البرازيل تميل «يسارًا» بعد أول جولة من انتخابات الرئاسة

أحمد ليثي

يعد كل من بولسونارو ودا سيلفا خصمين لدودين، فقد قضيا معظم فترة الحملة الانتخابية في تبادل الاتهامات والإهانات، وفي المناظرة التلفزيونية الأخيرة قبل التصويت، وصف الرئيس بولسونارو غريمه بأنه لص


تدخل الانتخابات البرازيلية جولة ثانية يواجه فيها الجناح اليساري بقيادة لولا دا سيلفا، الرئيس السابق للبرازيل، اليميني المتطرف، الرئيس الحالي، جايير بولسونارو.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، في تقريرها، الاثنين 3 أكتوبر 2022، أن دا سيلفا، تقدم على بولسونارو، بواقع 48% من الأصوات مقابل 43% من الأصوات لمنافسه، وهي نتيجة قريبة مما أظهرته استطلاعات رأي.

جولة إعادة

بحسب “بي بي سي”، ظل الانتصار الحاسم في الجولة الأولى من الانتخابات في البرازيل أمرًا صعبًا، فقد حدث هذا لآخر مرة منذ 24 عامًا، ولم يحصل دا سيلفا على أكثر من 50% من الأصوات، وهي النسبة الصحيحة من الأصوات اللازمة لعدم الحاجة إلى إجراء جولة إعادة، ويفصل الناخبين عن الجولة الثانية 4 أسابيع حتى يقرروا أيهما سيقود البرازيل.

من جهته، خاطب دا سيلفا وسائل الإعلام في فندق بوسط ساو باولو، قائلًا إن نتائج الجولة الأولى مجرد تأجيل لرئاسته البرازيل رسميًّا، للمرة الثانية في تاريخه، ولم يتمكن عامل النظافة السابق البالغ من العمر 76 عامًا من الترشح لانتخابات 2018، نظرًا لدخوله السجن بعد إدانته بتهم فساد أُسقطت عنه لاحقًا.

الفوز من الجولة الأولى

وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، في تقريرها المنشور، الاثنين 3 أكتوبر 2022، قال دا سيلفا بعد أولى جولات الانتخابات إنه كان يأمل في الفوز بالجولة الأولى، لكنه سيضاعف جهوده لاستعادة السلطة ما دام الأمر اقتضى جولة ثانية، معربًا عن أمله في حسم هذه الانتخابات.

وقال الرئيس السابق لأنصاره إنه يتعين علينا التصرف كفريق كرة قدم، نأخذ استراحة لمدة ربع ساعة ثم نعود لتسجيل أهداف، في حين أبدت رئيسة حزب العمال البرازيلي المنتمي إليه دا سيلفا، جليسي هوفمان، تفاؤلها بشأن نتائج الانتخابات، خاصة بعد حصد أكثر من 56 مليون صوت.

خصمان لدودان

يعد كل من بولسونارو ودا سيلفا خصمين لدودين، حيث قضيا معظم فترة الحملة الانتخابية في تبادل الاتهامات والإهانات، وفي المناظرة التلفزيونية الأخيرة قبل التصويت، وصف الرئيس بولسونارو غريمه لولا بأنه لص، في إشارة إلى تهم الفساد التي وضعته في السجن مدة 580 يومًا قبل نفي الاتهامات عنه.

من جهته، ذكر الرئيس السابق مرارًا وتكرارًا أن التهم الموجهة إليه ذات دوافع سياسية، ووصف بولسونارو بالمجنون، ولم يكن من المستغرب تسرب هذا التنافس إلى الشارع، فقد خرج مناصرو بولسونارو في مظاهرات يتهمون دا سيلفا بالسرقة، داعين الناس للتصويت لغريمه في الانتخابات.

