مواجهة صعبة ومعقدة.. «الخصاونة» يتحدث عن العلاقات بين الأردن وأمريكا في عهد «ترامب»

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق  

حسم رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، موقف بلاده، مما يجري في المنطقة من تطورات على مختلف الأصعدة، سيما بملف الأزمة السورية وعودة اللاجئين، كاشفا عن فحوى المواجهة الأردنية مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.  

وخلال مقابلة صحفية استعاد الخصاونة، ذكريات مرحلة صعبة لعلاقات الأردن مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي وصلت خشونتها إلى الذروة عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب إبان إعلان خطة “صفقة القرن”. 

وقال الخصاونة -في مقابلة حصرية مع صحيفة الاندبندنت العربيةنشرت اليوم الجمعة- “للأسف، كنا هدفاً للطاقم العامل مع الرئيس ترامب في تلك المرحلة”. 

ولفت إلى أن السبب بطبيعة الحال هو مواقف الملك عبد الله الثاني التي “عاكست اتجاهات طاقم ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، في محاولة يصفها الأردن الرسمي بـ”الجاهلة” لفرض “اتفاقات إبراهيم”، والتي يعتبرها الخصاونة، أنها “انتهت، ولم تعد على الطاولة على الأقل بالصيغة التي كانت تقترحها أو تقترفها أطقم ترامب”. 

ووصف رئيس الوزراء الأردني، تلك المواجهة السياسية الخلفية مع طاقم ترامب وصهره، جاريد كوشنر، بأنها كانت صعبة ومعقدة، لا بل استُهدفت بلاده من قبل ذلك الطاقم تحديداً، سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، حتى وصل الأمر إلى محاولات لعزل الأردن. 

وقال: “في ذلك الوقت حُوصر الأردن اقتصادياً ومالياً بالتأكيد، ولمست حكومته ذلك من خلال تضرر بعض علاقاتها مع دول عدة في بعض الأحيان، وكانت تعتقد طوال الوقت أن إدارة ترامب باقية وتتمدد، وستعود إلى الواجهة في الانتخابات الرئاسية”. 

ويحرص الخصاونة خلال المقابلة، على عدم توجيه اللوم إلى “أي شقيق أو صديق أو حليف”، فالمصالح هي الأساس لجميع الدول، لكن التقدير الأردني اختلف نسبياً عن غيره عندما تعلق الأمر ببناء استراتيجيات سياسية على أساس بقاء أو عودة ترامب. 

“كانت مرحلة صعبة واختباراً قاسياً”، يضيف الخصاونة. 

القدس أكبر خطوطنا الحمراء 

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال الخصاونة، إن “الأردني لا يتحدث بلهجتين في مسألة القدس، وأن هوية القدس والوصاية الهاشمية علها بوصلة لا تبحث أصلاً عن شرعيات سياسية من أي صنف، وفي أي وقت، فالقدس كانت، ولا تزال، وستبقى أكبر الخطوط الحمراء الأردنية، وعلى الجميع أن يعرف ذلك، وجلالة الملك أوضح لنا جميعاً في الخارج والداخل، وهو يقول ذلك إيماناً، وليس احتساباً”. 

وقال “منعت إدارة ترامب الأردن من الاستمرار في التصدير إلى سوريا، لا سيما تصدير الكهرباء، وحاربت الاستثمارات في الأردن، واستخدمت العزل الاقتصادي لإزعاج عمان” رداً على الموقف الأردني في الملف الفلسطيني وفي ملف القدس. 

ويرى رئيس الوزراء، أن أي ترتيبات سلام لها علاقة بالأرض الفلسطينية المحتلة ينبغي أن تفهم مسبقاً أن المطلوب عملية سلام يقبلها الشعب الفلسطيني وأجياله، بمعنى أن تكون قابلة للصمود، والحد الأدنى هو قرارات الشرعية الدولية وما اتُفق عليه في الإطار الدولي من نسبة تحكم بما لا يقل عن 22 في المئة من الأرض المحتلة، حيث “لا فائدة من أي ترتيبات لا تنتهي بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة قابلة للحياة، وعاصمتها القدس الشرقية من دون منازع، ودون ذلك تبقى مجرد بهلوانيات بالنسبة لليمين الإسرائيلي، أو غيره”. 

بالنسبة إلى الخصاونة، ومن باب التحليل الشخصي، وليس الرسمي، فإن الأردن ولبنان بحكم “الجغرافيا والديموغرافيا” تأثرا أكثر من باقي الدول العربية مضيفا أن” الشعب الفلسطيني في الجوار والشتات موجود في مصر والعراق وسوريا ولبنان، لكن ثقله الديموغرافي في الأردن، ويُفهم من ذلك عملياً أن القضية الفلسطينية برمتها تمتلك من التأثير في قرار دولة عربية شقيقة سياسياً بحجم ما تمثله في واقعها الاجتماعي”. 

