الانتخابات التايوانية.. هل تشعل التوترات بين أمريكا والصين؟

هل انتخاب رئيس جديد لتايوان يشعل الحرب مجددا بين بكين وواشنطن؟

شروق صبري
بايدن وشي

إن فوز لاي تشينج تي في تايوان، والذي تعتبره الصين انفصاليًا خطيرًا، سيختبر جهود بايدن وشي جين بينج لتحقيق الاستقرار في العلاقات.


انتخاب تايوان للمرشح الرئاسي الذي لا تثق به الصين، يعرض الاتفاق الهش بين واشنطن وبكين للخطر، مما يهدد باندلاع صراع جديد بين أكبر القوى الاقتصادية والعسكرية في العالم.

وأعطى الناخبون في تايوان الحزب الديمقراطي التقدمي، 4 سنوات أخرى في السلطة، عن طريق اختيار نائب الرئيس الحالي، لاي تشينغ تي، رئيسا، والذي تدينه الصين باعتباره محرضا متشددا من أجل استقلال تايوان.

الاهتمام العالمي بتايوان

ورغم أن فوز “لاي” كان متوقعًا إلا أنه يزيد من الاهتمام العالمي بهذه الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، وأهميتها الكبيرة في التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، إذ وُصفت تايوان بأنها القضية الأكثر حساسية في علاقتها مع واشنطن، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية اليوم 15 يناير 2024.

ومنذ خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن والزعيم الصيني شي جين بينج من قمة نوفمبر 2023 باتفاق على علاقات مستقرة بعد سنوات من التدهور، أجرت الحكومتان مناقشات حول الاتصالات العسكرية ومكافحة المخدرات ومراقبة التكنولوجيا وتايوان باعتبارها نقطة اشتعال معترف بها .

القضايا الداخلية

قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون، إن التوقف الحالي في التوترات هو أمر تكتيكي، مدفوع بأهداف قصيرة المدى، وبينما تتنافس واشنطن وبكين على التفوق العالمي، لا يريد أي من الطرفين حدوث أزمة، حيث يحاول رئيس الصين إنعاش اقتصاد بلاده الفاتر، بينما تنشغل إدارة بايدن في الحروب بأوكرانيا والشرق الأوسط.

وبحسب المسؤولين وخبراء السياسة الخارجية فإنه مع استعداد “لاي تشينغ تي” رئيس تايوان المنتخب منصبه مايو 2024، فإن السيطرة على التوترات ستتطلب ضبط النفس من جانب بكين وواشنطن وتايبيه لتجنب تكرار الدورات السابقة من الاستفزاز ورد الفعل.

488879

رئيس تايوان لاي تشينغ-تي

وقف التصعيد

قال تشين “مينغ تشي” الرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث الدفاع الوطني والأمن، وهو مركز أبحاث مدعوم من الجيش التايواني، إن تصريحات واشنطن المبكرة بشأن انتخابات تايوان حددت اللهجة، والفكرة الأساسية وهي وقف التصعيد، وقال تشين: “هذه المرة، ربما تكون الصين أيضا على استعداد للتعاون”، متوقعا أن يولي “شي” المزيد من الاهتمام للقضايا الداخلية.

في خطاب الفوز، كرر رئيس تايوان الجديد، تعهده خلال حملته الانتخابية بالحفاظ على الوضع الراهن ووعد بالعمل مع خصومه السياسيين الذين اتخذوا موقفا أكثر مرونة تجاه بكين، وفقد الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم السيطرة على المجلس التشريعي بعد تصويت يوم 13 يناير، مما حد من قدرة “لاي” على وضع تايوان على مسار مختلف تمامًا.

ومن غير المرجح أن يكون هذا كافيا بالنسبة لبكين، التي وصفت “لاي” والحزب الديمقراطي التقدمي بأنهما انفصاليان يقودان تايوان نحو الصراع. ويدافع الحزب الحاكم عن هوية تايوانية فريدة منفصلة عن الصين ويُنظر إليه على أنه مؤيد تقليدي للاستقلال.

توازن الرد الصيني

قالت “يون صن” من مركز ستيمسون، وهو مركز أبحاث في واشنطن، إن بكين توازن ردها لمحاولة إقناع واشنطن بمنع لاي من الضغط على حدود التسامح الصيني. وقالت إن بكين تريد “إرسال رسالة لحث الولايات المتحدة على المشاركة في إدارة لاي مع الصين”.

وأضافت إدارة بايدن، في ترحيبها بانتخاب لاي، أن الولايات المتحدة تريد رؤية الاستقرار في المنطقة و”الحل السلمي للخلافات، بعيدًا عن الإكراه والضغط” بين تايبيه وبكين. كما أرسلت واشنطن اثنين من المسؤولين المتقاعدين وهما مستشار الأمن القومي السابق ستيفن هادلي ونائب وزير الخارجية السابق جيمس شتاينبرغ، إلى تايوان للقاء كبار السياسيين المحليين، وذلك تمشيا مع الممارسة السابقة بعد الانتخابات الرئاسية التايوانية.

آخر خلافات

جاءت آخر موجة من الخلاف بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان في عام 2022، عندما زارت رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي تايبيه. وردت بكين بإجراء تدريبات عسكرية مكثفة حول الجزيرة وقطع معظم الاتصالات مع الولايات المتحدة.

ومنذ ذلك الحين، واصل الجيش الصيني عملياته بوتيرة عالية، حيث قام بتحليق طائرات وسفن شراعية، ومؤخرًا، أرسل مناطيد على ارتفاعات عالية فوق تايوان. ولكن التغيير الأخير في طاقم المؤسسة الدفاعية الصينية كان سبباً في إثارة التكهنات بشأن عملية تطهير رفيعة المستوى، كما أثار التساؤلات حول مدى استعداد المؤسسة العسكرية الصينية للقتال.

التنسيق الدفاعي مع واشنطن

ومن المرجح أن يعني فوز لاي أن تايبيه ستواصل تعزيز التنسيق الدفاعي مع واشنطن، وهو ما يمثل مصدر إزعاج محتمل في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. ولكن يتعين على حكومة لاي أن تتفاوض على العقبات التشريعية المحتملة، نظراً لغياب الأغلبية المشرعة للحزب الديمقراطي التقدمي، في ملاحقة السياسات التي تعتبرها الولايات المتحدة أساسية للدفاع عن تايوان.

ويمكن للهيئة التشريعية الجديدة في تايوان، التي يتنافس فيها الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب المعارضة الرئيسي الكومينتانغ، أو الحزب القومي، أن تقلل التمويل لشراء الألغام المضادة للسفن والصواريخ وغيرها من الأسلحة غير المتماثلة التي تقول الولايات المتحدة إن تايوان تحتاجها لصد بكين.

ربما يعجبك أيضا