البابا يعتذر عن ممارسات دعمتها الكنيسة ضد السكان الأصليين.. ماذا حدث؟

أحمد ليثي

دفعت كندا تعويضات بلغت مليارات الدولارات تم تحويلها إلى مجتمعات السكان الأصليين، كجزء من تسوية دعوى قضائية تشمل الحكومة والكنائس وحوالي 90 ألف ناجٍ


أصدر البابا فرانسيس اعتذارًا تاريخيًا، أمس الاثنين  25 إبريل 2022، عن تعاون الكنيسة الكاثوليكية مع سياسة كندا الكارثية للمدارس الداخلية للسكان الأصليين.

وبحسب تقرير نيكول وينفيلد في أسوشيتد برس، المنشور أمس الاثنين، قال بابا الفاتيكان إن الاندماج القسري للسكان الأصليين في المجتمع المسيحي دمر ثقافاتهم، وفرق عائلاتهم، وقطع نسلهم، والتي استمرت لعقود في كندا وكذلك في الولايات المتحدة.

البابا يعتذر

قال فرانسيس وسط تصفيق الناجين من نظام المدارس الداخلية وأفراد المجتمع من السكان الأصليين المجتمعين في مدرسة داخلية سابقة جنوب إدمونتون: “أنا آسف بشدة”، واصفًا سياسة المدرسة بـ”خطأ كارثي” التي لا تتوافق مع تعاليم الإنجيل، مشيرًا إلى وجود مزيد من التحقيق في هذه الممارسات وإعلانها والاعتذار عنها.

ونقل التقرير ما جاء في خطابه،  فقال البابا: “أتوسل بكل تواضع ليصفح السكان الأصليين عن الممارسات التي ارتكبها عديد المسيحيين ضدهم”.

اعتداءات جسدية وجنسية

تحمل البابا المسؤولية المؤسسية عن تعاون الكنيسة مع سياسة الاستيعاب الكارثية التي انتهجتها كندا، والتي قالت لجنة الحقيقة والمصالحة في البلاد إنها ترقى إلى مستوى إبادة جماعية ثقافية، فأُجبر نحو 150 ألف طفل من السكان الأصليين في كندا على الالتحاق بالمدارس المسيحية التي تمولها الحكومة من القرن الـ19 حتى السبعينات في محاولة لعزلهم عن تأثير منازلهم وثقافتهم.

واعترفت كندا بتفشي الاعتداء الجسدي والجنسي في المدارس، فتعرض الطلاب للضرب بسبب تحدثهم بلغاتهم الأصلية، واستشهد قادة السكان الأصليين بأن هذه الإساءات والعزل عن الأسرة تعتبر سببًا جذريًا للإدمان الوبائي للكحول والمخدرات الذي تعاني منه المجتمعات الكندية هذه الأيام.

مواقع دفن مراهقين وإيذاء للأطفال

بحسب التقرير، اكتشفت المئات من مواقع الدفن المحتملة في المدارس الداخلية في العام الماضي في المدارس في كندا والولايات المتحدة، ودفعت هذه الاكتشافات البابا للامتثال لدعوة لجنة الحقيقة للاعتذار عن الممارسات المسيحية؛ فشغلت الطوائف الدينية الكاثوليكية 66 مدرسة من أصل 139 مدرسة داخلية في البلاد.

وقالت الناجية إيفلين كوركماز: “انتظرت 50 عامًا من أجل هذا الاعتذار، وأخيرًا سمعته اليوم، أنا مبتهجة، وحزينة، لكن كنت آمل في سماع خطة عمل من البابا بشأن ما سيفعله بعد ذلك للمصالحة، بما في ذلك الإفراج عن ملفات الكنيسة الخاصة بالأطفال الذين ماتوا في المدارس”.

كندا تدفع تعويضات

بحسب التقرير، دفعت كندا تعويضات بلغت مليارات الدولارات جرى تحويلها إلى مجتمعات السكان الأصليين، كجزء من تسوية دعوى قضائية تشمل الحكومة والكنائس ونحو 90 ألف ناجٍ، وتقول الكنيسة الكاثوليكية في كندا إن أبرشياتها ورهبانياتها قدمت أكثر من 50 مليون دولار نقدًا ومساهمات عينية، وتأمل في إضافة 30 مليون دولار أخرى على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وأوضح الباب أن المبشرين الكاثوليك كانوا يتعاونون مع سياسة الحكومة التي وصفها بالعقلية الاستعمارية، وينفذونها، لكنه لم يشر إلى المراسيم البابوية في القرن الـ15 التي قدمت الدعم الديني للقوى الاستعمارية الأوروبية في المقام الأول.

البابا لا يطلب الصفح عن أخطاء الكنيسة

قال أستاذ الدراسات الدينية واللاهوتية في كلية كونراد جريبيل الجامعية في واترلو، جيريمي بيرجن، إن البابا فرانسيس أوضح أنه كان يطلب الصفح عن تصرفات أعضاء الكنيسة ولكن ليس المؤسسة بأكملها، متابعًا: “الفكرة هي أن الكنيسة نفسها، بصفتها جسد المسيح، بلا خطيئة”.

وأضاف بيرجن عبر البريد الإلكتروني: “لذلك عندما يرتكب الكاثوليك أشياء سيئة، فإنهم لا يتصرفون حقًا نيابة عن الكنيسة”، مشيرًا إلى أنها فكرة مثيرة للجدل يختلف بشأنها عديد اللاهوتيين الكاثوليك.

الأعمال الخيرية لم تتوقف

قال البابا فرانسيس، إن الممارسات أثرت بنحو لا يمحى على العلاقات بين الآباء والأطفال والأجداد والأحفاد، داعيًا إلى مزيد من التحقيق، في إشارة محتملة إلى مطالب لمزيد من الوصول إلى سجلات الكنيسة وملفات الموظفين الخاصة بالكهنة والراهبات لتحديد مرتكبي الانتهاكات.

وأضاف: “لكن الأعمال الخيرية المسيحية لم تتوقف، فتوجد عديد الشخصيات البارزة التي تمثل نماذج للإخلاص والرعاية للأطفال، إلا أن الآثار الإجمالية للسياسات المرتبطة بالمدارس الداخلية كانت كارثية، وما يخبرنا به إيماننا المسيحي هو أن هذا كان خطأ فادحًا، ولا يتوافق مع الإنجيل”.

ربما يعجبك أيضا