الانتخابات البرلمانية.. قشة النظام الغريق في إيران

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يقول مراسل صحيفة الجارديان البريطانية، باتريك وينتور، إن “هناك تطهير للإصلاحيين في الانتخابات البرلمانية المنتظرة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري في إيران”، وأن “السلطات الدينية في النظام الإيراني عازمة على التلاعب في هذه الانتخابات ليفوز بها المتشددون باكتساح، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى القضاء التام على الاتفاق النووي مع إيران حسب ما يقول دبلوماسيون غربيون”.

هناك حالة من القلق تجاه مصير الإصلاحيين في إيران، رغم أنهم الوجه الناعم لنظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران؛ إلا أن ضعفهم يصب في صالح الوجه المتشدد الذي يمثله المحافظون وعلى رأسهم مؤسسة المرشد الأعلى ورجال الدين والحرس الثوري.
 
وتأتي أهمية الانتخابات البرلمانية الإيرانية المقبلة، كونها ستكشف عن سياسة إيران وتوجُّهها في السنوات المقبلة، في ظل حملة أقصى ضغط التي تمارسها واشنطن، كما أنها تجرى وسط توترات متصاعدة بين طهران وواشنطن، عقب اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهجمات صاروخية شنتها إيران على قاعدة عين الأسد الأميركية بالعراق، الشهر الماضي.

تعبوية الثورة

الواضح أن النظام الإيراني الذي ما زال يحافظ على أدبيات الثورة ولم يتمكن من الانتقال إلى مرحلة الدولة بعد، رغم توفر المؤسسات لذلك؛ ما زال يعمل على تثوير كل أوجه الحياة السياسية ليضمن استمرار التعبئة تجاه تأييد النظام، فالتعبئة الشعبية تعني استمرار حياة النظام الحاكم. سيما في ظل العقوبات الأمريكية وأزمات الداخل والخارج والتغيير في الأجيال الجديدة.

لذلك، حث المرشد الإيراني علي خامنئي المواطنين الإيرانيين على المشاركة الفعالة في هذه الانتخابات في ظل دعوات واسعة لمقاطعة الانتخابات التي يعتبرها المنتقدون والمعارضون معروفة النتائج مسبقا بسبب “هندستها ” من قبل “مجلس صيانة الدستور” الذي يشرف عليه ويهمين عليه المتشددون.

دعوة للمقاطعة

دعا نشطاء إيرانيون مقيمون بالخارج إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية الإيرانية. كما أصدر كل من اتحاد الجمهوريين الإيراني، ومنظمة فدائيي خلق الإيرانية، ومنظمات الجبهة الوطنية الإيرانية خارج البلاد، وتضامن الجمهوريين الإيرانيين، بيانًا وصفت فيه انتخابات البرلمان الإيراني المقرر إجراؤها بعد أقل من أسبوعين، بأنها “انتخابات شكلية”. ودعت المنظمات الشعب الإيراني إلى مقاطعتها.

كما صرح أيضًا رضا بهلوي، نجل شاه إیران، بأن “انهيار نظام الجهل والجريمة مؤكد. والاستعداد لذلك أمر ضروري”، وقال: “أیها المثقفون الوطنيون، وأبطال القوات المسلحة الإيرانية، والموظفون المدنيون.. حدث كبير في الطریق، إيران ترنو إلیکم”، مضيفًا: “علینا توفير الأرضیة اللازمة للانتقال من نظام الجهل والجريمة إلى الفكر والمعرفة”.

تحذير إصلاحي

وفي رسالة تحمل إشارات تحذيرية، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي يمثل التيار المعتدل والإصلاحي، إن “الثورة حدثت لأن باب الانتخابات کان مغلقًا”، مضيفًا: “لو کان النظام السابق قد سمح للشعب بالانتخاب، لما کانت هناك حاجة للثورة”.

وأضاف أنه “لو کان النظام السابق قد سمح للناس باختيار نوع الحكومة ونوع الدستور، والاختیار بین الاستقلال والتبعية، لاختار الناس الاستقلال. لو قبل النظام السابق بإجراء انتخابات وطنية وحرة ونزيهة، لما كانت هناك ثورة”.

وأكد حسن روحاني أن “إغلاق باب الانتخابات” خلال عهد بهلوي دفع الناس إلى القيام بثورة “لفتح الطريق أمام الانتخابات”. ووصف الرئيس الإيراني نظام الجمهورية الإسلامية بأنها “ديمقراطية” وقائمة على “الاستفتاء”.

تشير تصريحات الرئيس الإيراني إلى حالة من الغضب والحذر من الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي من الممكن أن يتم القضاء فيها على الإصلاحيين، ومن ثم يسيطر المحافظون على البرلمان بما قد يؤدي إلى دخول البلاد إلى مصير مجهول في التعامل مع الضقايا الداخلية والخارجية. ورغم أن روحاني يفتخر بالنظام الحاكم في إيران حتى يبتعد عن دائرة الاتهام بالعمل ضد النظام؛ إلا أن مطالب حسن روحاني بإجراء استفتاء في إيران حول بعض القضايا ظلت دون إجابة. وهو ما يعكس حالة الإنفصام التي يعيشها النظام في إيران وتجاذبه بين المحافظين والإصلاحيين ويبقى الشعب الإيراني وحده يعاني من هذا الصراع والاستقطاب.

كما تكشف تصريحات روحاني أيضًا عن مدى الضعف والقلق الذي تعيشه أجنحة النظام، وأنها مازالت تراهن على التعبئة الشعبية في منح هذا النظام الاستمرارية والقوة باسم الثورة ومجابهة مخطط الأعداء.

ربما يعجبك أيضا