اقتصاد الصين ينمو 18.3% في الربع الأول بدعم من الإنفاق الاستهلاكي

إبراهيم جابر
الاقتصاد الصيني

رؤية

بكين – تعزز نمو اقتصاد الصين في الربع الأول من 2021، بدعم من الإنفاق الاستهلاكي الذي نما أكثر من المتوقع، مما يضع البلاد في طريقها للانضمام إلى الولايات المتحدة باعتبارهما المحركان للانتعاش العالمي في عام 2021.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنسبة 18.3% في الربع الأول من 2021 على أساس سنوي، ما يتوافق كثيراً مع نسبة 18.5 % المتوقعة في استطلاع أجرته بلومبرغ شمل خبراء اقتصاديين، على الرغم من أن معدل النمو القياسي يرجع أساساً إلى المقارنة مع عام 2020، والذي شهد إغلاق معظم قطاعات الاقتصاد بسبب فيروس كورونا، وفقا لـ”بلومبرغ”.

وتجاوزت مبيعات التجزئة التوقعات، بينما حقق الناتج الصناعي نمواً معتدلاً.

تضع أحدث البيانات الصين في طريقها للنمو فوق مستهدفها السنوي بأكثر من 6%، مما يدعم وجهة النظر القائلة بأن الصين -والولايات المتحدة، حيث يتوقع الاقتصاديون تحقيق معدل نمو 6.2%- بصدد التفوق على الدول الكبرى الأخرى خلال 2021.

ولم يهدأ تعافي الصين بعدما أصبحت أول اقتصاد رئيسي يسيطر على انتشار فيروس كورونا والعودة إلى النمو، إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% في الربع الأول من عام 2020، على أساس فصلي.

وفي 2020، قاد تعافي الاقتصاد الصيني، الاستثمارات القوية في العقارات والبنية التحتية التي حفزت الطلب على السلع الصناعية؛ في حين غذت الطلبات الخارجية على السلع الطبية والأجهزة الإلكترونية الصادرات. وتباطأ أداء الإنفاق الاستهلاكي، لكن أحدث الأرقام أظهرت أنه شهد تحولاً.

سجلت مبيعات التجزئة نمواً 6.3% في مارس عند حسابها على أساس متوسط ​​النمو لمدة عامين -والذي يزيل التشوهات الناتجة عن عمليات الإغلاق في 2020- ما يمثل ارتفاعاً حاداً عن المعدلات التي شهدتها في العام الماضي.

وقالت وانغ تاو، كبير الاقتصاديين الصينيين في بنك “يو بي إس” السويسري في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: “نشهد تعافياً أكثر توازناً في الاقتصاد الصيني.. وسيفسح الانتعاش المبكر في صناعة البناء المجال لمزيد من الاستهلاك العائلي”.

وأدى إنفاق المستهلكين في المطاعم ومبيعات السلع التقديرية مثل المجوهرات، والشراب، والتبغ إلى نمو مبيعات التجزئة في مارس.

بناء على متوسط ​​النمو لمدة عامين، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% في الربع الأول 2021 ، بينما ارتفع الاستثمار في البنية التحتية بنسبة 2.3%.

شهدت الأسواق حالة من التقلب بعد إصدار البيانات لكنها أنهت اليوم على تغير طفيف، إذ قلص مؤشر شنغهاي شنزن (سي إس أي 300) خسائره المبكرة بنسبة 0.6% لينهي التعاملات على ارتفاع بنسبة 0.35%.

وانخفض العائد على الديون السيادية القياسية (سندات الخزانة) لأجل 10 سنوات بشكل طفيف إلى 3.16%. ولم يتغير سعر صرف اليوان في التعاملات بداخل الصين ليستقر عند 6.5226 مقابل الدولار.

لا يزال توسيع نطاق الانتعاش قيد التقدم حيث لا يزال النمو في الربع الأول 2021 يعتمد على قطاع العقارات. وارتفع الاستثمار في الأصول الثابتة في العقارات بنسبة 7.6% على أساس متوسط ​​النمو لمدة عامين وزاد الإنفاق على البنية التحتية تقريباً بما يتماشى مع معدلات ما قبل الوباء.

ويشير إنتاج الصلب خلال الربع الأول من 2021، البالغ 271 مليون طن، إلى أن الإنتاج السنوي في طريقه ليتجاوز مليار طن للعام الثاني على التوالي.

ترى تشانغ شو، كبيرة الاقتصاديين المتخصصين في الاقتصادات الآسيوية لدى “بلومبرغ إيكونوميكس” أن انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالتوقعات والطبيعة غير المتوازنة للانتعاش لا يبرران حدوث أي تحول في السياسة النقدية على نطاق الاقتصاد.

وتضيف: “بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يبدأ الإنتاج في الصعود نحو الذروة، في حين أن الطلب سيرتفع أكثر. هذا من شأنه أن يضيف المزيد من التوازن فيما يبدو أنه انتعاش مطرد في المستقبل”.

على الرغم من أن بكين وعدت “بعدم حدوث تحولات حادة” في الدعم النقدي والمالي خلال 2021، إلا أن بعض الاقتصاديين البارزين حذروا من أن التشديد المبكر ( رفع أسعار الفائدة) قد يعرض الانتعاش للخطر.

طلب البنك المركزي الصيني من البنوك تقليص نمو القروض في الأشهر المقبلة، إذ يسعى للسيطرة على الائتمان للحد من حدوث فقاعات في الأصول.

إلى جانب بيانات الاستثمار، من المرجح أن تدفع البيانات التي تظهر نمو أسعار المساكن بأسرع وتيرة في سبعة أشهر، في مارس 2021، إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات من قبل صانعي السياسة الصينيين لكبح جماح القطاع.

وكتب الاقتصاديون في مؤسسة “نومورا” بقيادة لو تينغ في مذكرة: “بالنظر إلى الانتعاش القوي، لا نتوقع بالتأكيد أن تكثف بكين تدابير التخفيف، ولكن من غير المرجح أيضاً أن تتبنى تحولاً حاداً في سياستها”. وأضاف الخبراء أن السلطات الصينية تعلمت دروساً من “الحملة القوية لتقليص المديونية” في 2017-2018، والتي أدت إلى التخلف عن سداد السندات المستحقة، وعمليات بيع في سوق الأسهم وضعف النمو.

ربما يعجبك أيضا