الاستخبارات.. سباق من أجل الوصول إلى المصاب «صفر» بفيروس كوفيد-19

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد 

يعتقد البعض بأنه لا توجد أبدا علاقة مابين عمليات التجسس لأجهزة الاستخبارات وفيروس كورونا “كوفيد 19” أو غيرها من الفيروسات، لكن مراجعة إلى تاريخ الحروب وأسلحة الدمار الشامل فالحرب الباردة جميعها تدور حول مهام الاستخبارات بكل أنواعها بجمع المعلومات حول منشأ الفيروسات أو توجيه ضربات باسلحة دمار شامل، ناهيك عن عمليات الاغتيال التي تنفذ باستخدام الغازات السامة، والتي اصبحت شكل مناشكال حروب الاستخبارات بتصفية العملاء. 

ولو تحدثنا عن الولايات المتحدة ومجمعها الاستخباراتي، فهي تملك وكالة خاصة بالمعلومات الطبية والصحية، وهو ما يعرف بالمركز الوطني للاستخبارات الطبية (إن سي إم آي) ، الذي يخضع لسلطة وكالة الاستخبارات الدفاعية (دي آي إيه) وهي تمتلك مجموعة من الوسائل من أجل الحصول على معلومات، وهذا لا يستبعد استخدام الاستخبارات الأمريكية عملائها من أجل معرفة منشأ فيروس كورونا، ما عدا ذلك هي تحتاج أيضا إلى جمع معلومات حول الإصابات وتقنيات مواجهة الفيروس في بعض الدول التي تعتبر مصدر تهديد لأمن الولايات المتحدة من وجهة نظرها، مثل الصين وكوريا الشمالية وغيرها. 

نظريتان حول مصدر فيروس كورونا   

طلب الرئيس الأمريكي بايدن الاستخبارات الأمريكية  بتقديم المعلومات حول حول أصل فيروس كورونا، وسط جدل متزايد حول بداية ظهوره، وما إذا كان الفيروس قد سرب من أحد المعامل في الصين، على أن يقدم التقرير له في غضون تسعين يوما. وهذا يعني أن الصين ممكن أن تشهد خلال مرحلة بايدن ضغوطات جديدة أخرى من نوع آخر، أبرزها التحري عن أصل فيروس كورونا، خلالها يمكن لبايدن الحصول على دعم دولي خاصة من قبل حلفائه. 

ذكرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يوم 27 مايو 2021، حصولها على نظريتين حول مصدر فيروس كورونا  وأن فيروس كورونا ظهر بسبب المخالطة بين بشر وحيوانات مصابة، بينما أيّدت وكالة ثالثة احتمال وقوع حادث في مختبر كان مصدرا للجائحة العالمية.  وقال مكتب مدير المخابرات الوطنية : “أجهزة المخابرات الأمريكية لا تعرف بالضبط أين ولا متى ولا كيف انتقل فيروس كوفيد-19 بشكل أولي، لكنها تركز على احتمالين اثنين”، مضيفا أن الغالبية تعتقد أنه ليس هناك “معلومات كافية للتقييم ترجح كفة أحدهما على الآخر”.ولم يحدد بيان مكتب مدير المخابرات الوطنية أي وكالتين من بين 17 وكالة تشكل مجتمع المخابرات الأمريكية تعتقدان أن الفيروس نشأ في حيوانات مصابة وأي جهاز يعتقد أنه نشأ من حادث في مختبر. 

وأكد مسؤول استخباراتي أمريكي أن مجتمع المخابرات يسعى بنشاط للحصول على معلومات حول الموضوع ويقومون بإطلاع المشرعين على نتائجهم ، وفقًا لتقرير شبكة سي بي إس. وقالت مصادر إعلامية أمريكية، تم إبلاغها بالمعلومات الاستخبارية للمنفذ إن “المريض صفر” يعمل في مختبر ووهان ونشر الفيروس إلى السكان المحليين بعد ترك العمل. 

