اكتشافات “غاز المتوسط”.. عامل لإنهاء الصراع أم إشعاله؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

أثارت اكتشافات احتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط احتمالات تكامل اقتصادي أقوى بين دول المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يشهد تعزيز العلاقات وتمهيد الطريق لمزيد من الاستقرار هناك. كما أثارت تلك الاكتشافات مجالات للتنافس بين دول المنطقة، والصراع على التنقيب وترسيم الحدود بين الدول.

 أسست مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية منتدى غاز شرق المتوسط ​​(EMGF) في محاولة لتنسيق سياسات الطاقة وإنشاء سوق غاز إقليمية.

وتحاول المجموعة تطوير وتنظيم سوق الغاز المتصاعد في المنطقة، مما يسمح لأعضائها بالاستفادة من موارد الغاز الطبيعي الهائلة، وربما تصبح مركز تصدير لأوروبا.

بالرغم من التعاون المتصاعد بين الدول بالمنطقة، إلا أن استبعاد تركيا يظل عقبة كأداء أمام مستقبل التعاون في مجال الطاقة.

أشارت اكتشافات ضخمة للغاز على مدى العقد الماضي قبالة شواطئ مصر وإسرائيل وقبرص في شرق البحر المتوسط​​، والتي قدرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في مكان ما بين 122 و 223 تريليون قدم مكعب (بالإضافة إلى 1.7 مليار برميل من النفط) ، لدى المنطقة فرصة لتصبح واحدة من أهم مصادر الغاز الطبيعي في العالم على مدى العقود القليلة القادمة.

رداً على هذه الاكتشافات الهامة ، تخطط إسرائيل لتصدير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي إلى الدول العربية ، وتسعى مصر لأن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة في المنطقة الأورو-متوسطية، أما عن قبرص تحاول إلى استكشافات بحرية إضافية في منطقتها الاقتصادية.

وعلى الرغم من وجود دول خارج منتدى الشرق الأوسط، فهناك مستويات عالية من التعاون حول الغاز في شرق البحر المتوسط ​​ تبرز الدول التي تم تركها خارج المنتدى، وجاءت التحركات الأخيرة من قبل الحكومة التركية هي أحدث ملامح عدم الاستقرار في المنطقة. رداً على استبعادها من المجموعة، أجرت تركيا تدريبات بحرية حية في يناير في منطقة حددتها قبرص كجزء من منطقتها الاقتصادية الخالصة (EEZ)، وتعتزم إجراء مناورات بحرية بصفة دورية في السنوات القادمة، لتوصيل رسالة إلى دول المنطقة بأن تركيا لن تتفاوض حول أمنها البحري.

أبرزت اكتشافات المتوسط خلافات حادة ما بين تركيا من ناحية وجيرانها بالمنطقة من ناحية أخرى، وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في عرض عسكري أقيم في اسطنبول في نوفمبر الماضي،” إن بلاده لن تسمح بخطط استخراج الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط”.

تصاعدت حدة التوتر في أكتوبرالماضي عندما أعلنت البحرية التركية أنها أوقفت فرقاطة يونانية من “مضايقة” سفينة تركية تجري استطلاعات للرصد الزلزالي غرب قبرص. ردا على ذلك، حثت وزارة الخارجية الأمريكية تركيا “على الامتناع عن التصريحات والأفعال التي يمكن أن تزيد التوتر” في المنطقة. وفي ديسمبر، ناقشت القمة القبرصية اليونانية الإسرائيلية خطط التعاون الاقتصادي على خلفية توترات الدول الثلاث مع أنقرة ، مشيرة إلى أنها تخطط لتكثيف تعاونها حول أمن الطاقة حتى في غياب تركيا.

وعليه، ينبغي على الدول الإقليمية أن تسعى إلى دمج كافة دول المنطقة في منظفة تختص بالاكتشافات الأخيرة بالبحر المتوسط، يمكن من خلالها حل النزاعات التي يمكن أن تنشأ مستقبلاً بين الدول، وتتضمن آليات لترسيم الحدود بين أعضائها بما يعزز من حماية الأمن القومي ومصالح كل عضو. ونظرًا لظهور منتدى البحر المتوسط  كإطار مؤسسي يمكن من خلالها تعزيز التعاون الإقليمي وإمكان سد الفجوات، فإن الجهود الدولية لتعزيز التعاون الاقتصادي في المنطقة الآن لديها فرصة أكبر للنجاح.

ربما يعجبك أيضا