الانتخابات الفرنسية.. هل عاقب الشعب ماكرون وصوّت لليمين المتطرف؟

عمر رأفت
ماكرون ولوبان

أظهرت التوقعات التي صدرت بعد إغلاق صناديق الاقتراع في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، أن الناخبين الفرنسيين اختاروا اليمين المتطرف بدلاً من التحالف الوسطي للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير لها، أمس الأحد 30 يونيو 2024، أن توقعات هيئة الإذاعة والتلفزيون الفرنسية تشير إلى أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، بقيادة مارين لوبان وجوردان بارديلا، سيفوز بتلك الانتخابات بنسب قد تتعدى 33% من الأصوات.

تعهدات بارديلا

أضافت الصحيفة أن تحالف الأحزاب اليسارية، الجبهة الشعبية الجديدة، سيأتي في المركز الثاني، ومن المتوقع أن يحصل على 28%، فيما سيأتي تحالف ماكرون “معًا” ثالثًا بنسبة 21%، وإذا استطاع حزب التجمع الوطني توسيع تقدمه في الجولة الثانية من التصويت في السابع من يوليو الجاري، فقد يشكل أول حكومة يمينية متطرفة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، برئاسة بارديلا البالغ من العمر 28 عامًا، وتغيير أجندة ماكرون المؤيدة لأوروبا.

وتعهد بارديلا مساء أمس الأحد، بأن يصبح رئيس وزراء كل الشعب الفرنسي، وأن يعمل على تعزيز “وحدة الأمة”، ثم هاجم اليسار، الذي أصبح الآن منافسه الرئيسي، قائلًا إنهم سيقودون البلاد إلى الفوضى والتمرد وتدمير الاقتصاد.

فيما لم يعترف ماكرون بالهزيمة، وفي بيان له، أشاد بالإقبال غير المعتاد على التصويت ودعا إلى تجمع واسع النطاق ديمقراطي وجمهوري واضح للجولة الثانية، لكن النتائج المتوقعة تشير إلى أن دعوته المبكرة لإجراء انتخابات برلمانية كانت فاشلة وأتت بنتائج عكسية.

ماكرون معزول سياسيًا

يواجه العديد من السياسيين الذين دعموا ماكرون لسنوات احتمال فقدان مقاعدهم، ما تركه معزولًا سياسيًا. وقد يظل رئيسًا حتى انتهاء ولايته في عام 2027، وقيل إنه لن يستقيل، ولكنه لن يكون قادرًا على منع اعتماد القوانين التي أقرتها أغلبية اليمين المتطرف أو سن سياسات جديدة في حالة وجود برلمان معلق.

ومن المرجح أن تثير نتائج الانتخابات مخاوف في العديد من العواصم الأوروبية، ففرنسا واحدة من الدول الأعضاء الأصلية في الاتحاد الأوروبي، وهي ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد، وقوة دافعة في شؤونه. ورغم أن حزب التجمع الوطني لم يعد يدعو إلى الخروج من الاتحاد، إلا أن العديد من مقترحاته لا تتفق مع سياسات الاتحاد الأوروبي.

تحدي ماكرون

هناك أمر آخر يتعلق بمدى تأثير اليمين المتطرف الفرنسي على دعم أوروبا لأوكرانيا وموقفها من روسيا. فقد بدأت لوبان بالفعل في تحدي قبضة ماكرون على السياسة الخارجية والدفاعية الفرنسية. وقال المدير الإداري لأوروبا في مجموعة أوراسيا، وهي شركة استشارية في مجال المخاطر السياسية، مجتبى رحمن، إن فرنسا تبدو وكأنها تتجه نحو الجمود والارتباك مع وجود برلمان معطل، وهذا ينبئ بأخبار سيئة بالنسبة لفرنسا والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.

فيما وصفت “واشنطن بوست” العملية الانتخابية بأنها بمثابة استفتاء على ماكرون، وقالت إنه نجح في الوقوف أمام لوبان مرتين في الانتخابات الرئاسية في عامي 2017 و2022. أستاذ العلوم السياسية في معهد العلوم السياسية في ليل، بيير ماثيو، قال إن تحالف ماكرون الوسطي قد ينهار في الفترة المقبلة، وأضاف: “سوف يعيد يمين الوسط تنظيم نفسه بدون ماكرون”.

ربما يعجبك أيضا