البرلمان الفنلندي يناقش الانضمام إلى حلف الناتو.. فماذا سيكون موقف موسكو؟

علاء بريك
علم فنلندا - أرشيفية

بدأت في البرلمان الفنلندي مناقشات الانضمام إلى حلف الناتو وسط تأييد أغلبية الأحزاب السياسية الفنلندية لهذا الانضمام وتأييد الأغلبية الشعبية له، فما القصة؟


بدأ البرلمان الفنلندي يوم أمس الأربعاء 20 إبريل 2022، مناقشاتٍ بشأن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

ويأتي هذا النقاش، في ظل تحول تاريخي في الموقف الشعبي في فنلندا من الانضمام إلى الحلف، وفي ظل تغيّر في المشهد الأمني الأوروبي والفنلندي، فهل يكون هذا الانضمام حلًّا لمخاوف فنلندا الأمنية أم يكون إقدامها على ها التحالف مأزقًا يهدد بضربة نووية؟

لِمَ فنلندا خارج الناتو؟

بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تقاربت فنلندا في العقود الأخيرة مع الناتو بدخولها في برنامج شراكة السلام عام 1994 وتقديمها المعونة في بعض مهمات الناتو وعملياته في بعض الدول، وبعد اجتياح أوكرانيا زاد التعاون العسكري والاستخباري بينها وبين الناتو، وحضرت اجتماعه الاستثنائي في 24 مارس الماضي.

وعلى الرغم من هذا التقارب، فإن هلسنكي قد حافظت على سياسة عسكرية وأمنية حيادية طوال تاريخها، وفضَّلت تبني خيار عدم الانجياز ونسجت علاقات متوازنة مع موسكو والناتو، وقد نهجت فنلندا مقاربة أمنية متوازنة إزاء روسيا حافظت فيها على الحياد العسكري والبقاء خارج الناتو.

لِمَ يجر طرح خيار الانضمام إلى الناتو الآن؟

أظهرت نتائج استطلاع أجرته هيئة الإذاعة الفنلندية في 2017 أن أغلبية الفنلنديين 80% يؤمنون بضرورة بقاء فنلندا خارج حلف الناتو، وقد كانت هذه الأغلبية تزداد منذ عام 2014. لكن مع الاجتياح الروسي لأوكرانيا أبدى أكثر من نضف الفنلنديين موافقتهم على تسريع عملية الانضمام إلى الحلف، بحسب استطلاع أجرته الهيئة في 28 فبراير 2022 ووصفت هذا التحول في الموقف بالتاريخي.

وفي مارس الماضي أعادت الهيئة الاستطلاع، وكانت النتائج تشير إلى ارتفاع تأييد الفنلنديين الانضمام إلى الناتو، والسبب الرئيس لهذا التحول هو الاجتياح الروسي لأوكرانيا وتغيُّر المشهد الأمني في فنلندا وأوروبا، بحسب تقريرٍ نشرته الحكومة الفنلندية في 13 إبريل 2022. وقالت الحكومة الفنلندية، في هذا التقرير، إنها ستواصل جهودها الدبلوماسية وتعزز قدراتها الدفاعية وتكثِّف تعاونها مع الشركاء الرئيسين.

ما رد الفعل الروسي؟

تخشى فنلندا ما قد تفعله روسيا في ما بين تقديمها الطلب وانضمامها رسميًّا، فقد دأبت روسيا على التحذير من الانضمام إلى الناتو، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في تصريح لقناة روسيا-24، أمس الأربعاء، “نُعرِب عن عميق قلقنا علنًا وعبر القنوات الثنائية… لقد أعلمناهما [فنلندا والسويد] بذلك وتعلمان ما يترتب على هذا”.

ومن جانب آخر، اخترقت طائرات روسية الأجواء الفنلندية يوم 8 إبريل 2022، ما يهدد الأمن الفنلندي بحسب ما نشرت هيئة الإذاعة الفنلندية على موقعها. وفي اليوم ذاته تعرضت مواقع حكومية فنلندية على الإنترنت إلى هجمات إلكترونية وكان جهاز الأمن الفنلندي قد حذّر في وقت سابق من أن روسيا ستزيد عمليات التجسس والاختراق ضد فنلندا، حسب ما نشرت شبكة “بلومبرج”.

مأزق أم حل؟

تقف فنلندا في مواجهة مأزقٍ أمني، فتسعى إلى تحقيق نوع من توازن القوى بينها وبين جارتها القوية عبر اللجوء إلى الناتو، لكن روسيا لا ترى في هذا سوى تهديد لأمنها، وقد وصف مستشار الرئيس الروسي الإعلامي، ديمتري بيسكوف، الناتو بأنه “أداة ترمي إلى المواجهة والاشتباك”، وتابع “لن يجلب انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو الاستقرار إلى القارة الأوروبية”.

أمام روسيا خياران، إما السعي إلى تعظيم قوتها عبر سباق تسلح، وإما خفض التهديد عبر الوسائل العسكرية، فالحرب الأوكرانية نفسها كانت وليدة عجز روسيا عبر سباق تسلح عن موازنة القوى مع توسع الناتو. وفي ضوء عجز روسيا عن موازنة القوى مع الناتو في المجال غير النووي، قد يغدو خيار الضربة النووية الاستباقية خيار بوتين الوحيد، بحسب أستاذة دراسات الحرب في جامعة لوفبورو كارولين كينيدي-بايب.

ربما يعجبك أيضا