إجراءات لحماية البيئة

وفقًا لبي بي سي، قال دا سيلفا إنه سيعزز الإجراءات التي من شأنها حماية غابات الأمازون المطيرة، خاصة بعدما ارتفعت حدة إزالة الغابات وحرائق الغابات خلال فترة حكم الرئيس بولسونارو، ما جعل نشطاء المناخ يحذرون من أنه إذا أعيد انتخابه، فقد تصل المنطقة إلى منعطف خطير.

من جهتهم، يشير نقاد إلى أن سجل بولسونارو البيئي مؤسف، ولا يعبر عن اهتمامه بالبيئة، ورغم محاولته إرضاء نشطاء بيئيين بالترويج لمشاريع زراعية في برنامجه الانتخابي، لكن دعم دا سيلفا هو الخيار الأول للنشطاء، لا سيما مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي فاقمت الفقر والجوع.

فرحة في الانتخابات البرازيلية

ارتفاع الأسعار

اعترف بولسونارو بمخاوف البرازيليين من ارتفاع الأسعار في بيان بعد إعلان النتائج، وقال: “أفهم أن الناس يصوتون بناء على الوضع الذي يعيشه الشعب البرازيلي، فالبرازيليون يشعرون بارتفاع الأسعار، خاصة أسعار السلع الأساسية، ورغم تفهمي لرغبة الناس في التغيير، فإنه يمكن أن يكون للأسوأ”.

ومن ناحية أخرى، تحدث ناخبون عن أزمات في التعليم، وشكوا من المستويات المرتفعة من عدم المساواة في البرازيل كقضايا يريدون من الرئيس الجديد معالجتها. ومن جهتها، قالت رئيسة حزب العمال إن تلك القضايا على أولويات أجندة الحزب، وإن دا سيلفا قادر على حلها.

مخاوف متنامية

قال إدواردو ميلو، أستاذ العلوم السياسية في مؤسسة جيتوليو فارجاس، المسماة باسم رئيس البرازيل السابق، لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في تقرير نشرته، الاثنين 3 أكتوبر 2022، إن أداء اليمين أفضل مما كان متوقعًا، خاصة في ساو باولو، وقد فاز 9 من وزراء حكومة بولسونارو السابقين في انتخابات الكونجرس.

وأشار إلى أن المخاوف ستزداد الآن في ظل عدم حسم نتائج الانتخابات، خاصة بعدما هاجم بولسونارو مرارًا نزاهة نظام التصويت الإلكتروني في البلاد، واصفًا استطلاعات الرأي بأنها صورية، وقال إنه يثق في البيانات الواردة من الناس، في إشارة إلى مسيراته الانتخابية الكبيرة والصاخبة.

فوضى انتخابية

قال خبراء، لم تسمهم فاينانشال تايمز، إن دا سيلفا وبولسونارو يتبادلان معدلات رفض عالية، ومن المرجح أن يزيدا الهجمات الشخصية في الأسابيع المقبلة قبل الجولة الثانية من الانتخابات، أكثر من مناقشة السياسات، خاصة في ظل تزايد فرص دا سيلفا في الفوز بالانتخابات.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة إنسباير في ساو باولو ،كارلوس ميلو: “يمكننا أن نتوقع نزاعًا وكثيرًا من التوتر، وإمكانية أن يشكك بولسونارو في نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية”.

أسابيع صعبة

وفقًا لتقرير فاينانشال تايمز، سوف يتنافس الغريمان على 7.2% من الأصوات التي أُدلي بها لمرشحي المركزين الثالث والرابع اللذين أقصاهما الناخبون من سباق الانتخابات، سيمون تيبيت واليساري سيرو جوميز، لعدم حصول أي منهما على ثقة الناخبين.

ومن جهته، قال ماريو ماركونيني، العضو المنتدب في شركة تينيو للعلاقات العامة والاستشارات: “سيركز بولسونارو على المشاعر المعادية لدا سيلفا واستغلال تهم الفساد التي وُجهت ضده رغم إسقاطها لاحقًا، على أن يواصل الأخير سياساته القائمة على بناء التحالفات وقيادة الحركة الديمقراطية”.

ربما يعجبك أيضا