الأزمة المتفاقمة في البحر الأحمر.. الحوثيون يهددون التجارة العالمية

«تفكك الدول وصعود العنف»: القرن الأفريقي على حافة الانهيار

شروق صبري
مروحية أمريكية تحلق فوق البحر الأحمر

الحوثيون، الذين يؤكدون دعمهم لحرب حماس ضد إسرائيل، يسببون ضرراً كبيراً للتجارة العالمية، مذكّرين بمشكلة القرصنة الصومالية التي وصلت إلى ذروتها في عام 2010.


تشهد منطقة البحر الأحمر أزمة متصاعدة بفعل الهجمات التي يشنها الحوثيين في اليمن على السفن العابرة عبر أحد أهم المضايق البحرية في العالم.

التدخل العسكري للولايات المتحدة وحلفائها، الذي شمل قصف مواقع الحوثيين، يبرز التحديات الكبيرة في تأمين البحر الأحمر، لكن الأزمة الحالية تتجاوز بكثير مجرد التصدي للتهديدات اليمنية.

الانفجار الداخلي بالقرن الأفريقي

الأزمة في البحر الأحمر ليست سوى جزء من فوضى أكبر تعصف بمنطقة القرن الأفريقي. الصراعات السياسية وتفكك الدول في المنطقة أدت إلى حالة من عدم الاستقرار الكبير. في الفترة من 2018 إلى 2019، أسفرت الثورات الشعبية في إثيوبيا والسودان عن الإطاحة بأنظمة استبدادية ذات تاريخ طويل، لكن الدولتين غرقتا لاحقاً في مستويات غير مسبوقة من العنف.

الحرب التي اندلعت بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وقوات تيجراي استمرت عامين وأسفرت عن مقتل أكثر من 500.000 شخص وشردت الملايين. الاتفاق الذي أوقف الصراع في نوفمبر 2022 يواجه تحديات كبيرة، حيث تظل العديد من بنوده قيد التنفيذ.

إضافة إلى ذلك، تعاني المناطق الكبرى في إثيوبيا مثل أوروميا وأمهرة من تمردات مستعصية، رغم استقرار العاصمة أديس أبابا، فإن المناطق الريفية تعاني من عدم الأمان. حسب ما نشرت فورين أفيرز الأمريكية، اليوم 19 مايو 2024.

التوترات مع إريتريا

الاضطرابات الداخلية في إثيوبيا تعكس تدهور العلاقات مع إريتريا، التي تواجه مشاكل داخلية تتعلق بالقيادة السياسية، خاصة في ظل الرئيس أسياس أفورقي البالغ من العمر 78 عامًا والذي حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود.

في يناير 2024، وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع صوماليلاند، وهي منطقة غير معترف بها دوليًا، حول الوصول إلى الموانئ. هذه الاتفاقية قد تؤدي إلى نزاع مع مقديشو، وتعرقل الجهود الحالية لاستقرار الصومال. كما أن التوترات قد تمتد إلى جيبوتي، التي قد تواجه تداعيات سياسية واقتصادية من هذه العلاقات الجديدة.

انهيار السودان

في الوقت نفسه، شهد السودان انهيارًا فعليًا بعد الإطاحة بالإدارة الانتقالية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك في أكتوبر 2021، ليغرق في صراع داخلي مدمّر في أبريل 2023. بحلول أوائل 2024، أصبحت السودان مركزًا لأكبر أزمة نزوح في العالم، مع حوالي 10 ملايين شخص مهجرين بسبب العنف.

الصراع بين قوات الدعم السريع (RSF) والقوات المسلحة السودانية (SAF) أدى إلى تقسيم البلاد عملياً، مع تزايد حدة القتال. هذا النزاع قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في السودان ويؤثر على الدول المجاورة مثل جنوب السودان، حيث تعطلت صادرات النفط إلى البحر الأحمر، مما أثّر بشدة على الاقتصاد.

جنوب السودان وسد النهضة

الحرب في السودان أثرت على نقل نفط جنوب السودان إلى البحر الأحمر، مما تسبب في انهيار إيرادات الدولة من النفط وتداعيات سلبية على اقتصادها. هذا الوضع يزيد من تدهور الأوضاع الداخلية في جنوب السودان، بما في ذلك التأخير في دفع الرواتب لموظفي الدولة وقوات الأمن.

كما أن الصراع في السودان يعقد التوازنات الإقليمية، ويؤثر سلباً على المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، وهو مشروع كبير يؤثر على إمدادات المياه في مصر والسودان، مما أدى إلى فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات في ديسمبر 2023.

التحديات السياسية في كينيا

في كينيا، تشهد البلاد تحديات سياسية ملحة مع ضغوط لتحقيق التوازن في الميزانية وتلبية مطالب المواطنين. الاحتجاجات الأخيرة حول الضرائب أدت إلى حل الحكومة، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار الداخلي. هذه الأزمة تتطلب اهتمامًا وقيادة دبلوماسية من قادة كينيا في ظل الوضع المتفاقم على حدودها.

في ظل هذه الأزمات المتعددة، تحتاج منطقة القرن الأفريقي إلى استجابة دولية منسقة ودعماً دبلوماسياً فعالاً للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وأمن البحر الأحمر.

ربما يعجبك أيضا