الآميش.. الحياة البدائية داخل الولايات المتحدة الأمريكية

هدى اسماعيل

نشأت الطائفة فى العصور الوسطى، وهى الفترة التي  شهدت حركات إصلاحية مسيحية كثيرة، منها الطائفة التى كانت تعرف حينذاك باسم المسيحيين الجدد “الآنابابتيست” والتى تعتبر “الآميش” جزءا منها، قوبلت هذا الحركة بـ”التكفير” من قبل طوائف الكاثوليك والبروتستانت، وتم الحكم عليهم بالإعدام وتم بالفعل إعدام الكثير منهم وهرب جزء منهم بـ”دينهم” فى بداية الأمر من سويسرا وإقليم الألزاس الفرنسى وجنوب ألمانيا إلى أمريكا، وفى عام ١٥٣٦ وعلى يد قسيس كاثوليكى اسمه “مينو سيمنز” تأسست حركة “المينونايت” والتي وحدت وبلورت حركة “الآنابابتيست”، وفي عام ١٦٩٣ أسس مسيحي سويسرى اسمه يعقوب آمان طائفة “الآميش” والتي انفصلت فيما بعد عن “المينونايت” وعندما تعرضوا للاتهام بالكفر فروا بدينهم إلى أمريكا وبالتحديد إلى ولاية بنسلفانيا نظرا لكون أمريكا وقتها كان بلدا غير مأهول بشكل كبير، ولأن فرص مضايقتهم تكاد تكون معدومة، وبالفعل استوطنت طائفة المينونايت بنسلفانيا في عام ١٧٢٠م.

عالم منفصل

يرفضون التكنولوجيا الحديثة والعيش بهذه الطريقة، واعتبروا أن الزراعة والرعى الطريقة المثلى للحياة المسيحية الحقيقية كما عاشها المسيح نفسه على الأرض ، يؤمنون بالانعزال عن العالم الخارجى وعن أى محاولات لدمجهم أو خلطهم بمجتمعات وتعاليم أخرى، وهم يعطون الفرصة لأبنائهم حتى بلوغ ١٦ عاما أن يعيشوا حياة المدنية الكاملة يشاهدون السينما ويمارسون كل ما هو ممنوع على “الآميشيين” ثم يقررون ويختارون بكل حرية الانتماء إلى الآميش أو تركهم والانغماس فى المجتمعات الحديثة، وإذا فكر أحدهم أن يترك الجماعة بعد العيش معهم سنوات يتم نبذه وحرمانه من الكلام والمعايشة حتى يترك قريتهم.

عائلات الآميش

تملك الأسرة الواحدة 5 أطفال على الأقل، ويدرّسون أطفالهم لمدة 8 سنوات فقط، في مدارس خاصة بهم ومؤلفة من غرفة واحدة، ولا يرسلون أبناءهم إلى المدرسة بعد إتمامهم 8 سنوات من التعليم.

يذهبون إلى الكنيسة أيام الأحد لكن مرة في كل أسبوعين، ويتناولون الطعام عقب ممارسة طقوسهم الدينية في الكنيسة.

نساء الآميش يرتدين فساتين داكنة وطويلة بعيدة عن التطريز أو النقش، إلى جانب تنانير بيضاء، ويضعن على رؤوسهن غطاء أبيض شبيه بالقبعة، فيما ترتدي الشابات في الأعراس فساتين زرقاء يخيطنها بأيديهن، ويرتدينها أثناء ذهابهن إلى الكنائس، وبعد وفاتهن يدفن أيضا بالملابس نفسها، يلبسن غطاء الرأس الأبيض إذا كن متزوجات وأسود إذا كن غير متزوجات.

رجال الطائفة يرتدون سراويل معلّقة داكنة، إلى جانب قمصان بلا ياقة وذات أكمام طويلة، وفي فصل الصيف يضعون قبعات من القش، وفي الشتاء يضعون قبعات “فيدورا” سوداء، يمنع على رجالهم إطالة الشوارب، لكنهم يطلقون اللحى عقب الزواج.

ويعتمد الآميش في غسل ملابسهم وأوانيهم المطبخية على الغسل اليدوي لعدم استخدامهم الكهرباء، ومع غروب الشمس يتركون العمل ويذهبون لمنازلهم، ويعتمدون في الإضاءة على مصابيح تعمل على “الجاز”.

ويناهض الآميش الحروب ويرفضون الخدمة الإلزامية ولا يشاركون في الانتخابات، ولا يدفعون الضرائب، سوى ضرائب الدخل الناجمة عن بيع منتجاتهم.

