«الأقصى» و«القيامة» ضحيتا مساعي «التهويد» في القدس المحتلة

محمود

يظهر القمع الإسرائيلي للمؤمنين المسيحيين المحتفلين بسبت النور في كنيسة القيامة بالقدس المحتلة، تزامنًا مع وحشية قمع للمسلمين في المسجد الأقصى في شهر رمضان، سياسة عنصرية تعتمد «التهويد» أداة لتفريغ فلسطين من أهلها المسلمين والمسيحيين.


كعادتها لم تفوت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي مناسبة لتظهر عنصريتها تجاه كل ما هو غير يهودي، فبعد أيام عصيبة على المصلين المسلمين المتعبدين في الحرم القدسي الشريف اعتقلت خلالها المئات، وجرح وأصيب خلالها المئات، جاءت احتفالات سبت النور للمسيحيين العرب في كنيسة القيامة لتعيد سلطات الاحتلال التأكيد على استهدافها للوجود العربي في فلسطين المحتلة.

وسَبْتُ النُّورِ أو السبت المقدس يأتي بعد الجمعة العظيمة وقبل أحد القيامة أو عيد الفصح، بالعادة يُقام قداس إلهي صباح السبت في معظم الكنائس الشرقية والغربية، ثم يستقبل النور الذي يخرج بمعجزة إلهية حسب الاعتقاد المسيحي من كنيسة القيامة في القدس إلى جميع أرجاء العالم.

جندي من الاحتلال يعتدي على احد المشاركين باحتفالات سبت النور امس السبت

التضييق على المحتفلين

أغلقت شرطة الاحتلال صباح السبت الماضي، 23 إبريل 2022، الباب الجديد، أحد أبواب البلدة القديمة في القدس، ومنعت المصلين المسيحيين من الوصول عبره إلى كنيسة القيامة حيث تعقد صلوات “سبت النور” حسب تقويم الطوائف المسيحيّة الشرقيّة. وطُلب من المصلين الوصول إلى الكنيسة فقط عبر بابي الخليل والعمود.

ونشرت شرطة الاحتلال في سبت النور سواترها الحديدية في البلدة القديمة وبالأخصّ في محيط كنيسة القيامة، ما تسبّب بازدحام كبير، إضافة الى اعتداء قوات الاحتلال على المصلين وحملة الصلبان بالضرب والشتم والمنع من الدخول، بما في ذلك كاهن منعته الشرطة من الوصول إلى الكنيسة قبل أن يصل إلى المكان عضو الكنيست أحمد الطيبي ويأخذه إلى كنيسته عبر الحواجز، حيث بدأت الفلسطينيات المسيحيات بعدها بالزغاريد.

وأعلنت شرطة الاحتلال نيّتها فرض تضييقات على أداء شعائر سبت النور في كنيسة القيامة في القدس المحتلة، تشمل التضييقات تحديد عدد المُصلين المسيحيين الذي يسمح لهم بدخول الكنيسة بما لا يتعدى 500 شخص، لتعود بعد ذلك الى رفع العدد إلى بضع آلاف فقط، حيث يشارك سنويًّا في أداء شعائر سبت النور في كنيسة القيامة عشرات آلاف المصلين القادمين من مختلف المدن والبلدات الفلسطينيّة، إضافةً للحجاج الذين يأتون خاصة من بقاع مختلفة حول العالم. تعمدت قوات الاحتلال الدخول الى الكنيسة الأهم في العالم بالأسلحة واستفزاز المؤمنين وإخراج بعض منهم.

 

انتهاكات على الأرض 

الشرطة الإسرائيلية سلمت المسؤولين في كنيسة القيامة قرارًا بتقييد دخول المسيحيين إلى البلدة القديمة بـ1000 شخص داخل الكنيسة و500 في باحتها، علمًا بأن الكنيسة وباحاتها تتسع لأكثر من 10000 شخص.

وبعد فشل الجهود بتجاوب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ممثلة بالشرطة مع مطلب إلغاء القرار ومنح الحرية الكاملة للدخول إلى البلدة القديمة والكنيسة، قدِّم التماس وقبلت المحكمة بحثه كحالة طارئة، الأربعاء الماضي.

رفض مسيحي وإدانات فلسطينية وعربية للقمع

رفضت مختلف الكنائس والجمعيات المسيحيّة عبر بيانات احتجاجيّة قرار الاحتلال، واعتبرت أنّه يمسّ الوجود العربيّ المسيحيّ في القدس، وتبرير تُسوِّقه مسبقًا للاعتداء على المصلين وعرقلة وصولهم إلى الكنيسة في واحدٍ من أهم أعيادهم، وهي العرقلة التي تتكرر كلّ عام، وأدانت الفصائل والأحزاب الفلسطينية تلك الانتهاكات، فيما رفض الاردن تلك الانتهاكات في بيان للخارجية الأردنية.

تصديًا للقرار، أعلنت جمعيات خيريّة مسيحيّة ونشطاء عن تسيير حافلات مجانيّة لنقل المُصلين من بلداتهم في أراضي الـ1948 إلى القدس، وذلك بهدف تعزيز الوجود العربيّ المسيحيّ، ورفضًا لما تحاول شرطة الاحتلال فرضه.

رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس: الهدف تصفية الوجود العربي 

قال رئيس اساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، إن الاحتلال الإسرائيلي العنصري يهدف الى تصفية كل الوجود العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة، وان حقده على المسيحيين لا يقل عن حقده وجرائمه تجاه المسلمين، فإسرائيل أعلنت وتعلن دائمًا أنها دولة لليهود فقط.

وقال أسامة البابا، قائد كشافة مجموعة سرية رام الله، إنّ “الاحتفال بسبت النور هو عيد وطني، وليس دينيًّا فقط، ويشارك فيه الجميع، وما جرى في القدس مع المسيحيين من محاولات منعهم من الاحتفال بأعيادهم، ومن دخول كنيسة القيامة، يجري مثله مع إخواننا المسلمين الذين تمنعهم إسرائيل من دخول المسجد الأقصى”.

احتفالات بمدن الضفة لمن حرم منها بالقدس المحتلة

رغم ذلك، احتفل المسيحيون في كنيسة القيامة، داخل القبر المقدس وسط ترانيم دينية من قبل بطريرك الروم الأرثوذكس وبطريرك الأرمن، وبعدها انطلق النور من القبر المقدس، لتوزيعه على المؤمنين والمؤمنات، بحضور وفود من روسيا واليونان، والدول العربية التي تحتفل حسب التقويم الشرقي.

في رام الله المجاورة للقدس المحتلة، كانت فرق الكشافة تنتشر في شوارع المدينة، وتعزف ألحان استقبال النور المقدّس، فيما كان الفلسطينيون، مسيحيين ومسلمين، يصطفون على جانبي الشوارع، احتفالاً بـ”سبت النور”، وعمت الفرحة رغم إجراءات الاحتلال.

بعد أن وصل النور المقدس إلى رام الله، انطلقت المسيرة الكشفية بمشاركة فرق كشافة جاءت من مختلف المحافظات الفلسطينية، باتجاه كنيسة الروم الأرثوذكس، وسار المحتفون جميعًا وراءها. وسينطلق النور بعد ذلك لتوزيعه في عديد من المحافظات الفلسطينية، وفي الدول العربية، ودول أخرى.

الاحتفال بسبت النور في رام الله

ربما يعجبك أيضا