الانفصاليون الأوكرانيون.. كيف انفصلت دونيتسك ولوهانسك عن أوكرانيا؟

أحمد ليثي

روسيا تدعم المناطق الانفصالية اقتصاديًا عن طريق تقديم الإعانات، وعسكريًا عن طريق تزويدهم بالأسلحة


أعلن رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، دينيس بوشيلين، الذي تدعمه روسيا، إجلاء سكان منطقته الانفصالية إلى جنوب شرق روسيا يوم الجمعة، بعد سماع دوي انفجارات قوية مساء اليوم السبت، وسط دونيتسك شرقي أوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة رويترز للأنباء.

من جهته، أعلن الجيش الجيش الأوكراني مقتل جندي ثانٍ على خط الجبهة مع الانفصاليين المدعومين من روسيا، فيما يتخوف مراقبون من انطلاق عمليات عسكرية وسط اشتعال أعمال العنف في المنطقة، حيث استهدف الانفصاليون أكثر من 20 موقعًا باستخدام المدفعية الثقيلة المحظورة بموجب اتفاقيات مينسك.

ما الجمهوريات الشعبية دونيتسك ولوهانسك؟

وفقًا لرويترز، انفصلت المنطقتان دونستيك ولوجانسك عن جنوب شرق أوكرانيا في عام 2014، بعدما عمّت موجة من الاحتجاجات في دونستيك ولوهانسك، حدث على إثرها استفتاء عام صوّت فيه معظم السكان هناك لصالح الانفصال عن أوكرانيا.

تدير حكومات انفصالية المنطقتين، يتعامل معها معظم الدول على أنها دولتين بالوكالة لروسيا داخل أوكرانيا، بعدنا دخلتا منذ عام 2014 في صراع مع أوكرانيا، التي تشير إليهما على أنهما “مناطق محتلة مؤقتًا”، على غرار شبه جزيرة القرم، لكن المنطقتين تلقتا دعمًا عسكريًا وماليًا من موسكو منذ أن أعلنا انفصالهما بعد الثورة الأوكرانية في عام 2014.

تغطي المنطقتان مساحة تبلغ نحو 6500 ميل مربع وكانتا معروفتين قبل الحرب بصناعاتهما الثقيلة وتعدين الفحم، أولهما دونيتسك، وهي المدينة الأكبر، حظيت سابقًا بمطار دولي واستضافت مباريات خلال بطولة الأمم الأوروبية 2012، لكن القتال دمر المطار وترك الأراضي معزولة في الغالب عن بقية أوكرانيا في حالة اقتصادية مزرية، فيما لا تزال الحدود مع روسيا مفتوحة.

كيف بدأت الأزمة؟

وفقًا لموقع جلوبال كونفلكت تراكر، بدأت الأزمة في أوكرانيا باحتجاجات في العاصمة كييف في نوفمبر 2013 ضد قرار الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش برفض صفقة تكامل اقتصادي أكبر مع الاتحاد الأوروبي، لكن الاحتجاجات واجهت حملة قمع عنيفة اجتذبت عددًا أكبر من المتظاهرين وصعدت الصراع، ففر الرئيس يانوكوفيتش من البلاد في فبراير 2014.

في مارس 2014، صوّت سكان شبه جزيرة القرم للانضمام إلى الاتحاد الروسي في استفتاء عام، جعل روسيا تضم شبه الجزيرة، لكن لم تهدأ حدة الانقسامات العرقية، وبعد شهرين أجرى الانفصاليون الموالون لروسيا في منطقتي دونيتسك ولوهانسك بشرق أوكرانيا استفتاء لإعلان الاستقلال عن أوكرانيا.

في عام 2015، حاولت فرنسا وألمانيا وروسيا وقف العنف من خلال اتفاقيات مينسك، التي تتضمن أحكامًا لوقف إطلاق النار، وسحب الأسلحة الثقيلة، والسيطرة الكاملة للحكومة الأوكرانية على جميع أنحاء منطقة الصراع، لكن الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية دبلوماسية وحل مرضٍ باءت بالفشل.

ما الذي يحدث على أرض الواقع في شرق أوكرانيا؟

تصاعدت التوترات بعد أن فتح الانفصاليون المدعومون من روسيا النار على القوات الأوكرانية، ما أدى إلى إصابة مدرسة حضانة وإصابة 3 أشخاص، في حدث قالت عنه قوى غربية إن موسكو تستغله للبحث عن ذريعة للتدخل علنًا ​​في القتال دفاعًا عن الأراضي الانفصالية التي تسيطر عليها.

