افتتاحية «نيويورك تايمز»: العنف المسلح أخطر تهديد إرهابي على الولايات المتحدة

رنا أسامة

بإمكان الحزب الجمهوري إبعاد العناصر اليمينية المصابة بجنون العظمة، كما حدث في الستينات مع عناصر جمعية "جون بيرش".. فلماذا لا يفعل؟


أبرزت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية دور جماعات يمينية جمهورية متطرفة في تأجيج العنف السياسي بالولايات المتحدة.

واستهلت الصحيفة افتتاحيتها، يوم السبت 26 نوفمبر 2022، بالإشارة إلى خطاب محرّض على العنف ألقاه مؤسس جماعة “براود بويز”، الكندي البريطاني، جافين ماكينيز، في 12 أكتوبر 2018،  أمام حشد من أنصاره بنادي متروبوليتان الجمهوري.

لحظة مهمة

أوضحت الصحيفة أن هذا الخطاب كان لحظة سياسية فارقة لـ”براود بويز”، التي اشتهرت حتى تلك اللحظة كمجموعة قتال شوارع يمينية قوامها من الرجال، لأن نادي متروبوليتان الجمهوري، الذي أسسه في العام 1902 أنصار الرئيس الأمريكي الأسبق، ثيودور روزفلت، يمثل شعار المؤسسة الجمهورية الأمريكية.

ونقلت الصحيفة عن المستشار والممثل السابق للحزب الجمهوري في مانهاتن، جون ويليام شيفباور، إن فترة رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة حرّضت “عقليًّا” فصيلًا من نادي متروبوليتان الجمهوري على العنف، في إشارة إلى “براود بويز”.

قتال شوارع سياسي

أدين عضوان بجماعة “براود بويز” بتهمة الاعتداء على متظاهرين خارج نادي متروبوليتان الجمهوري،في أكتوبر 2018،  في ما وصفه القضاء الأمريكي بـ”قتال شوارع سياسي” بين فصيل يميني متطرف يندد بالشيوعية، وآخر يساري مناهض للفاشية والنازية، وحكم عليهما بالسجن 4 سنوات، وفق تقرير سابق لـ “نيويورك تايمز“.

وقال القاضي، الذي أصدر في عام 2019 حكمه بمدة السجن الطويلة نسبيًّا: “قرأت ما يكفي في التاريخ، لأعرف ما شهدته أوروبا في الثلاثينات، عندما اندلعت مشاجرات سياسية في الشوارع، في غياب أي رقابة من نظام العدالة جنائية”، في حين أقر 7 آخرون من أعضاء الجماعة بالذنب.

براود بويز

جماعة “براود بويز” اليمينية المتطرفة

أكبر تهديد إرهابي

نوهت الافتتاحية بأن الحزب الجمهوري بإمكانه إبعاد العناصر اليمينية “المصابة بجنون العظمة”، كما حدث في الستينات مع عناصر جمعية “جون بيرش”. وأوضحت أن “النضال الداخلي للحزب مهم لاعتبارات تتجاوز الفوز في انتخابات التجديد النصفي الأمريكي”، في حين يستوجب على كلا الحزبين “الالتزام التام بسيادة القانون، وعدم تشجيع العنف أو التحريض عليه”.

وخلص تحقيق أجراه فريق بلجنتي الأمن الداخلي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ إلى أن “العنف المسلح أخطر تهديد إرهابي محلي في البلاد”. وأضاف التحقيق، الذي دام 3 سنوات، ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي: “على مدار العقدين الماضيين، زادت أعمال الإرهاب المحلي بالولايات المتحدة زيادة كبيرة”.

عنف سياسي

حسب الافتتاحية، تصنف أجهزة الأمن القومي الأمريكي الإرهاب المحلي “التهديد الإرهابي الأكثر استمرارًا وفتكًا بالوطن”، في وقت وقعت فيه غالبية الهجمات الإرهابية المحلية من أفراد وجماعات متطرفة معادية للبيض ومناهضة للحكومة، لكن العنف السياسي انبثق على نحو أساسي، خلال السنوات الماضية، من اليمين.

وشهد هذا العام حوادث عنف سياسي عديدة، أبرزها محاولة اقتحام مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بولاية أوهايو، والاعتداء على زوج رئيس مجلس النواب الأمريكي السابقة، بول بيلوسي، وإطلاق متعصب للبيض النار جماعيًّا على متجر في بوفالو، فضلًا عن التهديد المسلح للقاضي، بريت كافانو، وإحباط خطة لمهاجمة كنيس يهودي بنيويورك.

براود بويز..

وسيلة الردع الأكثر فاعلية

في نظر الصحيفة، إحدى أكثر الوسائل فاعلية لردع العنف السياسي، هي جعله منبوذًا في الحياة العامة. ولتحقيق ذلك، “ينبغي على القادة السياسيين الأمريكيين لعب دور مهم”. في خطاب ألقاه في سبتمبر الماضي، حدد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، التهديد الذي تشكله هيمنة جمهوريي حركة “ماجا”، المؤيدة السابقة لترامب، على الولايات المتحدة بأسرها.

وقال بايدن: “إنهم يروجون لقادة استبداديين، ويؤججون نيران العنف السياسي، الذي يشكّل تهديدًا لحقوقنا الشخصية، ومساعينا لتحقيق العدالة وسيادة القانون”. وبعد شهرين من ذلك الخطاب، شارك مئات الجمهوريين في الانتخابات النصفية بتصريحات متطرفة ونظريات مؤامرة وتحريض على العنف، بما في ذلك تصويرهم المثليين على أنهم “متحرشون”.

مستقبل مختلف

حثت افتتاحية الصحيفة الساسة الأمريكيين والمسؤولين بوكالات إنفاذ القانون، وكذلك الإعلام، على بذل قصارى جهدهم لإزاحة كل من يشارك في عنف سياسي، أو يؤيده، من الحياة العامة. وأوصت الديمقراطيين بعدم الإنفاق على مرشحي اليمين المتطرف في الانتخابات التمهيدية، أملًا في هزيمتهم في الانتخابات العامة.

وتابعت: “الخيار البديل هو السماح للتطرف بالتفشي، لحين تدهور السياسة الأمريكية نهائيًّا”، مشددة على أن “الخلاف السياسي لا يجب أن ينطوي على تهديد بالعنف. الأمريكيون وقادتهم السياسيون قادرون على اختيار مستقبل مختلف”.

ربما يعجبك أيضا