رئيس جمعية “ندى”، التي تعتبر واحدة من أشهر الجمعيات المدافعة على حقوق الطفل، أن الآليات المعتمدة لمحاربة هذه الظاهرة لم تخرج عن الإطار الأمني: “الإجراءات المعتمدة في الجزائر للقضاء على هذه الظاهرة تركز على الردع الأمني دون أي إجراءات مصاحبة تستهدف الأطفال والأسر الضحايا”.

وأضاف: “للأسف لا يتم العمل مع الفاعلين الاجتماعيين والصحيين ولا يتم تقديم أي دعم للأسر الضحايا”، فبمجرد انتهاء الإجراءات القانونية، تُترك الأسرة لإمكانيتها الخاصة وتكافح مع المشكلات، ناهيك عن مأساة العائلات التي لم تجد أطفالها أبدا.

القانون الجزائري

في القانون الجزائري، تنص المادة 336 على “المعاقبة بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، لكل من ارتكب جناية الاغتصاب”، وتضيف المادة: “إذا وقع الاغتصاب على قاصر لم تكمل 18 سنة، فتقضي العقوبة بالسجن من 10 إلى 20 سنة”. ويسمح القانون الجزائري للمغتصب بالإفلات من العقاب إذا تزوج ضحيته في حال كانت دون سن الـ18″. منظمات حقوقية جزائرية عدة تطالب دوماً بإلغاء هذا البند، كون العديد من ضحايا الاعتداءات الجنسية يجبرن على الزواج من الجاني للإفلات من العقاب.

وفي عام 1993 تم تعطيل عقوبة الإعدام في الجزائر ، وقد توجهت الجزائر لاحقا بضغط المنظمات الحقوقية للتوقيع على اتفاقية مع الأمم المتحدة، تعطل تطبيق أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم الجزائرية.

https://www.youtube.com/watch?v=w2WM3jcRXQk

ربما يعجبك أيضا