الأثر الاقتصادي في معرض القاهرة الدولي للكتاب 54.. خبراء يوضحون لـ«رؤية»

آية محمد

مستلزمات الإنتاج الخاصة بالكتب تأتي من الخارج، ما يعني تكاليف مرتفعة إلى جانب تكاليف العمالة والنقل وبقية البنود.


يتزامن معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، في دورته 54، مع تحديات اقتصادية أثرت في أسعار السلع، ومنها الكتب.

وتحدث عدد من الخبراء والعاملين في مجال طباعىة ونشر الكتب إلى شبكة رؤية الإخبارية، عن معطيات ونتائج الأزمات الاقتصادية العالمية في ما يخص الكتب وأسعارها، وفي معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي سينطلق الثلاثاء المقبل 24 يناير 2023.

بورصة الورق

قال رئيس اتحاد الناشرين المصريين، سعيد عبده، إن التحديات التي تواجه المعرض هذا العام كبيرة، بسبب تزامن عدة أزمات، منها أزمة كورونا التي سببت خللًا في الوضع المادي، والحرب الروسية الأوكرانية التي تتأثر بها سلاسل إمداد السلع في العالم كله، وليست بمنأى عن هذه السلع خامات تصنيع الكتب.

وأشار عبده لشبكة رؤية الإخبارية إلى أن أسعار الخامات ارتفعت بنسب متزايدة منذ فبراير الماضي حتى وصلت إلى 80%، ما يهدد صناعة النشر وينذر بتوقف بعض دور النشر والناشرين عن الإنتاج. وأضاف في السياق نفسه أن سعر الورق يتحدد عن طريق البورصة، ما يعني تغير السعر بين وقت وآخر، وهو ما يضيف تحديًا آخر.

فعاليات ثقافية.. وخصومات

أوضح رئيس اتحاد الناشرين المصريين أن طباعة نسخ قليلة من الكتب للمشاركة في معرض الكتاب، من أساليب تجنب الخسارة، مشيرًا إلى حقيقة أن غلاء الأسعار يؤثر في إيجابية سلوك المستهلك نحو الشراء. وذكر عبده أن الاتحاد أتاح خاصية الشراء بالفيزا وتقسيط المبلغ على ما يصل إلى 12 شهرًا.

ويشهد المعرض هذا العام عددًا من برامج تخفيض الأسعار، سيأتي الإعلان عنها مع بدء الفعاليات، منها عرض خصومات للقارئ المقبل على الشراء تدعمها دور نشر عربية وإفريقية، تتراوح بين 20% و80% حسب نوع المنتج، إلى جانب خصم 30% لأصحاب الهمم.

وتابع رئيس الاتحاد بأن المعرض هذا العام تحضره دول لم تحضر من قبل. وقد زاد عدد الدول المشاركة هذا العام في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يعد أول معرض عربي يقدم فعاليات ثقافية ضمن برامجه.

نظام تقسيط الكتب

من جانبه يقول عضو مجلس إدارة إتحاد ناشرين العرب والمصريين، وليد مصطفى، إن أزمة الدولار الحالية تسببت في ارتفاع أسعار الكتب هذا العام مع وقت معرض الكتاب، فقد تسبب نقص النقد الأجنبي في ارتفاع سعر طن الورق من 30 ألف جنيه إلى 70 ألفًا، ما تسبب في زيادة أسعار الكتب.

وأضاف مصطفى إلى أسباب الأزمة، أن تكلفة الطباعة في مصر أعلى من غيرها من الدول، وأن أفكار المؤلفات متشابه، والقليل منها فقط مميز ومبتكر، وهذا يؤثر في الذوق العام للجمهور الذي يتأثر سلبًا، ومن ثم تتأثر المبيعات.

وقد أتاح الاتحاد للعملاء تقسيط قيمة ما اشتراه من دور النشر عن طريق الحساب البنكي، ما يفيد المعرض والجمهور. وللمرة الأولى يشهد معرض القاهرة للكتاب هذه الآلية.

دول عربية أقل

لفت مصطفى إلى إحجام عدد من الدول العربية عن المشاركة في معرض القاهرة للكتاب هذا العام، بسبب أوضاعها الداخلية، مشيرًا إلى أن بعض الدول العربية اعتذر عن عدم المشاركة في المعرض، بسبب أزمة الدولار التي تشهدها مصر، وعدم قدرة ناشريها على التسعير.

ونتج عن نقص الحضور العربي وجود مساحات فارغة في أرض المعرض، ولذلك فتح المعرض أبوابه أمام جميع دور النشر المتقدمه، إلى جانب تخصيص مساحات لدور النشر الصغيرة.

معاناة دور النشر

قالت المديرة العامة بإحدى دور النشر، دينا قابيل، إنهم يعانون بسبب غلاء أسعار الأوراق والأحبار في العالم كله، وليس في مصر فقط، وإن كان الوضع في مصر أسوأ، حسب قولها، مضيفة أن دور النشر التي لا تملك مطبعة تعاني ارتفاعًا باهظًا في تكلفة الإنتاج.

وأضافت قابيل أن “سعر الورق زاد 3 أضعاف ما كان عليه، وانعكس ذلك على سعر الكتاب، لأن الناشر لا يمكنه البقاء في السوق بالخسارة”، مشيرة إلى أن تضاعف أسعار الكتب ليس في مصلحة الناشرين، لأن ذلك سيقلل المبيعات.

نسخ أقل.. عناوين أكثر

توضح قابيل أن أصحاب دور النشر يضطرون إلى تقليل عدد النسح تشارك بها في المعرض، حتى إن من كان يشارك بـ500 نسخة، سيكتفي في ظل هذه الأوضاع بـ50 نسخة يطبعها بالطريقة الرقمية، ليتمكن من المشاركة بأكبر عدد من العناوين.

وسيتسبب ارتفاع أسعار الكتب في توجه القراء إلى القراءة الرقمية، لأنها تكلف أقل من الكتاب المطبوع. وقالت قابيل إن الكتاب الذي كان يباع بـ140 جنيهًا كحد أقصى، وصل سعره حاليًّا إلى 250 جنيهًا.

القوة الشرائية

قال مدير إحدى دور النشر، محمد البعلي، إن ارتفاع الأسعار ظاهرة عامة تخص كل أنواع السلع في مصر، وليس الكتب فقط، وهو ارتفاع اضطراري، وإن كان يزعج المهتمين بشراء الكتب، موضحًا أن مستلزمات الإنتاج الخاصة بالكتب تأتي من الخارج، ما يعني تكاليف مرتفعة إلى جانب تكاليف العمالة والنقل وبقية البنود.

وفي سياق متصل، أشار البعلي إلى أن التحدي الذي يواجه معرض القاهرة للكتاب هذا العام هو ضعف القوة الشرائية لمستهلكي الكتب، الذين يتركزون في الطبقة المتوسطة، وهي الطبقة التي تعاني تذبذب الوضع الاقتصادي، ما سيدفع بالكتب إلى قائمة السلع الترفيهية لا الأساسية لدى معظم المشترين، وهو ما يتكرر عادة مع الأزمات المشابهة.

ربما يعجبك أيضا