ويجذب الآميش من خلال نمط حياتهم المختلفة العديد من السياح لمدينة لانكستر بولاية بنسلفانيا، ويتم تنظيم رحلات عبر عربات تقودها الأحصنة، إلى المناطق التي يعيشون فيها.

ويشعر الآميش بالانزعاج من التقاط صورهم، ويديرون ظهورهم للأشخاص الذين يقومون بتصويرهم.

الزواج


موسم الزواج ، يأتي في أعقاب موسم الحصاد، ويتم في أيام الثلاثاء والخميس من أواخر شهر أكتوبر إلى مطلع شهر ديسمبر ، وقد تكون لمجتمعات الأميش الكبيرة حوالي 150 زواجًا في موسم معين. ويجب أن يكون هناك 15 زواجًا في اليوم الواحد في مجتمع ما من الأميش.

وتنَظَّم هذه المناسبات في منزل العروس، وتتم دعوة 350 شخصًا، ويتم تقديم وجبتي طعام، ، والغناء، والاحتفالات، وتختلف هذه الأنشطة من مستوطنة أميش لأخرى.

يتزوج الأميش في مراحل عمرية مبكرة، أي في العشرينات من العمر، قد يتواعد الشاب والفتاة قبل إعلان الخطوبة بعامين لكن دون أية علاقات جنسية قبل الزواج، يقوم الأسقف بتزويج أعضاء الكنيسة فقط ، ولا تقوم الكنيسة بتنظيم حفلات الزفاف إنما تبارك الزواج من خلال طقوس قديمة، يبدأ الشاب المقبل على الزواج بإطلاق لحيته وهي ما تعادل خاتم الزواج.

وفي يوم الزفاف يتجمّع أهل العروس والأصدقاء ويقومون بأعمال التنظيف، وطلاء الغرف، وإصلاح الأثاث، وتحضير الطعام لمئات المدعوين، وقبل الزفاف بيوم يتم ذبح الدجاج لتجهيز الوجبات.

ويكون هناك قدّاس يستمر لثلاث ساعات وهو مشابه لقدّاس الصلاة بدون ورود أو آلات موسيقية أو غناء. ويتم الزفاف بعد ذلك بالتجمع الغنائي، والصلاة، وعهود الزواج، وخُطبتين.

لا يذهب العروسان إلى إجازة شهر العسل مثل الآخرين، بل يقومان بزيارة الأقارب في إجازات نهاية الأسبوع خلال أشهر الشتاء. وخلال هذه الزيارات تقدم العائلات والأصدقاء الهدايا لهما، والتي قد تشمل الأثاث.

أسرار الآميش

طائفة الآميش لا تؤمن بالتغيير ولا التحديث، فهم يؤمنون بالالتزام بالعيش كما جاء بالإنجيل الذى بين أيديهم بحذافيره، ولديهم مجلس”فتوى” يطلق عليه “أولد أوردر” وهم مجموعة من كبار السن المتدينين يدرسون أى طارئ ويصدرون فتوى وفقا لما يرونه مطابقا لتعاليم الإنجيل وما يعرف فيما بينهم باسم “الأوردينان” وهى تعاليم إنجيلية تتبع بحذافيرها، أو حسب فهمهم لها.

طائفة الآميش لا تؤمن بالكهرباء واستخدامها ولا بالسيارات بل ولا النقود الحكومية الورقية إلا فى حالات طارئة الأمر الذي وصل إلى مرحلة إصدار فتوى لإجازة استخدام السيارة للضرورة مادام أنه لايقودها ، وهم يستخدمون عوضا عنها الأحصنة أو العربات التى تجرها الأحصنة.

هدى إسماعيل

عندما نجد شخصاً لا يملك حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي نصفه بالتخلف والبدائية لمجرد أنه لا يملك بريدا إلكترونيا أو هاتفا محمولا، ولكن ماذا عن أشخاص لا علاقة لهم بالتطور التكنولوجي الحالي فآخر عهدهم بالتقدم كان في منذ حوالي ثلاثة قرون ليسوا مجرد أفراد عاديين بل هم طائفة  كاملة تعيش بكامل إرادتهم تماماً كما ‏كان يعيش أجدادهم الأوائل الذي قدموا لأمريكا في القرن السابع عشر قد توقّفت عجلة ‏الزمن عند هذه الطائفة ولم يتغيّر أي شيء مهما كان بسيطاً في طريقة حياة هؤلاء الناس.

النشأة

ربما يعجبك أيضا