الاستخبارت المركزية، سجلت إخفاق كبير في تعاملها مع ملف فيروس كورونا، بعدم التوصل لحد الآن إلى المصاب، صفر، كذلك لم تحصل بعد على شهادات أو وثائق وأدلة لما حصل في مختبرات ووهان الصينية. 

الاستخبارت الألمانية حصلت على معلومات قبل تفشي الجائحة 

كشف تقرير صحفي  يوم  08.05.2020 أن الاستخبارت الألمانية تشكك في رواية البيت الأبيض حول منشأ فيروس كورونا المستجد، والصين تعرب عن استعدادها لإجراء تحقيق لكن عقب السيطرة الجائحة. وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق  مايك بومبيو السابق  قد قال إن هناك “عددا كبيرا من الأدلة” على أن فيروس كورونا المستجد خرج من مختبر صيني، لكنه لم يشكك في استنتاج أجهزة المخابرات الأمريكية بأنه ليس نتاج عمل بشري. 

 قدم جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني (BND) وقبل تفشي الوباء معلومات حول فيروس كورونا.  وتنصتت  الاستخبارات الألمانية على مكالمات واتصالات للحكومة الصينية. ولم يمنح هذا الأمر عملاء الجهاز معلومات حول المرض نفسه فحسب، بل أيضا عن الاستراتيجية الأولية للحكومة الصينية للتستر على تفشي المرض. الاستخبارات الألمانية  ذكرت في تقاريرها أن الصين حاولت حجب المعلومات في بداية الأزمة نحو 4 -6 أسابيع، وهي مدة كانت كفيلة لاستخدامها في مكافحة الفيروس. 

المهام الافتراضية للاستخبارات 

 إن أبرز هذه المهام الافتراضية، هو وصول عملاء الاستخبارات المركزية، إلى المصاب “صفر” داخل مختبر “ووهان” والذي ترك العمل، وربما هو من قام بنشر الفيروس لعامة المواطنين في الصين. 

التحقيقات جارية لتحديد ما إذا كان من الممكن أن يكون الفيروس التاجي قد انتقل لأول مرة إلى البشر خلال تجارب مع الخفافيش في مختبر ووهان لمعهد الفيروسات، وفقا تقارير فوكس الأمريكية، وأن الاستخبارات المركزية الأمريكية، هي من تولت ملف التحقيق .  

العنصر البشري وجمع المعلومات، ما زال يمثل تحديا للاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” رغم تفوقها في تكنلوجية المعلومات. صحيح أن المراقبة الفضائية أو الجوية المحتملة الىوكالة  NASA لمختبر ووهان، ولعمليات دفن أو حرق جثث الضحايا مستمرة، لكنها يبدو عاجزة لحد الآن بالحصول على عملاء من داخل المختبرات الصينية، وما يدعم ذلك أن الرئيس الأمريكي السابق، ترامب  لم  ينجح بالجزم أن  الصين كانت مصدر الفيروس وأنها تعمدت بنشره. كان تعامل إدارة ترامب مع تحذيرات فريق أمريكي زار معهد ووهان عام 2018، وعدم متابعة وكالة الاستخبارات المركزية، لاحتمالات فيروس كورونا، كان يعتبر إخفاقًا استخباراتيًا. 

بات متوقعا أن يشن الرئيس الأمريكي بايدن حملة ضغوطات جديدة على الصين، أبرزها اتهامها بأنها كانت المنشا لتفشي فيروس كورونا. 

إن من واجب أجهزة الاستخبارات والخدمة الخارجية، رصد وجمع المعلومات عن الجائحة وقبل انتشارها، وتقديمها لصناع القرار، باعتبار التهديدات الصحية هي جزء من تهديدات الأمن القومي، وهذا يعني أن الاستخبارات من واجبها، التعرف على أصل الفيروسات ووسائل انتشارها، وتقييم المخاطر، من أجل دعم صانع القرار. 

ربما يعجبك أيضا