ولفت إلى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن، أخيراً، “كانت فعّالة جداً وتاريخية وناجحة إلى أبعد حد، لا بل قدمت خلالها الخبرة الأردنية في كل قضايا المنطقة وملفاتها، إلى الجانب الأمريكي، تصورات محددة عما يجري وما ينبغي أن يجري”. وأسفرت جولة جلالة الملك الأخيرة في عمق الإدارة الأمريكية حصيلة مشاورات إيجابية وبناءة، كما وفّرت الحماية للعلاقات الثنائية الأساسية بما يعزز المصالح الأردنية والتعاون، وعلى الأرجح نُوقشت فيها بصراحة بعض المسائل والتصورات. 

الأردن والملف السوري  

وفي الملف السوري، يعتقد الخصاونة بوجود تغيير ولو طفيف في موقف الإدارة الأمريكية الحالية، فالنغمة التي تتحدث عن إسقاط النظام السوري يبدو أنها باتت تميل إلى الواقعية أكثر، من خلال التركيز على تغيير سلوك النظام السوري، بدل الاستمرار في وهم العمل على إسقاطه، وهو أمر تحدث عنه علناً جلالة الملك عبدالله الثاني. 

والأردن، وفق تعبير الخصاونة، “مهتم مع جمهورية مصر العربية، وبعض الدول الشقيقة، بأن تعود سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، لأن الغياب هنا لم يكن منتجاً، ولأن النظام الرسمي العربي يمكنه أن يؤسس لهوامش مبادرة وحوار أفضل مع السوريين من خلال عودتهم إلى مقعدهم الطبيعي في حضن الجامعة العربية، فكثير من المسائل المهمة عبر الجامعة يمكن أن تُناقَش مع الأشقاء السوريين، ومن بينها، بل أبرزها، عودة اللاجئين والمشردين إلى وطنهم. 

وكان الأردن طوال الوقت داعياً إلى حل سياسي شامل ينهي حالة الصراع في القطر السوري الشقيق، وليس سراً أن المجتمع الدولي بدأ اليوم ينتبه لما كان يقوله الأردن قبل سنوات طويلة، الأمر الذي يمكن أن يكون نافعاً اليوم بكل الأحوال. 

ويشدد الخصاونة على أن بلاده تتعامل بـ”صعوبة كبيرة” مع ملف اللجوء السوري وتكلفته، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي التزم خلال العام الحالي، بـ7 في المئة فقط من المتفَق عليه مع الأردن تحت عنوان تقديم الرعاية لعدد اللاجئين السوريين الضخم في المنطقة. 

ويرى الخصاونة أن مصالح كل الدول المحيطة في سوريا، بل مصالح المجتمع الدولي أيضاً، تتطلب بقاء قصة اللجوء السوري في واجهة الأحداث، وهي قصة ينبغي أن تبقى محكية في العالم، ولا يُقلل من أهميتها وتموقعها في سلم الأولويات تلك المبادرات ذات البعد الإنساني أو القانوني هنا أو هناك. 

ولدى سؤاله عما إذا كان ذلك يعني أن اللاجئين السوريين سيعودون إلى بلادهم قريباً برأي الأردن؟ أجاب الخصاونة “في المدى القريب المنظور، وحتى نكون واقعيين، لا أعتقد أن ذلك سيحصل قريباً، لأن المسألة لا تتعلق فقط بعودة اللاجئ السوري إلى بلده، ولكن بتحديد المكان الذي سيعود إليه بصورة دقيقة، والأهم، بتهيئة ذلك المكان أصلاً، وتوفير ظروف موضوعية للحياة الكريمة له في بلده من بينها المشاركة السياسية أيضاً. 

بالتالي، لا بد من الحفاظ، برأي عمان، على صفة اللجوء السوري، والحرص على الانشغال فيها حتى تصبح عودة اللاجئين ممكنة فعلاً، وتنضج الظروف التي تؤدي إلى عودة ناجحة ومستقرة حتى لا تحصل ردود فعل عكسية مجدداً. 

وفي معرض إجابته عن سؤال “بصراحة، هل سيمنح الأردن جنسيته للاجئين السوريين؟”، قال الخصاونة بعفوية وسرعة، “معاذ الله أن يحصل ذلك”، لكنه تعامل مع بعض الوقائع والحقائق، “فمَن لجأ إلى تركيا أو لبنان أو الأردن في عام 2011 يقترب عمره الآن من 10 سنوات”. 

ربما يعجبك أيضا