وفي هذا السياق، حشدت روسيا قوة قوامها ما يقرب من 150 ألف جندي في المناطق الحدودية بالقرب من أوكرانيا، وحذرت الولايات المتحدة من أن الغزو قد يكون “وشيكًا”.

ما علاقتهم بموسكو؟

من الناحية الرسمية، تعد موسكو الدولتين جزءًا من أوكرانيا ولم تعترف باستقلالهما، لكنها تتعامل مع قيادات الدول المعلنة غير رسمي، لدرجة أن موسكو تسيطر عليهما بالكامل بقيادة الكرملين، والإعانات الروسية التي تدعم الاقتصاد، والجيش الروسي يوفر الحماية والأسلحة.

وفقًا لأسوشيتد بريس، استولى المتمردون المسلحون في المنطقة الشرقية التي يتحدث معظم سكانها اللغة الروسية على المباني الحكومية وأعلنوا “جمهوريات شعبية” في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، وتحرك الجيش الأوكراني والكتائب المتطوعين لإخماد الاضطرابات، لكن لأن موسكو كانت تدعم المنطقتين، فشل الجيش الأوكراني في إخماد الاضطرابات.

لماذا لم تضم روسيا المنطقتين؟

يمكن لروسيا فكرة الاعتراف باستقلال المنطقتين عن أوكرانيا، لكنها لا تريد ذلك أو حتى ضم المنطقتين لأسباب عديدة، منها أنها تزود موسكو بنفوذ كبير في معركتها مع كييف؛ لأن روسيا تريد إعادة الأراضي الأوكرانية، نظرًا لخوفها من انضمامها لحلف النيتو، وإذا اعترفت روسيا باستقلالها أو ضمت هذه المناطق، فإن هذه الخطة، إلى جانب اتفاق مينسك لوقف إطلاق النار في دونباس الموقع في عام 2015 سينهار.

وبحسب جريدة الجارديان، يشعر كثير من الروس بانجذاب قوي للمنطقة، فيما ينظر المواطنون الروس العاديون إلى شبه جزيرة القرم على أنها جزء مهم من تاريخهم الثقافي وأن أسطول البحر الأسود الروسي موجود هناك، إلا أن هناك قليلًا مما يربط الروس العاديين بشرق أوكرانيا، ومع ذلك، منحت روسيا مئات الآلاف من جوازات السفر في المنطقة وساعدت في دمج اقتصادها مع اقتصاد روسيا.

من يسكن هذه المناطق؟

لا يزال هناك ما يقل قليلاً عن 3 ملايين شخص في هذه المناطق، 38% منهم متقاعدون، وهو أقل من نصف عدد السكان قبل الحرب، بينما أظهرت الأدلة الاستقصائية أن عديدًا من الأشخاص الذين بقوا هم أولئك الذين عارضوا بشدة ثورة 2014، التي أطاحت بالزعيم الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، وأولئك الذين يعانون من فقر شديد، لكن المعارضة الشعبية فيها تكاد تكون معدومة.

وفقًا لأسوشيتد بريس، أصبح من الصعب للغاية على الصحفيين المستقلين الوجود في هذه المنطقة، بسبب القيود التي تفرضها السلطات المحلية، وصعوبة الوصول إلى المناطق عبر أوكرانيا، ولذلك، كتب صحفي أوكراني عائد إلى دونيتسك لأول مرة منذ 2014، في وقت سابق من هذا العام “أشعر وكأنني سائح هنا، أو بطل قصة ركب آلة الزمن وعاد إلى الماضي، ووجدت أن كل شيء قد تغير بقدر لا يمكن التعرف عليه”.

كم عدد القوات هناك؟

ليس من الواضح حجم القوة الموجودة في المنطقتين، لكن أوكرانيا زعمت أن هناك “35 ألف فرد عسكري و481 دبابة قتالية، و914 مركبة قتالية مدرعة، و720 نظامًا مدفعيًا، و202 نظام إطلاق صاروخي متعدد على أراضي دونباس غير الخاضعة للرقابة”. لكن وفقًا لروكان للاستشارات العسكرية، هذه الأرقام مبالغ فيها.

ربما يعجبك أيضا