الإمام محمد الخضر حسين.. شيخ الأزهر المحكوم عليه بالإعدام

محمود سعيد

الإمام الأكبر محمد الخضر حسين شيخ الأزهر، ليس مجرد عالم يخبر الناس بصحيح الدين وأوامره، لكنه أحد رموز النضال العربي في مواجهة الاستعمار الغربي.. فمن يكون؟


يعتبر شيخ الأزهر الأسبق، محمد الخضر حسين، أحد أبرز علماء المسلمين في القرن العشرين، فبخلاف إرثه العلمي والديني يعتبر رمزًا للمقاومة العربية ضد الاستعمار الغربي.

دافع حسين عن أصول الدين والشريعة الإسلامية واللغة العربية، ووصل إلى مكانة جعلت علماء الأزهر وقادة ثورة يوليو المصرية يختارونه شيخًا للأزهر في سابقة لم تحدث من قبل، فمن يكون محمد الخضر حسين؟

حياة محمد الخضر حسين

ولد الشيخ الخضر في 16 أغسطس 1876 ميلاديًا، بمدينة نفطة التونسية، وهو من عائلة “العمري” المنحدرة من قرية طولقة بمدينة “بسكرة” الجزائرية، وتعلم القرآن حفظًا وتفسيرًا على يد أمه حليمة السعدية نجلة الشيخ مصطفى بن عزوز، وعددًا من العلماء، وفي عام 1889 قدم لتونس العاصمة والتحق بجامع الزيتونة وعمره 12 عامًا، ليفتح خاله الشيخ محمد المكي له الأبواب أمام مجالس العلماء.

وبدء حياته بإلقاء دروس في المسجد، قبل أن يرحل إلى ليبيا ويستقر بها فترة، ويعود إلى تونس ليلزم جامع الزيتونة حتى تولى قضاء بنزرت في ١٩٠٥، ودرس في جامعها الكبير، ثم استقال وعاد إلى تونس، ودرس بجامع الزيتونة، ليرحل بعد للجزائر قبل العودة لتونس مجددًا.

خروجه للشام ثم مصر

لم يطل مقام الشيخ الخضر في الشام، حتى سقطت في يد الفرنسيين عام 1339هـجريًا/ 1920 ميلاديًا، وحكم عليه الاحتلال بالإعدام غيابيًا لاتهامه بالمشاركة في تحريض المغاربة بألمانيا وتركيا على الثورة ضدهم في شمال إفريقيا، فهرب إلى مصر، ليعمل مصححًا بدار الكتب المصرية بشفاعة أحمد تيمور باشا، وتعرف على الشيخ طاهر الجزائري والشيخ رشيد رضا، والأديب محب الدين الخطيب.

نال الخضر الجنسية المصرية، وأنشأ في القاهرة عدة جمعيات دينية وثقافية، مع بعض المشايخ، وأصدر مجلة “الهداية الإسلامية”، واختير للتدريس في قسم التخصص بالأزهر، وتولى رئاسة تحرير مجلة الأزهر 4 سنوات، ورئاسة تحرير مجلة “لواء الإسلام”، واختير عضوًا بـ”مجمع اللغة العربية الملكي” عند إنشائه في 1932، وعضوًا لهيئة كبار العلماء عام 1950 ميلاديًا.

الخضر حسين والأزهر الشريف

رشح الخضر حسين لتولي مشيخة الأزهر بعدما رأى قادة الثورة المصرية أن يتولى قيادة الأزهر مناضل عربي من زعماء المسلمين ومن قادتهم، ويوم الثلاثاء 15 سبتمبر 1952 خرج من مجلس الوزراء المصري أثناء انعقاده 3 وزراء ليعرضوا عليه تولي مشيخة الأزهر، ليستمر بمنصبه حتى استقال في 7 يناير 1954 ميلاديًا احتجاجًا على إلغاء القضاء الشرعي ودمجه في القضاء المدني.

واعتبر الخضر القرار تجاوزًا في حق هيئة كبار العلماء في الأزهر، ليقرر التفرغ للكتابة والبحث والمحاضرة، ومع تأثره بخاله الذي علت مكانته لدى السلطان عبد الحميد الثاني كثيرًا، قضى الشطر الأخير من حياته في “الأسِتانة” تلبية لرغبة السلطان حتى لقي ربه في 28 فبراير 1958 ميلاديًا.

مؤلفاته

ضمت مؤلفات شيخ الأزهر الراحل “أسرار التنزيل، وبلاغة القرآن، ومحمد رسول اللّه وخاتم النبيين، ورسائل الإصلاح، ومحاضرات إسلامية، والقاديانية والبهائية، ودراسات في الشريعة الإسلامية، وأحاديث في رحاب الأزهر، ونظرات في الإسلام وأصول الحكم، وردّ على مستقبل الثقافة في مصر لطه حسين،  وتراجم الرجال، ونقض كتاب في الشعر الجاهلي، والرحلات، وتونس وجامع الزيتونة.

وشملت مؤلفات الإمام الخضر “دراسات في العربية وتاريخها، وتعليقات على كتاب الموافقات لأبي إسحاق الشاطبي، وتعليقات لغوية على كتاب شرح القصائد العشر للخطيب التبريزي، ودراسات في اللغة، والخيال في الشعر العربي، وديوان شعر بعنوان خواطر الحياة”، كما أسس مجلة السعادة العظمى بتونس.

ربما يعجبك أيضا