الإفراج عن “نرجس محمدي” .. هل رضخت طهران للضغوط الدولية للإفراج عن السجناء السياسيين؟

يوسف بنده

رؤية

أفادت وكالة أنباء “إيسنا”، الخميس 8 أكتوبر/ تشرين الأول، نقلاً عن صادق نياركي، رئيس قضاة محافظة زنجان، إطلاق سراح الناشطة الحقوقية نرجس محمدي مساء الأربعاء.

وفي هذا الصدد، أوضح “نياركي”: “تم تخفيف عقوبة هذه السيدة باستخدام القانون الأخير لتخفيف عقوبة السجن وتم إطلاق سراحها”.

وبحسب هذا المسؤول القضائي، فقد حُكم على السيدة محمدي بالسجن 16 عامًا وأُطلق سراحها، بموافقة المحكمة، بعد أن أمضت ثماني سنوات ونصف السنة.

كما أكد تقي رحماني، زوج نرجس محمدي، النبأ لـ “راديو فردا”، قائلاً إنه تم الإفراج عن السجينة السياسية بعد ساعات من منتصف ليل الأربعاء.

وقال مسؤول قضائي، يوم الخميس، إن المحكمة تصرفت وفق “الرأفة الإسلامية”، وأفرجت عن هذه الناشطة الحقوقية.

يشار إلى أن نرجس محمدي، التي حُكم عليها بالسجن لمدة 16 عامًا بتهم مثل “أنشطة دعائية ضد النظام، وتنظيم حملة لإلغاء عقوبة الإعدام، والتآمر لارتكاب جرائم ضد الأمن القومي”، نُقلت من سجن إيفين إلى سجن زنجان في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقد أصیبت بمرض كورونا في السجن في منتصف شهر يوليو (تموز)، ونشرت رسائل تشكو فیها من الأوضاع الصحية للسجن وكيفية تقديم الرعاية الطبية للنزلاء.

كما مُنعت من الاتصال بأطفالها الذين يعيشون خارج إيران لفترة طويلة، ولكنها، في النهاية، تمكنت من التحدث إليهم، بعد تزاید الطلبات العامة في هذا الصدد.

يذكر أنه منذ ثمانية أشهر، أفرجت إيران مؤقتًا عن حوالي 120 ألف سجين في جميع أنحاء البلاد لمنع زيادة حالات الإصابة بكورونا في السجون، ومع ذلك، تم استثناء المتهمين بمعارضة النظام في إيران، الذين حُكم عليهم بالسجن لأكثر من خمس سنوات.

ضغط دولي

طالبت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، النظام الإيراني، بإطلاق سراح السجينة السياسية، نسرين ستوده، وجميع نشطاء حقوق الإنسان والسجناء السياسيين فورًا، وذلك تجنبا للإصابة بفيروس كورونا.

وأشارت ميشيل باشليه، الثلاثاء الماضي، 6 أكتوبر/ تشرين الأول، إلى خطر انتشار فيروس كورونا بين السجناء، وقالت: “لا ينبغي أن يبقى الناس الذين يعتقلون لمجرد أفكارهم السياسية في السجون على الإطلاق، وبكل تأكيد لا ينبغي أن تتم معاملة هؤلاء السجناء بطريقة قاسية أو أن يتعرضوا لمخاطر كثيرة”.

وأضافت باشليه: “الحكومات مسؤولة عن استقرار، وكذلك الصحة الجسدية والنفسية لكل شخص يخضع لإرادتهم ويتم حرمانه من الحرية”.

كما انتقدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التعامل “العنصري” الذي يواجهه السجناء السياسيون فيما يتعلق بإجراءات كورونا.

وشددت على ضرورة أن يتم إصلاح مثل هذه الانتهاكات في الوقت الذي تشهد فيه إيران انتشارا لكورونا في السجون.

وطالبت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، السلطات الإيرانية بإطلاق سراح السجناء السياسيين والمعتقلين على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت في إيران خلال السنوات الأخيرة.

وأفادت وسائل إعلام في الآونة الأخيرة بأن فيروس كورونا أصبح منتشرا في السجون وبالفعل تم نقل بعض السجناء لتلقي العلاج في المستشفيات بعد الإصابة بالفيروس.

وقالت باشليه إنها قلقة للغاية تجاه نسرين ستوده الناشطة الحقوقية الإيرانية المعتقلة.

ضغط أمريكي

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مورجان أورتاجوس، قد أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، عن مخاوفها بشأن تفاقم انتشار فيروس كورونا في إيران. وقالت: إن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة إيران.

وفي إشارة إلى اقتراح وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، في فبراير/شباط 2020 لمساعدة إيران لمواجهة تفشي كورونا، قالت “أورتاجوس”، على تويتر، إن الولايات المتحدة تشعر بقلق إزاء تفشي فيروس كورونا في إيران، وإننا مثل شهر فبراير، نكرر مرة أخرى عرضنا للمساعدة.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية وصفت عرض واشنطن بتقديم المساعدة، آنذاك، بأنه “ادعاء سخيف ولعبة سياسية”.

وواصلت “أورتاجوس” تغريدتها، قائلة: “اتساقًا مع طلب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ندعو السلطات الإيرانية إلى الإفراج الفوري عن جميع السجناء السياسيين من السجون المكتظة وغير الصحية”.

وقد انتقدت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في مقال لها الظروف التي يعيش فيها السجناء السياسيون في إيران في ظل أزمة فيروس كورونا، واصفة النظام الإيراني بـ”الشرّير”، وذكرت أن فيروس كورونا أيضًا لا يمكنه أن يصلح “الوحشية الشرّيرة” لنظام الجمهورية الإسلامية.

كما أشار المقال إلى وضع المحامية والسجينة السياسية نسرين ستوده، وكتب أن ستوده تعاني من مشاكل في القلب ومع ذلك تمت إعادتها إلى سجن “إيفين” رغم انتشار فيروس كورونا.

وأضاف المقال أن النظام الإيراني يسعى إلى أن يظهر نفسه للغربيين بأن طهران ضحية للضغوط الأميركية، ولكن سلوكها وتعاملها مع السجناء السياسيين أمثال نسرين ستوده يمنعها من تحقيق هذه الغاية.

تعويضات

هذا، وقد قضت محكمة أمريكية بأنه يتعين على إيران دفع 1.4 مليار دولار كتعويض لعائلة العميل السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، روبرت ليفنسون، بعد اختفائه في جزيرة كيش (جنوب إيران).

وأفادت “رويترز” يوم الإثنين 5 أكتوبر/تشرين الأول أن القاضي تيموتي كيلي أعلن في حكم الأسبوع الماضي بأنه وافق على عرض الخبراء بتقدير مبلغ 1.4 مليار دولار كتعويض من الحكومة الإيرانية لأسرة السيد ليفينسون.

ورحبت عائلة “ليفينسون” في بيان بقرار القاضي. ووفقًا لهم، فإن هذا الحكم هو الخطوة الأولى نحو تحقيق العدالة لروبرت ليفينسون بصفته أمريكيًا وطنيًا اختُطف قبل 13 عامًا في إيران.

وأضاف البيان: “إيران لم تر بعدُ عواقب أعمالها. قرار القاضي، على الرغم من أنه لن يعيد روبرت ليفنسون إلى الوطن، نأمل أن يكون بمثابة تحذير لإيران بشأن أخذ مزيد من الرهائن. نحن عازمون على بذل قصارى جهدنا لتحقيق العدالة لروبرت ليفنسون”.

ربما يعجبك أيضا