البرلمان أقر أعيادًا مذهبية.. ترسيخ الانقسام الطائفي في العراق

أعياد مذهبية وعرقية.. العراق دولة ملوك الطوائف

يوسف بنده

أثار إقرار البرلمان العراقي عيد الغدير عيدًا وطنيًا عاصفةً من الجدل، حيث اعتبرته أحزاب سياسية وجهات دينية تكريسًا للانقسام الطائفي وترسيخا لهوية على حساب أخرى في العراق.


يعبر البرلمان العراقي عن وجه المجتمع التعددي الطوائف والأعراق، ويعبر أيضًا عن التيارات السياسية المهيمنة على الحياة العامة في الدولة العراقية التي تشكلت بعد عهد الرئيس الأسبق صدام حسين.

يتشكل هذا البرلمان من 329 مقعدًا توزع على المحافظات حسب عدد سكانها، و9 مقاعد كوتة للأقليات، لكن التركيبة الطائفية والعرقية تساهم بشكل واضح في تشكيل الكتل السياسية في هذا البلد.

ornepP22Ud 1716412998

نواب البرلمان العراقي

كتل سياسية طائفية

التيارات والائتلافات التي شكلت الكتل السياسة في البرلمان العراقي، نجدها مبنية على رؤى واتجاهات مذهبية وعرقية ما جعل المواطن العراقي يتم استقطابه تجاهها، ويموج في صراعات مذهبية وعرقية، بدلًا من تأييده لأحزاب تقدمية تتجاوز البنية الطائفية للمجتمع العراقي.

نجد “الإطار التنسيقي” يمثل الأحزاب الشيعية خاصة المقربة من إيران، و”ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، والذي يمثل أيضًا أحزابًا شيعية، و”تيار الحكمة” التابع لرجل الدين الشيعي عمار الحكيم و”ائتلاف النصر” بقيادة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، و”ائتلاف الفتح” المقرب من فصائل الحشد الشعبي الشيعية المسلحة، و”التيار الصدري” الذي يمثل رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، بالإضافة إلى كتل سنية وأخرى كردية.

أعياد العراق الرسمية

الأعياد الرسمية في العراق

أعياد مذهبية وعرقية

حسب تقرير موقع البرلمان العراقي، الأربعاء 22 مايو 2024، فقد صوت مجلس نواب البرلمان على “مشروع قانون العطلات الرسمية المقدم من لجان الأوقاف والعشائر، والقانونية، والثقافة والسياحة والأثار والاعلام، والذي جاء لإبراز المناسبات الرسمية المرتبطة بحياة ومشاعر الشعب العراقي وتنظيم العطلات الرسمية”.

لكن يبدو أن التركيبة الطائفية للبرلمان قد طغت وجه الدولة العراقية الرسمي، ليتم إضفاء طابع طائفي على التعديلات التي جرت على قانون العطلات الرسمية، إذ تم إقرار أعياد ترتبط بالمذاهب والأعراق بدلاً من الاهتمام بيوم تأسيس الجمهورية التي تمثل مظلة النظام الديموقراطي، والذي يصادف 14 يوليو.

فقد أقر البرلمان العراقي «عيد الغدير» عطلة رسمية في عموم البلاد، الذي يصادف في التقويم الهجري 18 من ذي الحجة، ويمثل المذهب الشيعي.

كما أقر النواب إعلان عيد نوروز ورأس السنة الكردية عطلة رسمية في عموم العراق، الذي يصادف 21 مارس.

أيضًا، وافق البرلمان في إطار الأعياد المرتبطة بالقومية الكردية، اعتبار يوم 16 مارس والذي يوافق ذكرى قصف مدينة حلبجة بكردستان العراق بالأسلحة الكيمياوية، عطلةً وإضافته إلى قانون العطلات الرسمية في عموم البلاد.

عطلات رسمية خاصة

الأعياد الرسمية الخاصة في العراق

معالجة فوضى العطلات

دافع النائب عارف الحمامي، عضو اللجنة القانونية النيابية، عن العطلات الطائفية التي أقرها البرلمان، وحسب موقع إيه بي سي العراقي، الأربعاء 22 مايو، فقال عارف: إن “قانون العطل والمناسبات يساهم بمعالجة الفوضى والتقاطعات في إعلان المحافظات عن مواعيد للعطل من دون توحيدها في تواريخ محددة”.

وقال الحمامي في تصريحات تلفزيونية، اليوم الخميس 23 مايو، إن “التصويت على عطلة عيد الغدير يمثل مناسبة مهمة لتوحيد المسلمين ونبذ الفرقة والطائفية، إذ يؤيد الكثير من أبناء السُنة المعتدلين هذا الطرح، ولا يعترض عليه إلا الأشخاص الذين يحملون العقد المذهبية والحس الطائفي الساعي للفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وهم قليلون”.

ornepP22Ud 1716412998

نواب البرلمان العراقي

خلافات مذهبية

أثار إقرار البرلمان العراقي عيد الغدير عاصفة من الجدل في البلاد، حيث اعتبرته أحزاب سياسية وجهات دينية تكريسًا للانقسام الطائفي وترسيخًا لهوية على حساب أخرى في العراق.

وحسب تقارير إعلامية عراقية، الأربعاء 22 مايو، فقد أثار عيد الغدير جدلًا واسعًا، إذ جاءت دعوات سنية لإقرار ذكرى “يوم سقيفة بني ساعدة” كعطلة رسمية مضادة، لتؤجج مسائل مثيرة للطائفية داخل المجتمع العراقي بعد سنوات من اختفائها، إذ يمثل الغدير عند الشيعة يوم تنصيب الإمام علي وليًا، ويوم سقيفة بني ساعدة عند السُنة إعلان خلافة أبي بكر الصديق.

وعلى منصة إكس، الأربعاء 22 مايو، قال السياسي السني، مشعان الجبوري، إن “تحويل عيد الغدير لعيد وطني سيؤدي إلى حساسيات، الشعب العراقي في غنى عنها”. مضيفًا: أن “محاولة تشريع عطلة عيد الغدير تعني عمليًا تبني سردية دينية شيعية.. لا وجود لها بالمطلق في السردية السنية”.

بيان الصدر

بيان مقتدى الصدر، 22 مايو

عودة سياسية لمقتدى الصدر

بدا إقرار عيد الغدير عطلة رسمية انتصارًا للتيار الصدري، وعودة سياسية لزعيمه مقتدى الصدر، إذ فور التصويت على القانون، دعا الصدر العراقيين إلى التوجه للمساجد متشحين بالرداء الأخضر للصلاة ركعتين شكرًا لله تعالى، حسبما نقلت صحيفة الزمان العراقية الخميس.

ويأتي هذا القانون بعد حراك طويل في الشارع من جانب الصدر، فقد كتب على منصة إكس، 19 أبريل الماضي: “بأمر من الشعب والأغلبية الوطنية المعتدلة بكل طوائفها، يجب على مجلس النواب تشريع قانون يجعل من الثامن عشر من شهر ذي الحجة (عيد الغدير) عطلة رسمية عامة لكل العراقيين، بغض النظر عن انتمائهم وعقيدتهم”.

وطالب زعيم التيار الصدري، الجمعة 17 مايو، البرلمان العراقي بالتصويت على جعل عيد الغدير عطلة رسمية. ودافع الصدر عن مطلبه بأنه درءٌ للطائفية وتفعيل للتعايش السلمي، إذ اعتبر الغدير هو يوم إعلان محبة رسول الإسلام للإمام علي.

ربما يعجبك أيضا