الانتخابات العراقية.. مصير محتوم يواجه إرهاب داعش

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي

داعش يعود من جديد لفرض نفسه على الساحة العراقية، مُهددًا باستهداف كل من يشارك أو يصوت في الانتخابات البرلمانية المُقرر إجراؤها الشهر المقبل، وسط استعدادات أمنية وسياسية مُكثفة لإجراء الانتخابات في موعدها رغم الخلافات السياسية والمطالبة بتأجيلها، ورغم تهاون البعض بتهديدات داعش إلا أنها فرضت حالة من التأهب قبيل الانتخابات التي يتنافس فيها المُرشحون لتولي رئاسة الحكومة العراقية.

تهديدات داعش

قبيل الانتخابات البرلمانية العراقية المُقررة في 12 مايو المقبل، أعلن تنظيم داعش مهاجمته لمراكز الاقتراع بالعراق، حيث هدد باستهداف كل من يرشح نفسه أو يصوت، معتبرًا أن أي مشارك في تلك الانتخابات سيعد “كافرًا” من وجهة نظر التنظيم.

وفي رسالة صوتية -تم بثها مساء أمس الأحد- اتهم من وصف نفسه بـ”المتحدث باسم داعش” أبو الحسن المهاجر، الحكومة العراقية بأنها وكيل لإيران، نظرًا للدور الإيراني في تشكيل الحكومة العراقية، والذي بدا واضحًا منذ سقوط صدام حسين في 2003.

جدير بالذكر أن الحكومة العراقية كانت قد أعلنت في ديسمبر الماضي، القضاء على تنظيم داعش الذي كان يسيطر على ثلث مدن العراق في 2014، إلا أن ذيوله المختبئة في الجيوب الصحراوية لا زالت تُلاحق أمن واستقرار العراق.

وتعقيبًا على تهديدات داعش، اعتبر القيادي العراقي في حركة “كلنا عراق” تهديدات استهداف الانتخابات العراقية بأنها “حلاوة روح”، لافتًا إلى أن التنظيم يسعى مُجددًا لفرض نفسه على الساحة مرة أخرى عقب الهزائم التي لاحقته العام الماضي، ولكنه سيفشل بفضل قدرة الأجهزة الأمنية العراقية على وأد ذيوله وعدم السماح له بتخريب الانتخابات.

انتخابات تنافسية 

بدأ العد التنازلي للانتخابات العراقية المُزمع إجراؤها في 12 مايو المقبل بضغط من الحكومة العراقية، حيث يتنافس في الانتخابات العامة نحو سبعة آلاف مرشح ومرشحة توزعوا على 88 قائمة انتخابية وأكثر من 200 كيان سياسي لشغل 328 مقعدًا في البرلمان العراقي المقبل.

وفى ظل الاستعدادت المكثفة من الدولة لإجراء وتأمين الانتخابات التشريعية عقب الانتصارات التي حققتها خلال المواجهات مع تنظيم “داعش” الإرهابي، يُشارك 86 ائتلافًا وقائمة، وأبرز هذه الإئتلافات “النصر والفتح ودولة القانون” ، ومن أبرز القوائم المُشاركة، قائمة “سائرون نحو الإصلاح” وقوائم الأحزاب السنية وقوائم الأكراد من خلال عدة أحزاب .

ورغم ظاهرية الانتخابات، إلا أن التنافس فيها يجري لتحديد من سيكون رئيس الوزراء العراقي القادم والذي ستحدده التحالفات التي سيبرمها الفائز في الانتخابات للحصول على الغالبية، والحديث اليوم يحصر المنافسة بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته، حيدر العبادي، وبين سلفه نوري المالكي، ورئيس “منظمة بدر” هادي العامري، الذي يعد من أبرز قادة “الحشد الشعبي” الذي كان له دور حاسم في دحر “داعش”.

ووفقا للصحافة الفرنسية، فهناك اثنان من المتنافسين يتباهيان بدورهما في القضاء على تنظيم “داعش، أحدهما “حيدر العبادي” الذي تمكن بدعم من التحالف الدولي والمقاتلين الأجانب من دحر داعش، واستعادة مناطق متنازع عليها أبرزها كركوك، والمنافس الأخر هو “هادي العامري” الذي يُعد رجل طهران نظرًا لمشاركته في القتال إلى جانب القوات الإيرانية بعد سقوط “صدام حسين”، وقد يكون البديل المناسب للعبادي، أما ” نوري المالكي” فهو الأقل حظًا في السباق نظرًا لما سيق له من اتهامات لحكومته بالفساد وتهميش السنة.

وبحسب المراقبين، فإن العبادي هو الأوفر حظًا لتشكيل الحكومة العراقية المُقبلة، بسبب نهجه وسياساته ودعم التحالف الدولي والمقاتلين الإيرانيين له في القضاء على داعش، وهو النصر الذي يعتمد عليه في تحالفاته وفي التأثير على الناخبين، ورغم ذلك تستمر المنافسة بينه وبين الأخرين في ظل عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في العراق، وهو ما انعكس في خلافات القوى السياسية على موعد إجراء الانتخابات والأزمة الأخيرة بين بغداد وأربيل والتفجيرات التي تشهدها المدن العراقية من وقت لآخر.

مصير محتوم

تتميز الانتخابات هذه المرة، بكونها أول انتخابات تجرى منذ إعلان النصر على داعش، ومن المقرر أن تُحدد نتائجها المسار السياسي العراقي في ظل قلق اللاعبين الرئيسيين في العراق وبالأخص الولايات المتحدة وإيران.

ومن الواضح، أن الفوز في الانتخابات القادمة سيكون لصالح القوى الشيعية كونهم يمثلون الأغلبية، ومن جديد قد يعود العبادي رئيسًا للوزراء لولاية ثانية في ظل الظروف التي تواجهها العراق ولاسيما ظروف الحرب والقضاء على داعش، ومن ثم فلا سبيل لتغييره أو محاولات النأي عن إيران، نظرًا لعدم قدرة السياسيين على بسط الأمن دون مساعدة إيران التي تمكنت من بسط نفوذها عبر طائفتها الشيعية في العراق.

وبالرغم من تعويل العبادي المُرشح الأوفر حظًا على الانتصارات التي حققها ضد داعش للفوز بولاية ثانية لرئاسة الحكومة، تبقى ذيول داعش المختبئة في الصحراء شبحا يُهدد الاستقرار السياسي والأمني في العراق، لاسيما في ظل الخلافات السياسية وتأثير القوى الإقليمية على المشهد السياسي وتحديدًا إيران، فضلًا عن التفجيرات المتفرقة التي لا زالت تُلاحق العراقيين، ومن ثم فإن كانت انتخابات مصيرها محتوم ومعروفة النتائج مُسبقًا إلا أنها في مرمى الإرهاب الداعشي.
 

ربما يعجبك أيضا