الأخطاء الاستراتيجية.. كيف يهدد آبي أحمد دول القرن الإفريقي؟

هل ستؤدي طموحات آبي أحمد وحروبه إلى تفكك إثيوبيا وانهيارها؟

بسام عباس
آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، يتسلم جائزة نوبل للسلام في أوسلو عام 2019

تحتاج منطقة القرن الإفريقي إلى معالجة الاحتياجات الفعلية للسكان وليس احتياجات الساسة الطموحين الذين يصنعون التاريخ لأنفسهم، سواء كان ذلك للأفضل أو للأسوأ، بالإضافة إلى مراقبة المخاطر التي تصاحب التسرع في عمليات صنع القرار.

وأدت توجهات السياسيين الطموحين في المنطقة إلى تفاقم الوضع لتصبح في خطر أكبر مما واجهته من قبل، فالنظام الإثيوبي كان سببًا رئيسًا في تفاقم مشاكل المنطقة، حيث يواصل النظام حروبًا داخل بلده ويصدرها إلى دول الجوار، وخاصة الصومال، التي يطمح في السيطرة على أراضيها وبحارها.

عواقب كارثية ومميتة

قال المتخصص في اقتصادات وسياسات منطقة القرن الإفريقي، الدكتور سليمان والهاد، إن الحروب المستمرة التي يشنها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، والتهديدات التي يطلقها ضد شعبه وجيرانه، وضعته في دائرة الضوء دون أن يحقق أي شيء، مشيرًا إلى أن هذا ربما ما كان يبحث عنه وهو أن يكون في دائرة الضوء.

وأضاف في مقال رأي نشره موقع “أوراسيا ريفيو”، الجمعة 27 سبتمبر 2024، أن رئيس الوزراء الإثيوبي لعب لعبة محصلتها صفر، ولن تكون العواقب على المنطقة والعالم سلبية فحسب، بل ستكون كارثية ومميتة، موضحًا أن هذه اللعبة ستؤدي إلى إزهاق أرواح عدد كبير من سكان المنطقة الأبرياء، فضلًا عن الجرحى والمصابين.

جائزة نوبل للسلام أم للحرب؟

تساءل والهاد عن كيفية حصول آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام، مشيرًا إلى أن اللجنة النرويجية التي تمنح الجائزة السنوية اختارت 6 مرات على الأقل في العقود الأخيرة مرشحين كانت أفعالهم وسلوكهم، سواء قبل التكريم أو بعده، غير جديرة أو حتى سخيفة في بعض الحالات.

وأضاف أن من بين هذه الحالات، جائزة رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، الذي أطلق بعد فترة وجيزة من حصوله على الجائزة حربًا على ولاية تيجراي، ما أسفر عن مقتل وإصابة مئات الآلاف، ومعاناة ملايين آخرين من المجاعة عبر مساحات شاسعة من المنطقة، ما أثر سلبًا على إثيوبيا وشعبها.

وتابع أن آبي أحمد لم يكتفِ بهذه الحرب، فأعلن حربًا أخرى على ولاية أمهرة، لا تزال مستمرة، حيث قتل فيها المزيد من مواطنيه، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء شنَّ هجومًا على الصومال، التي تعاني من الإرهاب والانقسامات منذ انهيار الدولة في 1991، موقعًا مذكرة تفاهم غير قانونية مع إقليم أرض الصومال.

انهيار تام

أوضح الكاتب أن آبي أحمد أحرق مناطق أخرى أيضًا، فأشعل مشاكل واضطرابات في ولاية بني شنقول-غوموز في إثيوبيا، بينما تتقاتل ولاية عفار ودولة الصومال، والآن توشك الدولة الفيدرالية الإثيوبية على البدء في حرب أخرى مع الدولة الصومالية داخل إثيوبيا، لافتًا إلى أن هذه كلها حروب داخل الدولة الفيدرالية الإثيوبية التي شكلها منليك الثاني وعززها الإمبراطور هيلا سيلاسي.

وحذر الكاتب من أن تتفكك إثيوبيا على غرار ما حدث في يوغوسلافيا السابقة، مشيرًا إلى أن هذه المخاوف تتردد كثيرًا في وسائل الإعلام، وأن إثيوبيا على وشك الانهيار التام، مثل ما حدث في الصومال في ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأت كل جماعة عرقية في إدارة أراضيها.

هل تتفكك إثيوبيا؟

أشار الكاتب إلى ظهور العديد من الاقتراحات بتشكيل حكومة انتقالية لضمان الوحدة الوطنية لإثيوبيا، موضحًا أن هذا قد يبدو مثاليًّا، ولكن من الصعب أن نتصور كيف ينجح هذا في ظل الجمع بين الأجزاء المكونة له بالقوة في المقام الأول، فالعديد من الأجزاء سوف تنفصل بمجرد أن تتاح لها الفرصة.

وأضاف أن جبهة تحرير شعب التيجراي وغيرها من الأحزاب تعمل على شق طريقها للخروج من الاتحاد الفيدرالي الإثيوبي، وهكذا تم بناء الدستور الحالي، للسماح لمن يريدون الانفصال بالسير على طريقهم، مشيرًا إلى أن إثيوبيا على وشك التفكك، فهل سيتم عبر عملية عنيفة أم سلمية ومن خلال طريقة منظمة، مع إدخال دول جديدة إلى المنطقة؟

وأوضح أن ما سيحدث في الصومال سيكون مختلفًا عن العنف الذي هز البلاد في أوائل تسعينيات القرن الماضي، فالصومال موطن لشعب متجانس من حيث اللغة والدين والثقافة، أما إثيوبيا فهي موطن لشعوب مختلفة ذات لغات وثقافات مختلفة، وقد أجبرت على العيش معًا تحت نفس الإدارات لأكثر من قرن من الزمان، وقال إن الافتراض السائد بأن إثيوبيا كبيرة إلى حد لا يمكن معه تفكيكها أو فشلها لم يعد صحيحًا، فالاتحاد السوفييتي دولة كبيرة، ولكنه مع ذلك انقسم وتفتت، لافتًا إلى أن هذا أحد المخاطر المترتبة على الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها الإدارة الإثيوبية.

ربما يعجبك أيضا